حزام بغداد يواجه تهجيرا طائفيا.. تغيير ديمغرافي بيد الجيش والشرطة وميليشيات الشيعة

الجمعة 14 أبريل 2017 03:04 ص

تهجير طائفي واسع في حزام بغداد.. هكذا يمكن توصيف ما يجري لمئات العائلات العراقية، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بقيادة الجيش والشرطة الاتحادية.

أعضاء في البرلمان العراقي، وزعماء قبائل، كشفوا عن هذه العمليات، مشيرين إلى أنها تتم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، ويتورط بها ضباط كبار وزعماء مليشيات.

وتنفّذ مليشيات شيعية، بمشاركة «لواء المثنى» التابع للفرقة السادسة في الجيش العراقي وأفواج الشرطة الاتحادية، عمليات التهجير بالوقت الذي يقوم تجار ورجال أعمال مجهولين بشراء مزارع وحقول ومنازل من يتم تهجيره بأسعار رخيصة جداً.

صحيفة «العربي الجديد»، أوردت في تقرير لها أن «الاعتقال ثم القتل أو حرق المنازل والمزارع والاعتداء على النساء والأطفال وتلفيق التهم، كلها وسائل لم تعد تقتصر على المليشيات فقط، بل هناك قوات حكومية متورطة بها»، مشيرة إلى توجيه «اتهامات لضباط في الفرقة السادسة بالجيش العراقي والشرطة الاتحادية، وسط اعتقاد بأن الهدف مما يجري يتمثل في إفراغ تلك المناطق من أهلها».

وتعترف مصادر رفيعة في وزارة الداخلية العراقية، بعمليات تهجير قسرية، يتعرض لها سكان حزام بغداد في أبو غريب والطارمية واليوسفية وصدر اليوسفية والمحمودية واللطيفية وعقرقوف والتاجي والمشاهدة وخان بني سعد وجسر ديالى جنوب وغرب وشمال وشرق بغداد، بالإضافة إلى محافظة ديالى في شرق العاصمة بغداد.

و«حزام بغداد» مصطلح يطلق على المناطق المحيطة بمركز العاصمة من الجهات الأربع، وهي ذات مكون ديني واحد يغلب عليهم طابع الريف، ويعتمدون على الزراعة وتربية الحيوانات في معيشتهم. وكانت مناطقهم تعرف بأنها سلة بغداد الغذائية. إلا أنها لم تعد كذلك الآن، إذ توقفت الزراعة بشكل شبه كامل في هذه المناطق، ما دفع إلى مزيد من عمليات استيراد الفاكهة والخضار والأسماك وباقي المواد الغذائية من إيران وتركيا.

الكثافة انخفضت

ونقلت الصحيفة عن ضابط عراقي، قوله إنه «تم تقليص الجهد الاستخباراتي في بعض مناطق حزام بغداد، ليس لأنها باتت آمنة بل لأن الكثافة السكانية فيها انخفضت لأقل من 50% عما كانت عليه في السابق».

وأوضح من داخل مبنى وزارة الداخلية العراقية، أن «الجثث التي تعود لفلاحين، يتم العثور عليها بين يوم وآخر دون أن تكلف قوات الأمن فتح تحقيق في تلك الحوادث"، ومشيراً إلى أن ما يجري هو "رعب كافٍ لفرار (السكان)»، وفق تعبيره.

الشيخ «سعد مفرح العبيدي» أحد وجهاء حزام بغداد، قال إن عمليات الاعتقال العشوائية تتم بشكل يومي ليلاً أو نهاراً وتصاحبها عمليات ضرب وإهانة وشتم.

ولفت إلى أن الاعتقال يستمر لساعات أو أيام، وإما أن يطلق سراح المعتقل أو يقتل.

وأضاف أنه «في حالة وجود هجوم إرهابي كبير في بغداد، وإذا كان هناك ضغط شعبي على الحكومة لكشف الجناة، يتم سحب عدد من المعتقلين وإجبارهم على الاعتراف بأنهم المسؤولون عن هذا الهجوم، ثم يظهرون بسرعة على قناة الحكومة، وينتهي كل شيء»، وفق قوله.

وتابع أنه في قرية الذهب الأبيض غرب بغداد، جاء الجيش ذات مرة ليلاً، واعتقل رب أسرة واعتدى على زوجته ضرباً، وبعد يوم واحد عثروا على جثته قرب مغسلة صوف الغنم.

وتابع «العبيدي» أنه غادر المنطقة على أثر هذه الحادثة، معتبراً أن المخطط هو «تغيير تركيبة حزام بغداد طائفياً لأسباب يعلمها الجميع»، وفق قوله.

وتنفّذ مليشيات «حزب الله» العراقية، و«بدر» و«العصائب» و«النجباء»، وكلها شيعية، وتسيطر على جميع مناطق حزام بغداد، بمشاركة «لواء المثنى» التابع للفرقة السادسة في الجيش العراقي وأفواج الشرطة الاتحادية، عمليات التهجير بالوقت الذي يقوم تجار ورجال أعمال مجهولين بشراء مزارع وحقول ومنازل من يتم تهجيره بأسعار رخيصة جداً.

ويبلغ سعر المنزل في مدينة أبو غريب مثلاً نحو 60 مليون دينار (50 ألف دولار)، إلا أن منازل المهجرين حالياً لا تباع إلا بـ10 أو 15 مليون مع المحتويات المنزلية، إذ إن المسؤولين عن التهجير لا يمنحون المُهَجّرين فرصة لنقل ما لديهم.

فوضى

أما عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي «حامد عبيد المطلك»، فقال إن «كل ذي عقل يعلم بما يجري في حزام بغداد من خروق».

وأضاف: «هناك مليشيات تقوم بعمليات سلب ونهب وحرق لمنازل المواطنين واعتقال وقتل، وهذه المليشيات خارجة عن القيم الإنسانية وعن روح المواطنة، لذلك يجب على الحكومة أن تمنع المليشيات وتحيلهم إلى القضاء، وتقوم بمحاسبة هؤلاء، وإلا تصبح عملية التحرير، وعملية إدارة الدولة، في فوضى».

وتابع: «هذه الفوضى لا تخدم الوحدة الوطنية، ولا تخدم الإنسان، ولا تخدم الإنسانية، وإنما تضر بمصالح المجتمع حاضراً ولاحقاً، لذلك يجب على الحكومة أن تضع حداً لهذه التجاوزات».

ولفت إلى أن «هذه المليشيات تسير بغطاء قانوني للأسف وهو قانون الحشد الشعبي»، مؤكدا معارضته لهذا القانون وأنه لم يوقع عليه «خوفاً من هذه التجاوزات»،

وأضاف أنه «لذلك يجب على الحكومة أن تمنع المليشيات التي تقوم بهذه التجاوزات باسم الحشد، وأن تخضع الحشد لسيطرة الدولة».

وأشار إلى أن «الحشد تخضع لمراكز قوى عديدة ولأحزاب عديدة، وربما فيهم أيضاً أشخاص يخضعون لأجندات خارجية، وهذا يضر مصلحة العراق أولاً وأخيراً ويتعارض بشكل كامل مع مبدأ المواطنة والوطنية، لذلك يجب أن يوضع حد لهذه الأعمال».

«السيل الجارف»

ودشّنت وزارة الدفاع العراقية الأحد الماضي، عملية أطلقت عليها اسم «السيل الجارف»، قالت إنها تستهدف مناطق حزام بغداد وقضاء الطارمية منها على وجه التحديد، من دون أن تحدد سقفاً زمنياً لانتهاء العملية التي تشارك فيها مليشيات «الحشد الشعبي» ووحدات من الجيش والشرطة الحكوميين.

وأدت عمليات سابقة إلى حرق مساحات واسعة من المزارع وبساتين النخيل والحمضيات وتجفيف حقول تربية الأسماك، وهو ما يرجح أن يتم أيضاً في هذه العملية.

وتؤكد مصادر محلية اعتقال العشرات من القرويين وحرق بساتين منطقة الشط بالطارمية التي تبعد 15 كيلومتراً شمال بغداد، بذريعة أن عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» يختبئون فيها ليلاً.

وقال العقيد «سعد الخالدي» أحد ضباط عملية «السيل الجارف»، إن «مناطق حزام بغداد بيئة خصبة لتكاثر داعش»، مضيفا أن «العملية الحالية ستنهي أيضاً التجاوزات بحق السكان، على يد مليشيات خارجة عن القانون».

وحول اتهامات التهجير والتغيير الديمغرافي، قال «الخالدي»: «شيء مقزز أن يفعل الإنسان ذلك، ويطرد أشخاصا من منزلهم بسبب طائفتهم أو دينهم والأسوأ من ذلك قتلهم».

وأضاف أن «القوات العراقية الرسمية براء من ذلك»، على حد وصفه، مستدركاً أن «هناك جهات لا تمثل إلا نفسها متورطة بمشاريع كهذه»، ومؤكداً أنه «في حال اكتشف تورط عناصر أو ضباط من الجيش فلن نرحمهم».

مصالح شخصية

من جانب آخر، حذر النائب في البرلمان العراقي عن محافظة ديالى «رعد الدهلكي»، في بيان، من مغبة عمليات التهجير والخطف والجثث المغدورة التي عادت أخيراً في عدد من أنحاء محافظة ديالى شرقي بغداد.

وقال إنه «يربط عودة هذه الجرائم بوجود مصالح شخصية تتحكم في هذه المحافظة»، مضيفا: «هناك معلومات وردت تشير إلى عودة عمليات التهجير والخطف والجثث المجهولة في أقضية المقدادية وبلدروز وبعقوبة وكصيبه، إذ تم قبل أيام اختطاف شاب من المقدادية وبعدها تم خطف آخر في سوق بعقوبة وجرت مساومة ذويهما مقابل إطلاق سراحهما ولكن تم العثور على أحدهما مقتولاً بعد دفع الفدية».

وأضاف: «هناك حالات اختطاف أخرى حدثت في بلدروز، أما ناحية كصيبه، فكان لها حصة التهجير مما أثار رعب الأهالي بعد فترة من الهدوء النسبي الذي شهدته مدن هذه المحافظة».

وتابع «الدهلكي» أن تلك «العمليات الإجرامية التي يراد اليوم تعمد عودتها، هي من أجل ممارسة الضغط باتجاه استبدال بعض القادة الأمنيين في هذه المحافظة لتحقيق مصالح شخصية، في حين أن تلك الضغوط واستبدال تلك القيادات لا تصب بمصلحة أمن المواطن ولا بأمن المحافظة».

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

حزام بغداد تهجير تغيير ديمغرافي الحشد الشعبي الشيعة ميليشيات