مصريات يكشفن وقائع الاعتداء عليهن عبر وسم «أول محاولة تحرش كان عمري»

الأربعاء 12 أبريل 2017 07:04 ص

قررت مجموعة من الفتيات والسيدات في مصر، فتح خزانة أسرارهن وسرد ما وقع لهن من حالات تحرش عبر وسم «#أول_محاولة_تحرش_كان_عمري» بهدف وقف التحرش الجنسي بالأطفال والنساء في مصر.

حيث جاءت فكرة الهاشتاق الذي لاقى تفاعلا كبيرا من قبل المدونين والنشطاء بعد واقعة تحرش جماعي ﻹحدى الفتيات بمدينة الزقازيق، بدلتا النيل شمالي مصر، تجمع عشرات الشباب حولها مؤخرا ولم يتركوها إلا بعد مطاردة الشرطة لهم.

كما تأتي الفكرة بعد واقعة اغتصاب رضيعة، لم تتجاوز العامين، على يد عامل، شمالي مصر، نهاية الشهر الماضي، أثارت الرأي العام الذي طالب بإعدام الجاني.

وقد اتفقت رواياتهن عن حوادث العنف الجنسي الموجهة للأطفال مع دراسة حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، بأن 85% من ضحايا العنف الجنسي بمصر هم من الأطفال.

ووفقا لتقديرات المجلس القومي لحقوق المرأة، فإنه لا يمر يوم في مصر إلا وتتعرض 70% من النسوة للتحرش الجنسي في الشوارع.

وحول ذلك، تروى «ندى حمدي» أول واقعة تحرش تعرضت والتي كانت على يد ابن عمها، الذي يكبرها بـ24 سنة، لافتة إلى أنه منذ هذا اليوم ولم تتوقف حوادث التحرش التي تتعرض لها. وتضيف أن الواقعة الثانية، حدثت وهي في العاشرة من عمرها، من أحد جيرانها وصديق والدها البالغ من العمر 55 عامًا، ومرة أخرى من زوج أمها وكانت لا تزال طفلة، وتختم تدوينتها قائلة: «سيب القوس مفتوح» في إشارة لتواصل وتكرار التعديات عليها.

بينما قالت «فاطمة جمال» عبر الوسم الذي لاقى رواجًا واسعًا عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن أول واقعة تحرش تعرضت لها كانت وهي في التاسعة من عمرها، وكان المتحرش في العشرينيات.  وتقول: «قررت التعامل مع الأمر وأبلغت أسرتي إلا أنهم اتهموني باختلاق قصص».

وفي واقعة أكثر بشاعة قام به معلم بإحدى طالباته، قالت رشا شاهين: «كنت حوالي ١٢سنة وكنت أرتدي بنطالا ضيقا من الجينز، وكان يأتي للمنزل معلم عجوز تحرش بي مرارا حتى صرخت فيه وحضرت والدتي وطلبت منه عدم تكرار الأمر».

وكان لبعض المشاهير والشخصيات المؤثرة على مواقع التواصل، روايات مع التحرش التي شاركوها عبر الوسم ذاته، حيث روت «ياسمين الخطيب»، أول حادثة تحرش حدثت معها عبر حسابها على فيسبوك الذي يتابعه 378 ألف شخص، ودعت الفتيات للتفاعل مع الوسم، لمواجهة هذه الظاهرة. كاشفة أن أول واقعة تحرش حدثت معها كانت على يد طبيب، «وتوالت المحاولات من يومها ومعظمها كانت من أطباء بمستشفيات خاصة».

يأتي ذلك في الوقت الذي غلظت مصر في عام 2014، العقوبة على جريمة التحرش الجنسي لتصل إلى الحبس 6 أشهر وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، أي ما يعادل 165 دولارًا، ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه، أي ما يعادل 277 دولارًا أمريكيا.

كما توسع القانون في تعريف جريمة التحرش ليشمل «كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية».

على الجانب الأخر، تحدث استشاري الطب النفسي المصري، الدكتور «جمال فرويز» عن الآثار النفسية التي يمكن أن تحدث بسبب التحرش، موضحًا أن الفتيات اللاتي يتعرضن للتحرش، يمكن أن يصبن بحالات اكتئاب لحظية إذا كان الأمر مجرد كلمة. ويضيف في تصريحات لوكالة «الأناضول»أن النساء اللاتي يتعرضن لحالات تحرش أو عنف جنسي قاسٍ، يصبن بحالات «هلع دائم أو ما يمكن تسميته بأعراض ما بعد الصدمة، فلو تعرضت سيدة للتحرش وهي تسير بأحد الشوارع من شخص يقود دراجة نارية مثلا، من الوارد أن تشعر بالخوف وتصدر حركات غير إرادية كلما مرت بجوارها دراجة».

ويشير استشاري الطب النفسي إلى أنه يمكن أن تدخل بعض الفتيات اللاتي يتعرضن لحالات وقائع عنف جنسي قاسية لحالة من البكاء الهستيري أو التبول اللاإرادي. ورغم تكرار حوادث العنف الجنسي بمصر، إلا أن فرويز، يرفض وصفها بالظاهرة، مشيرا إلى أن الحكم على فعل بأنه ظاهرة يجب أن يكون ربع المجتمع يفعله بشكل معتاد.

ويرجع الخبير تكرار مثل هذه الحوادث لغياب الوازع الديني، والانهيار الأخلاقي، والثقافي، إضافة لـ «تنامي بعض الأفكار المتطرفة بالمجتمع التي تحرم كل شيء»، ويشير إلى أن بعض وسائل الإعلام تساهم في انتشار مثل هذه الحوادث السلبية، من خلال تقديم رسائل إعلامية هابطة، تساعد على نشر الأفكار المنحرفة بين الشباب المصريين.

وتتفق معه «سامية خضر»، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، في أن وسائل الإعلام هي السبب الرئيسي في انتشار التحرش الجنسي بشوارع مصر. وتقول في تصريحات للوكالة نفسها، إنه منذ ما يقرب من 20 عامًا تقريبا، لم يقدم في الإعلام المصري على اختلاف قنواته برنامج تعليمي أو تربوي ناجح، ولم يقدم أي عمل فني يعلي من قيم الأخلاق.

وتضيف أن المؤسسات المعنية برعاية الأطفال والمرأة بمصر لا تقوم بدورها على النحو الكامل، فلم يتدخل البرلمان لوقف أي برنامج أو عمل فني مسيء للمرأة، أو يضر بالأسرة المصرية، رغم وجود 90 امرأة ضمن أعضاء البرلمان المصري من أصل 596. وتشير إلى أن المجلس القومي للمرأة، والقومي للطفولة والأمومة أيضا لا يعملان بشكل جيد في الملفات المتعلقة بمكافحة التحرش، والعنف الجنسي الذي تتعرض له السيدات والفتيات.

وتوضح «خضر» أن أساليب مواجهة مثل هذه الظواهر تكمن في اهتمام الأسر ببناتها وألا تترك الأم ابنتها في الشارع وحدها، طالما أنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها، وعمل حملات توعية مكثفة تشارك فيها كل المؤسسات المعنية، والرقابة على الرسالة الإعلامية التي تبث في الإعلام المصري.

يأتي ذلك بعد أيام من إطلاق عدد من النساء المصريات والناشطات الحقوقيات والحزبيات حملة توقيعات على بيان موحد يحمّل الحكومة المصرية مسؤولية التراخي عن مواجهة تزايد حالات التحرش بالفتيات خلال الآونة الأخيرة.

وجاء في البيان: «تابع الموقعون أدناه بقلق شديد تزايد ظاهرة العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام، حيث وقعت جريمة اعتداء جنسي جماعي ضد طالبة جامعية في مدينة الزقازيق (دلتا النيل/شمالاً) يوم الجمعة 31 مارس/آذار الماضي، في الوقت الذي تتحدث فيه الدولة عن النساء كأولوية واعتبار 2017 عام المرأة». معتبرين أن «كل ما يمارسه المجتمع من عنف ضد النساء تتحمل مسؤوليته الدولة التي تعتبر مكافحة هذه الجرائم أمرا ثانويا، بل وتشترك بعض أجهزتها في الخطابات التحريضية والتبريرية للعنف، دون أي مجهود حقيقي في مواجهة أو ضبط هذا الخطاب».

 

  كلمات مفتاحية

مصر تحرش اعتداء جنسي نساء فتيات مرأة