مثقفون سعوديون: دوريات الأندية الأدبية فضيحة ثقافية

الأربعاء 3 مايو 2017 01:05 ص

دأبت الأندية الأدبية السعودية على إصدار مجلات ودوريات وعلى رغم أن هذه المجلات تستهلك جزءاً من موازنة كل النوادي ومن جهد أعضائها، إلا أن عدداً كبيراً من المُثقفين المتابعين لهذه المجلات لا يرون بجدواها، ويقترحون الاستغناء عنها وتوفير الأموال التي تذهب سدى.

وقال مثقفون لجريدة «الحياة» إن المجلات تعكس مدى حيوية النادي وتعد صورة عنه، مشيرين إلى أنها تختلف من ناد إلى آخر، لكنهم يتفقون على أنها في غالبيتها مجلات لم تستطع أن تعكس الحراك الثقافي أو تسهم في نهضة ثقافية وأدبية.

دوريات غلقها أفضل

وأكد الدكتور «مُعجب العدواني» أهمية الإصدار الدوري للأندية الأدبية إلى حد كبير، لافتاً إلى أن المجلات «تكمن في كونها عناوين دالة على الأندية، ومراصد قياس حضورها الثقافي محلياً وعربياً، وهذا الأمر يقودنا إلى اكتشاف ملمح التباين الدي يقود إلى التفاوت الكبير بين دوريات الأندية؛ إذ نلحظ اتساعاً كبيراً بين عطاءات الأندية في هذا الحقل، ما يجعل من الصعوبة أن نضع تلك المؤسسات في سلة واحدة، أو أن نصنع من دورياتها نسيجاً موحداً يمكن مناقشته والتعليق عليه».

وقال «العدواني» إن بعض هذه المجلات «حظيت بحضور ثقافي والعلمي، وأصبحت تمثل أهمية كبرى وعمقاً معرفياً مُتراكماً في البعدين المحلي والعربي، وفي الوقت نفسه هناك فئة أخرى ضعيفة؛ رأيتُ منها، على سبيل المثال، ثلاثة أعداد من إصدار دوري لأحد الأندية الأدبية، لا يمكن وصف تلك الأعداد إلا بكونها فضيحة ثقافية وهدر مالي يُمارسه أعضاء مجلس إدارة ذلك النادي الذين يكتبون في ذلك الإصدار، بطريقة مخزية وغريبة، فبدا لي أن الأعضاء الكرام لذلك النادي، الذي لا يمكن تصنيفه بأنه في مؤخرة قطار الأندية، إذ يتأخر كثيراً عن تلك النقطة المُفترضة، يظنون أن عضوية مجلس الإدارة تضمن وصفهم بالكاتب أو المبدع».

 وأوضح «العدواني» أنه «ليس شرطاً أن تصدر كل الأندية دوريات لا يكتب فيها إلا أعضاء مجالسها، ولذلك فإن الحل في رأيي، يتمثل في مراجعة تنوع الدوريات وفق معايير نتمكن بها من المحافظة على ما تميز منها، وأن يوصى بغلق الدوريات التي تفوقها صحف الحائط المدرسية، وأن ينقل دعمها، من دون تراجع، إلى الفئة الأولى حتى تستمر الفئة الأولى في حضورها الفاعل، ونودع الفئة الأخرى إلى الأبد».

غياب المثقف لا الدوريات

 ‏بدورها، ترى الكاتبة «مها الشهري» أن إصدارات الأندية الأدبية ودورياتها بمثابة الدور الذي يستوجب منها تقديمه ومع الأنشطة الأخرى وعمل أساسي وضروري وجزء لا يتجزأ من مهامها، «إلا أنه ونتيجة الخصخصة التي تتجه نحوها هذه الأندية فقد يتطلب منها الأمر بعض التقشف بسبب تعرضها للأزمات المالية، ولكن الإلغاء ليس حلاً»، داعية إدارة الأندية الأدبية «إلى العمل بعقلية مختلفة، حتى يتسنى لها الوجود كمحرك للأدب والثقافة باستقطاب المفكرين والمُبدعين، وأن تبحث عن الأساليب التي تندمج فيها مع المجتمع، وإن كانت المسؤولية تقع على المثقف والأديب والمفكر تجاه مجتمعه، إلا أن تلك المسؤولية ستكون أكبر اذا كان هناك عمل مؤسسي يفترض أن يفعل أدوارهم الاجتماعية كالأندية الأدبية».

وأكدت «الشهري» أن الأندية الأدبية إذا وجدت «مجالاً لتلبية حاجات الناس والعمل بما يتناسب ويلبي تلك الحاجات، فإن سوقها ستزدهر، هذا يفرض عليها أن تغير طريقة أدائها الذي تقدم به انشطتها بشكل شبه منقطع عن المجتمع ومشكلاته». ‏

قوة الأندية الأدبية أولا

وبدورها اقترحت الكاتبة «سما يوسف» أن يُخصص لكل ناد عدد محدد من الدوريات والمجلات «تساهم بشكل مُباشر في إثراء الثقافة والمعرفة بكل جديد بعيداً من المحسوبية والمجاملة وهدر المال في ما لا يفيد، والأخيرة من شأنها أن تتسبب في تكدس هذه الإصدارات والتي يكون مصيرها مستودعات الأندية الأدبية».

ويرى الكاتب «وحيد الغامدي» أن الحكم على إصدارات النادي بصفتها استنزافاً للمال «حكم مُجحف على بعض الأندية، التي كان لها إنتاج مهم وحيوي في الساحة، وصحيح أن هذا الحكم ينطبق بصدق على بعض الأندية، وتصديقاً للمثل الدارج (فاقد الشيء لا يعطيه) وبعض هذه الأندية فاقدة للأهلية الثقافية والفكرية المعاصرة، إلا أنه و- بصدق - هناك أندية كان لها الإسهام الكبير والرائع، سواء في الدوريات والنشرات أم في الإصدارات والكتب التي تنتجها»، لافتاً إلى أن تقويم المسألة «يكون بحسب النادي ونوعية القائمين على فعالياته، فهناك أندية هي بذاتها عبء على المشهد الثقافي منذ تأسيسها، إلا أن هناك أيضاً أندية تقوم بدورها الحقيقي في أداء الرسالة الثقافية، على رغم كل ما تواجهه من صعوبات».

أوعية نشر مهمة

في السياق نفسه يؤكد نائب رئيس نادي أبها الأدبي «محمد أبوملحة» أهمية هذه الدوريات والمجلات، مشيراً إلى أنه على امتداد تاريخ الأدب العربي الحديث «كان للمجلات والدوريات الأدبية والثقافية دور بارز في إشاعة المعرفة، وتكوين جيل من الكتاب الشباب، ومناقشة قضايا مهمة، إضافةً إلى مساحات الإبداع للقصة والشعر والمقالة والأجناس الأدبية الأدبية الأخرى في تلك المجلات.

وتسأل نائب رئيس نادي أبها الأدبي من الذي يمكنه أن ينكر أفضال مجلات مثل: «الرسالة»، «الهلال»، «المقتطف» على الأدب العربي؟ ومن يُمكنه أن يتجاهل دور «المنهل» أو «الفيصل» بل حتى مجلة «قافلة الزيت» وغيرها في أدبنا السعودي؟».

وأختتم «أبوملحة» إن الأندية الأدبية هي المؤسسات المعنية بالمجلات الأدبية «ويفترض أن تقوم بدورها في ذلك من خلال الحرص على جودة المادة التي تشتمل عليها تلك المجلات، والتي هي بمثابة أوعية مهمة للنشر الأدبي والملفات الثقافية المُميزة متى ما وجدت الطاقم المخلص لعمله والمتجرد للعلم والأدب والمعرفة».

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

مثقفون سعوديون دوريات أدبية فضيحة ثقافية تبعة أندية