لماذا لم تخرج الطائرات السورية للتصدي للغارة الاسرائيلية الاخيرة؟

الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 01:12 ص

جاءت الغارة الجوية الاسرائيلية يوم امس (الاحد) على منطقتين قرب العاصمة السورية دمشق (منطقة الديماس ومطار دمشق)، لم تسفر الا عن اضرار مادية بسيطة، حسب البيان الرسمي السوري، لتثير العديد من علامات الاستفهام حول اهدافها وتوقيتها وغياب الرد السوري عليها.

الغارة التي لم تؤكدها السلطات الاسرائيلية ولم تنفها في الوقت نفسه، وهذا متوقع على اي حال، استهدفت شحنات صواريخ متقدمة كانت في طريقها الى “حزب الله” في لبنان حسب تسريبات غير مباشرة في الصحف الاسرائيلية، وعلى لسان معلقين عسكريين سابقين في الجيش واجهزة الامن الاسرائيلية، ولكن هل من المعقول ان تكون المؤسسة العسكرية السورية على هذه الدرجة من الغباء بحيث تضع هذه الصواريخ في منطقة مرصودة اسرائيليا، وهاجمتها طائرات اسرائيلية حربية في مرات سابقة؟

هدف هذه الغارة الاول في نظرنا سياسي استفزازي بالدرجة الاولى، فحزب الله ليس بحاجة الى شحنات صواريخ جديدة فلديه اكثر من ستين الف صاروخ، وحتى اذا ارادها فإن وجودها في الارض السورية ربما افضل بالنسبة اليه في الوقت الراهن.

عندما نقول انها غارة استفزازية فإننا نقصد ان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يترنح في استطلاعات الرأي بعد حل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة، ويشعر بالتهميش والغربة على مستوى حلفائه في العالم، وخاصة الولايات المتحدة الامريكية التي باتت اكثر قربا من ايران، اراد ان يقول انه ما زال موجودا وقويا، وقادرا على مهاجمة “الاعداء” لعله يعزز بذلك من فرصه الانتخابية، والعودة بالتالي الى الحكم، وهذا ما زال موضع شكوك الكثير من المراقبين.

الطائرات الاسرائيلية شنت اكثر من 11 غارة على اهداف في العمق السوري على مدى السنوات العشر الماضية، ولم تتصدى لها الدفاعات الجوية السورية مطلقا رغم الانتقادات العديدة لهذا الموقف الذي وصفه البعض بـ “الجبن”، واستخدمته المعارضة السورية كورقة تشهر بالنظام السوري وضعفه، الامر الذي يؤكد ان هناك قرارا استراتيجيا بعدم الرد لاسباب ما زالت غامضة وغير مبررة.

المفترض ان هناك رادارات حديثة يمكن ان ترصد الطائرات الاسرائيلية فور دخولها الاجواء السورية، وتعطي اشارات للقيادة العسكرية بالتصدي لها سواء بالطائرات المقاتلة او بالمضادات الارضية، ولكن هذا لم يحدث في الماضي، ومن الصعب التنبؤ انه سيحدث في المستقبل المنظور ايضا.

لا نعتقد ان القيادة السورية ستنتقم عسكريا لمثل هذه الانتهاكات المهينة لاجوائها وسيادتها من قبل الطائرات الاسرائيلية، لان هذه السيادة والاجواء منتهكة بشكل فاجر من قبل الطائرات الحربية الامريكية التي قامت بألف طلعة في الاشهر الثلاثة الاولى ضربت خلالها اهدافا للدولة الاسلامية وجبهة النصرة، وكان لافتا ان البيان العسكري السوري الذي كشف عن هذه الغارة لم يتوعد بالانتقام في الوقت المناسب، مثلما هو حال جميع البيانات السابقة، ولعل عدم التهديد افضل تجنبا للاحراج، والانتقادات الساخرة من قبل الخصوم.

السؤال الآخر هو: هل سيرد “حزب الله” بالنيابة عن حليفه السوري ويضرب في العمق الاسرائيلي؟ او على الحدود اللبنانية مع شمال الجليل او في هضبة الجولان المحتلة؟

لا نعرف الاجابة، ولذلك لا نستطيع ان نجزم تأييدا للانتقام او عدمه، فحزب الله لم يهدد به، ولكننا لا نستبعد الخيار الاول، اي الرد الانتقامي، فقد ردت وحدات خاصة للحزب على هجمات اسرائيلية، ولكن في لبنان، بتفجير الغام في دورية عسكرية اسرائيلية قرب مزارع شبعا المحتلة قبل بضعة اشهر، مما ادى الى مقتل جندي اسرائيلي واصابة آخرين.

كنا نتمنى، مثل غيرنا من مئات الملايين من العرب والمسلمين، لو ان الطائرات السورية او الدفاعات الارضية اسقطت طائرة اسرائيلية مهاجمة او حتى اصابتها، لان الدفاع عن النفس حق مشروع، ولكن امنياتنا لم تكن في محلها للمرة الحادية عشرة.

السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري بحث في موسكو اثناء زيارته الاخيرة قبل عشرة ايام استلام بلاده صفقة صواريخ "أس 300" المتقدمة المضادة للطائرات، فلعله يريدها لهذا الغرض، أي التصدي للطائرات الاسرائيلية، او ربما حتى الامريكية اذا ما غيرت بوصلة صواريخها باتجاه اهداف سورية، ولكن هذه تخمينات تعكس نوايا طيبة، او تمنيات من جانبنا الذين نتطلع دائما، وسنظل، لمن يوقف مسلسل الاهانات الاسرائيلية، ويعيد الكرامة العربية المسلوبة لنا ولغيرنا.

يبدو ان انتظارنا سيطول.. وسنكرر التمنيات نفسها في مقالنا تعليقا على الغارة الثانية عشرة.

المصدر | رأي اليوم

  كلمات مفتاحية

الغارة الجوية الإسرائيلية الديماس مطار دمشق الطائرات السورية القيادة العسكرية

نهاية التأييد الأمريكي التلقائي لإسرائيل