بعد زيارة «الحكيم» للقاهرة.. وزير خارجية مصر يحل ببغداد قريبا

الخميس 27 أبريل 2017 09:04 ص

وجه وزير الخارجية العراقى «إبراهيم الجعفري»، الأربعاء، دعوة لنظيره المصري «سامح شكري» لزيارة بغداد، فيما وعد الأخير بتلبيتها.

وذكر بيان لوزارة الخارجية العراقية، اليوم ونقلته صحف مصرية، أن «الجعفري» التقى «شكري» على هامش منتدى الحضارات العريقة فى العاصمة اليونانية أثينا، وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين بغداد والقاهرة، وآليات تعزيز التعاون المشترك فى المجالات كافة، والجهود الدولية المبذولة فى إرساء أمن، واستقرار المنطقة، والقضاء على الإرهاب.

وأضاف بيان الخارجية العراقية أن الجانبين أكدا على ضرورة تسهيل منح الفيزا للعراقيين الراغبين فى زيارة مصر، ومناقشة وضع آلية تسهيل ذلك قريبا. كما اتفقا على أهمية الإسراع فى عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة العراقية المصرية فى أقرب وقت؛ لتطوير التعاون الاقتصادي، والتجاري، ودعم الشركات المصرية للاستثمار فى العراق، والاتفاق على مواصلة التشاور، والتنسيق بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.

إيران كلمة السر

وأجرى «عمار الحكيم»، رئيس التحالف الوطنى بالبرلمان العراقي، زيارة إلى العاصمة المصرية القاهرة، الثلاثاء الماضي، وسط تساؤلات عن الأسباب، وتأويلات بشأن الدلالات التي تمثلها زيارة زعيم التحالف الشيعي الأكبر الحاكم في العراق، ومباحثاته مع الرئيس «عبد الفتاح السيسي».

زيارة «الحكيم» طالت شيخ الأزهر «أحمد الطيب»، في محاولة تهدف إلى لملمة الخلاف بين السنة والشيعة، وتهدئة المخاوف من صراع سني شيعي في المنطقة، وإبراق رسالة تقدير من الزعيم الشيعي إلى الأزهر الشريف الذي يمثل قبلة المسلمين حول العالم من أتباع المذهب السنّي.

دعوة «الحكيم» لعقد اجتماع إقليمي يضم طرفان متصارعان من الوزن الثقيل هما إيران والسعودية، من جانب، وطرفان على خلاف حاد هما مصر وتركيا، بحضور عراقي للعمل على حل أزمات المنطقة عبر الحوار، يؤكد أن بغداد تريد لعب دور إقليمي في المنطقة بوازع من طهران، وربما تطمع في تهدئة حقيقية على الساحة، بعد تغير بوصلة السياسة الأمريكية، وتوجيه إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» ضربة عسكرية غير متوقعة لنظام «بشار الأسد» في سوريا، الشهر الجاري.

وتعتبر إيران حاضرة في الزيارة بكل قوة خلف الكواليس من بوابة «الحكيم»، باعتباره رجلها ببغداد، الذي يمكن أن يفتح أبواب القاهرة لتطبيع سياسي مع طهران، من ناحية، وتطبيع ديني وثقافي مع الأزهر الشريف.

لكن «الحكيم» في مؤتمر صحفي بمقر سفارة العراق لدي القاهرة، نفى حمله رسالة من إيران لمصر، لكنه عاد وأكد أن «الاٍرهاب نتيجة الفكر التكفيري وهو ما يحتاج إلى مراجعات من الأزهر والنجف عبر عقد لقاء بين أئمتهما ليشيعا الاعتدال والفكر الإسلامي المعتدل»، على حد قوله.

ويعرف عن الرجل أنه أحد مؤسسي ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية، وسارع إلى إقرار مشاركة تلك القوات الطائفية مع باقي القوات العراقية النظامية في معركة الموصل ضد «تنظيم الدولة»، والتي شهدت جرائم عديدة بحق أهل السنة.

ورغم أن الانفصال أُعلن بين «منظمة بدر» التي أسسها والد «عمار الحكيم»، والمجلس الأعلى الإسلامي برئاسة «الحكيم» الإبن عام 2012، إلا أن علاقتها بالمكون الشيعي ظلت باقية.

وتُتهم «مليشيا بدر» بتصفية الكوادر والنخب العراقية من علماء وأطباء وعسكريين وبعثيين عراقيين انتقامًا لسنوات الصراع مع إيران، وعام 2006 نسبت إليها جرائم ضد السنة قتلا واعتقالا وتهجيرا، وخاصة في محافظة ديالى.

الخصم السعودي

ولا يمكن إغفال علاقة الجانبين المصري والعراقي بالطرف السعودي، ففي الوقت الذي بدأت محاولات العودة بالعلاقات المصرية السعودية إلى طبيعتها، يلتقي «السيسي» مرجعية عراقية شيعية مقربة من إيران مثل «الحكيم»، بينما تخوض الرياض وطهران حربا شرسة في اليمن وسوريا، غير التوترات القائمة بين البلدين منذ إعدام رجل الدين الشيعي السعودي «نمر النمر» في يناير/ كانون ثان 2016.

ومن آن لآخر يبرق «السيسي»، رسائل للرياض، مفادها التهديد بإمكانية التقارب مع إيران، والحصول على النفط العراقي بديلا للنفط السعودي، وتنسيق المواقف مع طهران، وهي سياسات في مجملها من شأنها إزعاج المملكة، وتحرم العالم العربي السني، من تحالف مهم في مواجهة توسع تحالفات شيعية أخرى، كذلك تميل القاهرة نحو «محور روسي إيراني سوري»، في مواجهة «المحور السعودي القطري التركي».

ربما تطمح القاهرة لإعادة ترتيب مراكز القوى بالشرق الأوسط، وهي دوما ما تحاول التأكيد على أن بإمكانها اللعب مع لاعبين مؤثرين في المنطقة، لذلك ليس مستبعدا أن تكون السعودية المستهدف الأول من قبل مصر في الزيارة، برسالة مفادها أنه رغم التقارب الحالي، فإنه من غير المستبعد أن يعود التوتر أشد من السابق، وأن الحليف الإيراني القوي ومن وراءه العراق، سيكون بديلًا للتحالف السعودي المصري.

وتأتي زيارة رئيس أكبر كتلة شيعية في البرلمان العراقي لمصر، في ظل الفتور الذي تشهده العلاقات المصرية السعودية، على خلفية أزمة جزيرتي «تيران وصنافير»، وإتجاه مصر للعراق؛ لإمدادها بمليون برميل من النفط شهريا، بدأت في مارس/آذار الماضي، وذلك عقب قطع شركة «أرامكو» السعودية إمدادتها لمصر في أكتوبر/تشرين أول 2016 قبل استئنافها مرة أخرى في مارس/آذار الماضي.

الزيارة الملفتة من زعيم شيعي لمصر جزء من السياسة الإيرانية التي تهدف لخلق تحالف عربي من الدول التي تمتلك فيها القرار السياسي (العراق، سوريا، لبنان)، إضافة لمصر ودول المغرب العربي الداعمة للنظام السوري بهدف عرقلة إزاحة «الأسد»، وفق المحلل السياسي العراقي «أحمد الملاح».

ولا يمكن الجزم بشئ كون الطرفين العراقي والمصري لم يصرحا عن بنود الاجتماع الذي عقد بين «الحكيم» و«السيسي» خلال زيارة الأول لمصر، لكن يبدو أن إعادة ترتيب أوراق المشهد السوري، كانت حاضرة على الطاولة، التي تشهد ارتباكا بعد مجزرة «خان شيخون» والضربة الأمريكية لـ«الأسد».

أجندة داخلية

الزيارة التي تأتي قبل أقل من شهرين على انتهاء ولاية «الحكيم» في زعامة التحالف الحاكم بالعراق، وسط أزمة سياسية عاصفة بين المكونات السياسية العراقية، تحمل أجندة داخلية أيضا، ربما تصدرت أهداف الزيارة.

يقول مراقبون إن الهدف الأول للزيارة هو إقناع النظام المصري بالتدخل في وثيقة المصالحة الوطنية التي طرحها التحالف قبل أشهر على القوى العراقية بهدف تصفير الأزمات، والتي تعرف بورقة «التسوية السياسية».

وبحسب هذا التوجه، فإن «الحكيم» طلب من «السيسي» الضغط على شخصيات وجهات عراقية معارضة موجودة في القاهرة للقبول بتلك الورقة، التي تواجه معارضة من أطراف عدة داخل وخارج العراق، لاسيما مع قرب موعد الانتخابات المحلية للمحافظات سبتمبر/آيلول المقبل، والتشريعية المقررة في أبريل/نيسان 2018.

سفير العراق الأسبق لدى موسكو، الدكتور «مزهر الدروي»، أكد أن الذي يدقق بعمق في الزيارة يجدها مجرد دعاية انتخابية لاستقطاب سنة العراق في الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات والبرلمان، وذلك من خلال توصيل رسائل بأنه على الرغم من خلافات السنة والشيعة إلا أنهم في النهاية عرب ومستقبلهم واحد، وفق تصريحاته لـ«مصر العربية».

رؤية «مزهر» تعزز صحتها تصريحات «الحكيم» التي قال خلالها إن «مشروع التسوية بين مكونات الشعب العراقي مستمرة وهي تحمل رؤية متكاملة لبناء دولة المواطنة بين الشيعة والسنة والأكراد والايزيديين والشبك»، على حد قوله.

ويملك التحالف الوطني أكبر كتلة داخل البرلمان، 180 نائبًا من أصل 328، وهي المسؤولة عن تسمية رئيس وزراء العراق لثلاث دورات متتالية، وتضم عدة كتل أبرزها: «ائتلاف دولة القانون» بزعامة «نوري المالكي»، و«المجلس الأعلى الإسلامي» بزعامة «عمار الحكيم»، و«التيار الصدري» بزعامة «مقتدى الصدر»، و«تيار الإصلاح» بزعامة «إبراهيم الجعفري».

وشهد التحالف الوطني، على مدى العامين الماضيين تصعيدا كبيرا بين أقطابه الرئيسيين؛ أبرزهم كتلة ائتلاف دولة القانون، وكتلة الأحرار التابعة لـ«مقتدى الصدر»، وبحسب مصادر سياسية فإن إيران ضغطت على جميع أطراف التحالف الوطني في وقتها في محاولة لعدم تشتت كتله.

  كلمات مفتاحية

إيران العراق مصر العلاقات العراقية المصرية

اللجنة العليا المصرية العراقية تجتمع 10 أغسطس