«و.س.جورنال»: واشنطن تدرس خطوات ضد «الأسد».. ودول الخليج ليس لديها ما تقدمه

الاثنين 17 أبريل 2017 09:04 ص

تفتقر المملكة العربية السعودية وحلفاؤها الخليجيين الآن إلى الإرادة السياسية والضغط العسكري على الأرض لتشكيل مستقبلٍ سياسي في سوريا، بعد أن كانوا من أبرز متصدري مشهد تغيير النظام في دمشق.

وفي الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة القيام بخطواتٍ إضافية ضد الرئيس السوري «بشار الأسد» في أعقاب هجومٍ صاروخي على قاعدةٍ جويةٍ سورية الأسبوع الماضي، لم يعد بإمكانها الاعتماد على دول الخليج السنية لأخذ زمام المبادرة في تنظيم ودعم المعارضين السوريين.

وتعد الجماعات المعارضة التي تدعمها السعودية وقطر في أضعف حالاتها ومحاصرة بشكلٍ أكبر من أي وقتٍ مضى، ويغرق التحالف الإقليمي الذي يقوده السعوديون في حربٍ طويلة وممتدة بشكلٍ غير متوقع في اليمن، وهي معركة حرجة بالنسبة للسعودية لاحتواء الطموحات الإقليمية لإيران الشيعية.

وقال «أندرياس كريغ»، أستاذ الدراسات الدفاعية المساعد في كلية كينغز في لندن والمستشار السابق للقوات المسلحة القطرية: «تعلم دول الخليج أنّها تعثرت في اليمن. وليس لديهم القدرة أو الإمكانات لفعل شيءٍ مفيد في سوريا».

وقد رحبت حكومات الخليج بضربات واشنطن الصاروخية الأسبوع الماضي، وهو أول استخدام مباشر للقوة العسكرية الأمريكية ضد الحكومة السورية في الحرب التي دامت ست سنوات. وقد جدد الهجوم آمالهم في أن يتخذ الرئيس «دونالد ترامب» إجراءاتٍ أكثر جرأة ضد «الأسد» من سلفه «باراك أوباما»، وأن يتحرك بقوة للحد مما يعتبرونه نفوذًا متزايدًا لإيران في سوريا وأماكن أخرى في المنطقة.

ومن غير الواضح إلى أي مدى يريد البيت الأبيض الذهاب في مواجهة «الأسد».

وقال «تيلرسون» ومستشار الأمن القومي «هربرت ماكماستر» يوم الأحد الماضي في مقابلاتٍ منفصلة أنّ الهجوم الصاروخي لم يكن علامة على أنّ الولايات المتحدة تركز الآن على إسقاط «الأسد». وقال وزير الخارجية الأمريكي أنّ الأولوية الأمريكية هي هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي مقابلةٍ أخرى، قال «نيكي هالي»، السفير الأمريكي للأمم المتحدة، أنّ تغيير النظام في سوريا «أمرٌ نعتقد أنّه سيحدث»، لكنّه لم يكف عن القول بأنّ ذلك سيأتي بالقوة العسكرية. وفي الوقت نفسه، أوضح مسؤولون أمريكيون آخرون أنّ عملية تغيير «الأسد» ستكون عن طريق المفاوضات أو عن طريق الانتخابات.

وخلال إدارة «أوباما»، قادت السعودية وقطر دعوات من العالم العربي لواشنطن للعمل بشكلٍ أكثر حزمًا ضد النظام السوري. ولكن منذ الهجوم الأمريكي الأسبوع الماضي، لم تطالب أي دولة خليجية علنًا ​​بإبعاد «الأسد».

وحثت وزارة الخارجية القطرية، بعد الضربات الصاروخية الأسبوع الماضي، المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود «لوقف جرائم النظام» و«تشكيل حكومةٍ انتقالية تضمن الحفاظ على وحدة سوريا ومؤسساتها».

ويبدو أنّ إغفال تغيير النظام في بيان الوزارة يعكس تناقضًا مشتركًا على نطاقٍ واسعٍ في الخليج.

وبينما تتشارك السعودية وجيرانها المصلحة في احتواء إيران وحلفائها ووكلائها الإقليميين، فهي تدرك أيضًا أنّه بدون إيجاد بديل للأسد، يمكن أن تتسبب إزالته في ترك فراغ في السلطة يمكن للجماعات «المتطرفة» استغلاله، وهذا الأمر هو الشاغل الأكبر لدولة مثل الإمارات. ومع ذلك، تعاني المعارضة السورية من تراجعٍ شديد في الوقت الحالي، إذ سيكون من الصعب تقديمها لهذا البديل.

وتتفاءل السعودية وحلفاؤها الإقليميون بأنّ استعراض العضلات العسكرية الأمريكية الأسبوع الماضي، على أقل تقدير، سيجبر النظام السوري على إجراء مناقشاتٍ لإنهاء الحرب بجدية أكبر، وتعزيز موقف المتمردين على طاولة المفاوضات.

وقال الأمير «فيصل بن فرحان»، المحلل والمستشار غير الرسمي للمملكة، أنّ «السعودية تريد انتقالًا سياسيًا، وهو أمر أكثر تعقيدًا الآن، حيث أنّ الأسد في وضعٍ أقوى بكثير مما كان عليه قبل عامين أو ثلاث».

وأضاف: «وترجع أهمية هذه الضربة إلى أنّ إدارة ترامب قد غيرت حسابات الأسد ومؤيديه. ويتعين عليهم الآن النظر في مدى استعداد الولايات المتحدة للتدخل عسكريًا».

وقد أدى الاقتتال الداخلي إلى شل المعارضة المسلحة للأسد منذ بداية الحرب عام 2011، وهو أحد الأسباب التي أفقدت جماعات المعارضة المعتدلة مثل الجيش السوري الحر الأرض لصالح الجماعات الإسلامية «المتشددة» التي تقاتل أيضًا في سوريا.

وكما قامت إدارة «أوباما» بتقييد المساعدات العسكرية للمتمردين ومنع الرياض والدوحة وحلفاء الخليج الآخرين من تزويدهم بصواريخ أرض جو وغيرها من الأسلحة الأكثر قوة للمساعدة في مواجهة ميزة «الأسد» في القوة الجوية، تخشى واشنطن من أن تسقط تلك الأسلحة في يد المعارضين الإسلاميين، ومن بينهم من يرتبطون بالقاعدة.

وأصيبت دول الخليج بالغضب والإحباط عام 2013 عندما تراجع «أوباما» عن تهديده بالتدخل العسكري، وذلك بعد أن هاجم النظام منطقة للمعارضة بالقرب من دمشق بغاز السارين السام وقتل أكثر من 1400 شخص.

وبعد تدخل روسيا لدعم نظام «الأسد» عام 2015، تخلى «أوباما» عن دعم المعارضة، حيث كان غير مستعد لمواجهة عسكرية مع موسكو في سوريا. وركزت إدارته بدلًا من ذلك على مكافحة صعود تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد عرضت السعودية مرارًا وتكرارًا المساهمة بقوات برية في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وهو عرضٌ رحبت به إدارة «أوباما» بحذر، ولكن لم تقبله على ما يبدو، لأنّها قلقة من أنّه قد يتسبب في مواجهاتٍ عسكرية مباشرة بين السعوديين والقوات الحكومية السورية المدعومة من إيران.

وبعد الهجوم الأخير بالأسلحة الكيميائية، تحول عدو أمريكا القديم، رجل الدين الشيعي العراقي «مقتدى الصدر»، ضد «الأسد»، مؤكدًا أنّه يجب عليه أن يتنحى. إلا أنّه قد حذر واشنطن من تصعيد مشاركتها في الحرب داخل البلاد.

المصدر | وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

ترامب الأسد الأسلحة الكيميائية دول الخليج