«الغارديان»: العنف في سيناء.. حرب من صنع «السيسي»

الثلاثاء 25 أبريل 2017 11:04 ص

وردت أنباء تفيد بأنّ الجيش المصري قد قتل بالرصاص ما يصل إلى ثمانية معتقلين عزل من بينهم قاصر في شبه جزيرة سيناء، وحاولوا تغطية عمليات القتل خارج نطاق القانون تلك بزعم أنّها حدثت خلال اشتباكات وتبادل لإطلاق النار.

وينبغي أن ينتبه جميع المهتمين بقضية الديمقراطية في العالم العربي إلى هذه الحادثة. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، نشر الجيش المصري على صفحته على موقع فيسبوك أنّ الجيش قام باقتحام موقعٍ مسلح أسفر عن مقتل ثمانية واعتقال أربعةٍ آخرين. لكنّ مقطع فيديو مدته ثلاث دقائق ظهر في نهاية الأسبوع يثير تساؤلات خطيرة حول رواية الجيش للأحداث. ولا يظهر الفيديو أي قتال، لكنّه يسجل ويوثق عمليات قتل المعتقلين بدمٍ بارد. وفي واحدة من الحالات، يطلق جندي النار على رجل في رأسه. وفي حالة أخرى، يرافق الجنود رجلًا معصوب العينين إلى مكان به بعض الحشائش، ويسندونه إلى ركبتيه ويطلقون النار عليه عدة مرات. وكما هو متوقع، أعلنت الدكتاتورية العسكرية في القاهرة أنّ هذا المقطع عبارة عن دعاية مغرضة من قبل خصومها. وما هو متوقع أيضًا، أنّه لن يكون هناك تحقيق في جرائم الحرب المزعومة والتي ظهرت في مقطع الفيديو.

وتم تسريب الفيديو في اليوم الذي جلس فيه وزير الدفاع الأمريكي «جيمس ماتيس» مع الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» الذي استولى على السلطة في انقلابٍ دمويٍ عام 2013. ويتحمل «السيسي»، الذي ربما يكون الزعيم الأكثر استبدادًا بالشرق الأوسط، مسؤولية موت مئات المصريين، وسجن آلاف الآخرين، وقيادة اقتصاد بلاده إلى الحضيض.

وبدلًا من التعامل مع الزعيم المصري كمنبوذ، رحب «دونالد ترامب» هذا الشهر به في البيت الأبيض بعد أن تعامل «باراك أوباما» معه ببرود لمدة عامين. وأعلنت الصحافة الموالية للسيسي في القاهرة أنّ حقوق الإنسان في مصر لم تعد مسألة مهمة. وقد يكون هذا صحيحًا. وفي حين تبقى حقوق الإنسان في مصر «أولوية» بالنسبة لبريطانيا، لم يركز وزير الخارجية «بوريس جونسون» عليها عندما زار البلاد في فبراير/شباط. ولعل بريطانيا لا تستطيع تحمل مثل هذه المواقف الأخلاقية. فالشركات البريطانية تتمتع بمصالح واسعة بشأن الغاز البحري في مصر. لكنّ النفاق ليس من جانبنا فقط. وعقب الانقلاب، تم فرض حظر على توريد الأسلحة من الاتحاد الأوروبي إلى مصر، ولكن تم خرق الحظر أكثر من مرة. وقد تم بيع أسلحة بريطانية إلى مصر بنحو 120 مليون جنيه إسترليني منذ الانقلاب.

وتضطر الدول جميعها للتعامل مع الزعماء غير الجيدين لتحقيق المصلحة الوطنية، ولكن تمكين نظام يعذب ويقتل المدنيين والمعارضين السياسيين هو خطأٌ مرعب. ولهذا فإنّ هيومان رايتس ووتش على حق في دعوة البرلمانيين في برلين هذا الأسبوع إلى رفض اتفاقٍ أمنيٍ مقترح مع القاهرة، لأنّه قد يجعل المسؤولين الألمان متواطئين في انتهاكاتٍ خطيرة ضد حقوق الإنسان.

ولا تقتصر مصر على حيزها فحسب، فهي أيضًا عامل مهم في تشكيل العالم العربي. وتقوض انتهاكات حقوق الإنسان الجهود المبذولة لإرساء الأمن في جميع أنحاء مصر. وإذا أراد «السيسي» الحصول على نصيحة فعليه النظر إلى نصيحته السابقة. وكوزيرٍ للدفاع في عهد الرئيس «محمد مرسي»، أول رئيس جمهورية منتخب ديمقراطيًا في مصر، نصح ضباط الجيش بضرورة أن يحذروا لخطواتهم في رمال سيناء. وحذر القوات من أنّهم يخاطرون بتربية عدوٍ داخلي إذ حاصروا وقصفوا المدنيين. وقال إنّ الأمن لا يمكن أن يفرض بالقتال. وحذر «السيسي» من أنّ وضعًا كوضع جنوب السودان يمكن أن يتطور حيث أصبح الأمر في سيناء كحركة استقلال مسلح بمستوى أقل. ويشكل هذا خطرًا حقيقيًا الآن. ويشير الخبراء إلى وقوع هجومٍ إرهابيٍ كل يومٍ في سيناء. وهذا هو المكان الذي خاض فيه الجيش المصري ثلاث حروبٍ ضد (إسرائيل). وقد حول «السيسي» ما بدأ قبل خمس سنوات باضطرابات محلية طفيفة إلى تمردٍ جهاديٍ في مصر.

  كلمات مفتاحية

السيسي ولاية سيناء عنف الجيش ترامب القمع في مصر

صحيفة عبرية: عروض إسرائيلية مغرية لشراء أجزاء من سيناء