«ميدل إيست بريفينغ»: لقاء «سلمان - السيسي» سعى إلى إيجاد أرضية مشتركة حول التعامل مع إيران

السبت 29 أبريل 2017 06:04 ص

استقبل الملك «سلمان» عاهل السعودية الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» يوم 23 أبريل/نيسان الجاري لإجراء محادثاتٍ مكثفة حول القضايا الثنائية والإقليمية. وتمثل هذه الزيارة نقطة تحولٍ في العلاقات السعودية المصرية، وكذلك في مستقبل المشاكل الإقليمية. حيث لن تتمتع أي خطة أمنية إقليمية بالفاعلية دون مشاركة القوتين الرئيسيتين في المنطقة.

ولكن هل تساعد الزيارة التي تنهي فترة العلاقات الباردة بين الرياض والقاهرة في تنفيذ خطة أمنية إقليمية ملموسة؟ وكيف؟

من المهم أن نشير أولًا إلى أنّ التغيير السياسي في واشنطن، ونهاية عصر «القيادة من الخلف»، قد لعب دورًا هامًا في تسهيل إعادة التوافق بين الدول العربية. ومع ذلك، حتى عندما يكون الهدف النهائي هو التوصل إلى «تسوية نهائية» سلمية مع إيران، فإنّ مسار الصراع الحالي بين العرب والإيرانيين يبقى معرضٌ للمرور بالعديد من المنعطفات والتقلبات.

ويمكن تحقيق السلام إما عن طريق الاستسلام، أو من خلال اقتناع جميع الأطراف المتصارعة بأنّ استمرار الصراع سيكون عالي التكلفة بالنسبة للجميع. ولن يستسلم العرب ولا الإيرانيون. وهم، مثل أي طرفين آخرين في صراعٍ شرس، لا يمكن تسوية مواجهاتهم بالجلوس حول فنجانٍ دافئٍ من القهوة. وسيتعين المرور باختبار توازن للقوى بين الطرفين. ويتبين الجانبان، من خلال نتيجة الاختبار، أنّه لا يمكن لأي منها أن يخوض معركةً صفرية، وأنّه لا جدوى من الاستمرار المكلف للصراع.

وقد يصل أحد الجانبين أو كلا الطرفين إلى هذا الاستنتاج عند نقطة ما من الصراع. ومع ذلك، فإنّ السياسية الداخلية والتفاوت في القوة بين القطبين المعتادين «الحمائم» و«الصقور» في كل جانب قادرة على تأخير هذه النقطة أو التعجيل بها.

فأين تقف المنطقة الآن من هذه العملية؟ للأسف، يبدو أنّه ليس قريبًا من الوصول إلى هذه النقطة. وعلى الرغم من أنّ العرب قد استجابوا بشكلٍ حاسمٍ لوقف محاولة إيران مفاجأتهم في اليمن، باحتهم الخلفية، وأنّ الصراع السوري لم يضعف حليف إيران في دمشق، يبدو أنّ الجانبين غير راغبين في الجلوس إلى طاولة التفاوض.

يقول العرب أنّ هذا بسبب الطموحات الإيرانية المفرطة وسقف طهران. ويقول الإيرانيون أنّهم موجودون في العراق أو سوريا لحماية أمنهم القومي. ويكشف هذا أنّ كلًا منهما لا يزال بعيدًا عن طاولة التفاوض المأمولة.

ويمكن إرجاع جزء كبير من هذا التعنت إلى الوزن الذي يتمتع به الحرس الثوري الإيراني في التوازن السياسي في طهران. وهذا يرجع إلى الخلفية الأيديولوجية والتفكير في حسابات الآخرة والجنة والملائكة، وهو ما يتجاوز أي «تفكيرٍ أرضي».

لذلك، لا يزال الشرق الأوسط يقف في منتصف هذه العملية الدموية لاختبار ميزان القوى. وفي مثل هذه الحالات، هناك حاجة إلى عملٍ إضافيٍ لتغيير التصورات وإعادتها إلى «الأرض». ومن هنا، فإنّ اجتماع «سلمان» بـ«السيسي» يماثل نفس أهمية الموقف الثابت والسليم للإدارة الأمريكية.

وستؤثر نتيجة هذا الاجتماع على الأمن الإقليمي بطرقٍ كثيرة. فيمكن إحياء مشروع تشكيل قوة عربية مشتركة، وسيكون تنسيق موقف سياسي موحد أسهل وأكثر وضوحًا من المواجهة الجماعية في حالة أي تدخل إضافي في إيران، وهذا في حد ذاته قد يكون رادعًا لإيران.

ومن خلال قراءة تحركات واشنطن وتصريحاتها الأخيرة والجهود العربية لمقاربة صفوفها، يتضح أنّ مسار الصراع الإقليمي سيبدأ أولًا من خلال عملية «إقناع» الإيرانيين بأنّ تدخلات الحرس الثوري الإيراني تجلب الكثير من الضغط والتكاليف العالية جدًا. وهنا قد تكون التحركات العربية-العربية الأخيرة والمواقف الأمريكية فعالة.

ويركز الشريكان الآن على منع أي تفوقٍ لإيران في لعبتها الصفرية في سوريا واليمن. وتقوم واشنطن بجهدٍ إضافي لإقناع موسكو بأنّ هذه هي الطريقة الواقعية الوحيدة لتهدئة الشرق الأوسط. ويدرك الرئيس «بوتين» صحة الحجة الأمريكية. ومع ذلك، فإنّ حذره والتزاماته تجاه حلفائه في إيران وسوريا قد تبطئ استجابته. علاوةً على ذلك، فإنّ آماله بأن تنظر الولايات المتحدة إلى موسكو بصورة الند للند، ليس في سوريا فحسب، بل على الصعيد العالمي، قد يزيد من تباطؤ تعاونه.

وفي الجانبين التركي والعربي، أصبح من الواضح الآن أنّ التطلعات في سوريا قد تقلصت. ومع ذلك، من وجهة نظر «الأسد» وإيران، فهم يعتقدون في فرصة «استعادة كل شبر من سوريا». لذلك، فإنّ ما نتجه إليه هو خطوة لإجبار الطرفين الأخيرين على تقليص أهدافهما أيضًا، من أجل التوصل إلى حلٍ معقول. وينطبق نفس النمط في اليمن.

وبعبارة أخرى، ما نراه هو عمل متأني لإقناع الجانبين بالجلوس والتحدث.

ويدعم ذلك عملية إعادة توافق عامة في المنطقة. ونرى الآن موقفًا مختلفًا في الخرطوم تجاه جماعة الإخوان المسلمين. ولبعض الوقت، كانت هناك خلافات بين مصر والسودان. وقد استضافت السودان العديد من قادة الإخوان المسلمين، ورفضت مصر التفاوض على نزاعٍ إقليميٍ حول مثلثٍ على الحدود الشرقية بين البلدين، واتُهمت السودان بالوقوف إلى جانب إثيوبيا في الصراع على مياه النيل مع القاهرة.

لكن في 21 أبريل/نيسان، يبدو أنّ الجانبين قد أقاما حوارًا، بدءًا بالتزام السودان بخروج الإخوان المسلمين تدريجيًا من أراضيها، أو الوقوف على الحياد في محاولة الجماعة الحالية للإطاحة بالنظام المصري. وقد اجتمع وزراء خارجية مصر والسودان في الخرطوم، وأفاد كلاهما ببدء جهدٍ مشترك وجاد للعمل على انقشاع الغيوم عن علاقاتهما.

ومع ذلك، لا تزال النقطة المركزية في هذا المشهد الاستراتيجي المتغير في المنطقة هي الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن ثم تطبيع العلاقات بين العرب والإسرائيليين، بناءً على مبادرة الملك الراحل «عبد الله». وسوف يتسبب ذلك في انقسام العالم العربي بنفس الطريقة التي حدثت بعد توقيع «السادات» على اتفاقية كامب ديفيد. ومع ذلك، فإنّ المعارضة هذه المرة ستكون أصغر بكثير.

وسيؤدي ذلك إلى تأثيرٍ معين على التوازن الإقليمي. وبمقاربة صفوفهم وتشكيل قوةً مشتركة لتحقيق الاستقرار العربي ودفع خلافاتهم إلى مكانٍ ثانوي في علاقاتهم المتبادلة، سيكون العرب قد اتخذوا خطوةً هامةً نحو حماية منطقتهم.

  كلمات مفتاحية

مصر السعودية الملك سلمان السيسي إيران