العبوات والتّفخيخ وتفجير الغاز ... استراتيجيّة «الدولة الإسلامية» للانتشار في مصر

الأحد 7 ديسمبر 2014 06:12 ص

ازدادت الحرب في شبه جزيرة سيناء المصريّة، تعقيداً في الأسابيع الأخيرة، بعد اتّجاه تنظيم «الدولة الإسلاميّة» (أنصار بيت المقدس ولاية سيناء) إلى اقتصار مواجهته مع الجيش المصريّ، بالعمليّات المفخّخة والتّفجير عن بعد، ممّا يزيد من الصعوبات أمام الجيش النظاميّ في محاربة العناصر الإرهابيّة التي تجيد فنون التخفّي في التضاريس القاسية.

ووفقاً للقراءات الميدانيّة، التي حصرت خلال الثلاثين يوماً الأخيرة، زرع تنظيم «بيت المقدس ـ ولاية سيناء»، 21 عبوة ناسفة، في شكل شبه يوميّ، في طرق مختلفة تسير عليها قوّات الجيش والأمن في شمال سيناء، في المناطق الممتدّة من العريش وضواحيها إلى رفح، مروراً بالشيخ زويد.

ونجح الأمن في اكتشاف 7 عبوات وتفكيكها، وانفجرت 14 عبوة، وأصابت 6 عبوات الآليّات العسكريّة، ممّا أدّى إلى مصرع 4 عناصر من رجال الأمن وإصابة 24 آخرين، من بينهم حالاتهم حرجة للغاية (جنود وضباط)، فضلاً عن انفجار 8 عبوات من دون إصابة الهدف.

وفي هذا السياق، قال باحث في الشؤون الأمنيّة والجماعات الجهاديّة في سيناء، رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنيّة، في حديث لـ«المونيتور»«إنّ تكثيف بيت المقدس للعبوات الناسفة يأتي في سياق عدم قدرتهم على مواجهة الجيش المصريّ الذي يتفوّق عليهم في المواجهات المباشرة القتالية من حيث العدد أو الأسلحة، خصوصاً أنّه جيش نظاميّ متدرّب على تلك النوعيّة من المواجهات».

وأردف: «لا يمكن بأي طريقة مراقبة كافة الطرق مترامية الأطراف لمنع زرع العبوات، وتجري محاولات الاستهداف وتفجير العبوات عن بعد اعتمادا على تكنولوجيا الاتصالات، وحاول الجيش التخفيف من هذه الضربات بإغلاق شبكات المحمول اثناء التحركات العسكرية يوميا من الرابعة فجرا وحتى السادسة مساءا، إلا ان الإرهابيون اعتمدوا مؤخرا على الشبكات اللاسلكية وأجهزة الراديو والتي تعتمد على تقنية تردد UHF مع تزويدها بمكثفات الكترونية لتقوية الإشارة للتفجير من مسافة تصل إلى كيلو متر».

ومن جهته، حذّر أحد المقرّبين من الفكر الجهاديّ في المنطقة الحدوديّة، رفض الإفصاح عن هويّته لدواعٍ أمنية، في حديث لـ«المونيتور» من نقل العمليّات المفخّخة إلى قلب مدينة العريش، عاصمة محافظة شمال سيناء، فقال: «مع تضييق الخناق على عناصر بيت المقدس، وتكثيف الحملات العسكريّة على قرى جنوب الشيخ زويد يوميّاً، اتّجهوا إلى قلب مدينة العريش في محاولة للهروب من استهداف العمليّات، ومن المرجّح أن ينفّذوا عمليّات بواسطة العبوات الناسفة في الطرق الداخليّة للمدينة التي تتحرّك فيها المدرّعات الأمنيّة والعسكريّة في شكل مستمرّ من دون اتّخاذ إجراءات السلامة».

كما حذّر من نقل عمليّات كهذه إلى خارج شمال سيناء، وخصوصاً في المدن السياحيّة بجنوب سيناء مثل شرم الشيخ ودهب، وكذلك محافظات وادي النيل والقاهرة.

وقال: «إنّ عدد المقاتلين لدى بيت المقدس لا يتعدّى الخمسين شخصاً داخل سيناء، ولكنّه نجح أخيراً في فتح جبهات داخل المحافظات المصريّة، خصوصاً بعد بيعتهم إلى تنظيم «الدولة الإسلاميّة»، حيث انضمّ اليهم عدد من الحالمين بفكرة الخلافة الإسلاميّة الجهاديّة، وبعض المنشقّين من تنظيم الإخوان، وخصوصاً الناقمين من الدولة في أحداث مجزرة رابعة والنّهضة».

الدلالات التي تتحقق على أرض الواقع، تؤكد دقة معلومات المصدر المقرب من هذه التنظيمات الجهادية، حيث أعلن تنظيم بيت المقدس (ولاية سيناء) في ساعات متأخرة من مساء الجمعة الماضية (28 نوفمبر من الشهر الجاري)، مسؤوليته عن تنفيذ عملية اغتيال لضابط برتبة عقيد وجنديين في الجيش المصري في منطقة جسر السويس في قلب القاهرة، وكذلك تصفية ضابط ومجند بمحافظة القليوبية، معلنين عن ان العمليتين نفذتا من سرية تابعة لهم تسمى "الشهيد ابي عبيدة المصري"، وفقا لبيانهم على شبكة الأنترنت.

مجمل العمليات الإرهابية الأخيرة لبيت المقدس، تؤكد اعتمادهم على استراتيجية الاستهداف عن بعد، سواء في عمليات التفخيخ أو الاغتيالات أو تفجيرات المؤسسات الحيوية للدولة مثل تفجير خطوط الغاز، وذلك يؤكد على ابتعاد التنظيم عن المواجهات المباشرة مع الجيش المصري، خشية فقدانهم عناصرهم شحيحة العدد بحسب تأكيد المصادر المقربة منهم، فيما يخشى النشطاء والمراقبون في سيناء من زيادة عدد عناصر التنظيمات الإرهابية مستقبلا في حال أستمرت الدولة في محاربة الإرهاب بالممارسات سيئة السمعة.

وعن تفجيرات خطوط الغاز في سيناء، قال: «سيستمرّ بيت المقدس في تفجير خطوط الغاز لثلاثة أسباب: أوّلاً، استعادة الزّخم الإعلاميّ لإثبات تواجدهم أمام الحملات العسكريّة القاسية في سيناء. ثانياً، إحداث خسائر اقتصاديّة في منظومة الجيش الاقتصاديّة التي تعتمد في شكل كبير على الأرباح الهائلة من مصانع الإسمنت في وسط سيناء وعلى الغاز في عملها. ثالثاً، وقف ضخّ الغاز المصدّر إلى الأردن تحت مبرّر انضمام الأردن إلى التّحالف الدوليّ لمحاربة تنظيم الدولة الإسلاميّة».

وفي الوقت الذي تتعرض فيه كل من مصانع الأسمنت التابعة للجيش المصري وأخرى تابعة لرجال أعمال مقربين من النظام الحكم في القاهرة، لخسائر تعطل الانتاج وصفها أحد العاملين بهذه المصانع بالفادحة، إلا أن الدولة كذلك تتكبد خسائر كبيرة للغاية، حيث يؤكد أحد المسؤولين بشركة جاسكو، المشغل الرئيسي والمسؤول عن إصلاحات الغاز في سيناء، رفض الإفصاح عن هويته لـ«المونيتور» أن كل مرة يتم فيها تفجير الأنبوب يتم إصلاحه بملايين الجنيهات تدفع من ميزانية الدولة.

ويقول المسؤول، أن الخسائر امتدت لتصل إلى الأردن التي تعتمد على الغاز المصري في توليد الكهرباء، مؤكدا على استحالة تأمين خطوط الغاز التي تمتد في الصحراء الشاسعة والمكشوفة بطول أكثر من 100 كيلو متر. وذلك يخل في التعاقدات الاقتصادية المبرمة مع الأردن، ويعرض البلدين (مصر والأردن) إلى خسائر اقتصادية كبيرة، على حد قوله.

«في الحقيقة المواطن البسيط وحده من يتحمل الخسائر والعمليات الإرهابية وخاصة المتعلقة بتفجير خط الغاز» هكذا علق أحد الإداريين في مصنع أسمنت سيناء، الواقع بالمنطقة الصناعية المتضررة من تفجيرات الغاز بوسط سيناء، لـ«المونيتور»، مضيفا «التفجيرات المتكررة دفعت الإدارات المسؤولة عن تشغيل المصانع سواء الخاصة أو مصانع الجيش إلى رفع سعر البيع 25% نتيجة رفع تكلفة الانتاج بسبب محاولات استبدال الغاز بالمازوت مرتفع الثمن وخاصة في أمور نقله المكلفة إلى وسط سيناء».

يذكر أن أنبوب الغاز قد تعرض للتفجير نحو 25 مرة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق مبارك.

وإلى ذلك، أشارت كلّ التحليلات والمعلومات الميدانيّة، إلى صعوبة المرحلة المقبلة مع تزايد معدّلات العنف في سيناء، المرتقب انتقاله إلى قلب العمق المصريّ.

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية

مصر سيناء ولاية سيناء أنصار بيت المقدس

«ولاية سيناء» تتبني 3 عمليات ضد الجيش والشرطة خلال مظاهرات 28 نوفمبر وتتوعد بالمزيد

«ولاية سيناء» يربك القاهرة ويصوّب على عمّان

بأمر «البغدادي»: «أنصار بيت المقدس» يتحول لـ«ولاية سيناء»

فيديو يظهر سيطرة «أنصار بيت المقدس» على مناطق كاملة بسيناء

التفجير الذي برر للحكومة المصرية تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية .. نفذه مرشد بالأمن الوطني!