حديقة روسيا الخلفية ليست آمنة

الخميس 11 ديسمبر 2014 08:12 ص

أعلنت وزارة الداخلية الشيشانية يوم الخميس 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري مقتل سبعة مسلحين وعشرة من رجال الأمن وجرح عشرين آخرين في اشتباكات وقعت وسط العاصمة غروزني، بعد أن هاجم مسلحون دورية للشرطة واحتموا بدار للنشر.

وقالت الوزارة أيضا إن الاشتباكات ألحقت أضرارا كبيرة بمدرسة ومبنى لدار النشر الوطنية تحصن فيهما المسلحون.

وكان الرئيس الشيشاني «رمضان قديروف» قد قال إن اشتباكات تدور بين قوات الأمن ومسلحين محاصرين داخل مدرسة وسط غروزني، مؤكدا مقتل ستة من أفراد المجموعة المسلحة على الأقل وثلاثة من أفراد الشرطة في مواجهات اندلعت منذ فجر الخميس.

وكتب «قديروف» على حسابه على موقع أنستغرام الإلكتروني إنه تم «القضاء على ستة إرهابيين» بعد أن فتحوا النار على سيارة دورية للشرطة وقتلوا ثلاثة ضباط ثم اقتحموا مكاتب تابعة لوسائل إعلام محلية.

ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن «قديروف» قوله إن عددا من المسلحين ما زالوا محاصرين في مدرسة وسط مدينة غروزني ولم يتضح ما إذا كان قد تم احتجاز أي رهائن.

كما نشر شريط فيديو على الإنترنت لم يتم التحقق منه وأظهر على ما يبدو قذيفة سقطت في مبنى دار نشر اشتعلت فيه النيران بالفعل.

عادت الشيشان مرة أخرى لصدارة عناوين الأخبار بعد الاشتباكات الشديدة بين قوات الأمن ومسلحين إسلاميين في العاصمة غروزني الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في خطاب حالة الاتحاد إن بلاده محاطة بأعداء يسعون إلى تدميرها، لكنه أكد استعدادها لمواجهة أي تحد في إشارة إلى خطورة الوضع الداخلي والتكلفة العالية لدور ومواقف روسيا في الشرق الأوسط والساحة الدولية.

بدأ «بوتين» رحلته في السلطة بالتركيز على بناء دولة قوية وإحياء المشاعر القومية والاستفادة من زيادة أسعار النفط في الأسواق العالمية، هذه العوامل التي اعتمد عليها تونس لتأمين شعبيته في الداخل لم يبق منها شيء، فقد هربت المليارات من روسيا وتعرضت لعقوبات وانخفضت أسعار النفط، كما أن عودته إلى الرئاسة قبل عامين أثارت احتجاجات داخلية واسعة واتهامات بالتزوير والفساد.

وقال «بوتين في خطابه السنوي أمام البرلمان إن روسيا «أثبتت أنها قادرة على الدفاع عن مواطنيها»، في إشارة واضحة إلى سكان القرم التي ضمتها روسيا في مارس/آذار، وقال «بوتين» إن منطقة القرم مقدسة لدى روسيا تماماً مثل «جبل الهيكل" بالنسبة لليهود، وأضاف أن ضم القرم متوافق تماماً مع القانون الدولي، وأن روسيا لن تستسلم للضغوط الغربية إزاء ضم شبه الجزيرة من أوكرانيا، وأكد «بوتين» أنه على ثقة بأن قوات الأمن في جمهورية الشيشان ستكون قادرة على هزيمة المسلحين الإسلاميين، وقال: «أنا على ثقة بأن الرجال هناك والأجهزة المسؤولة عن إنفاذ القانون قادرون على تدبر الأمر».

وقال «بوتين» إن بعض الدول ترغب في تفكك روسيا مثلما حدث في يوغسلافيا من قبل، لكنه أكد أن موسكو لن تدع ذلك يحدث، وانتقد خطط الولايات المتحدة لبناء درع دفاع صاروخي في أوروبا، وقال إنه لا فائدة من محاولة التحدث إلى روسيا من موضع قوة، وتابع أن «روسيا لا تعتزم في أي حال من الأحوال قطع علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة» بسبب الأزمة في أوكرانيا، وأوضح «لكننا في الوقت نفسه نعزز ونوسع علاقاتنا التقليدية مع القارة الأمريكية الجنوبية وسنواصل التعاون مع إفريقيا ودول الشرق الأوسط».

ووجه «بوتين» انتقاداً جديداً للولايات المتحدة التي «تسعى للتأثير سواء في الكواليس أو بشكل مباشر في علاقاتنا مع جيراننا»، وأضاف ساخراً «أحياناً لا ندري مع من يجدر بنا أن نتكلم، مع الحكومات أو مباشرة مع حماتهم أو عرابيهم الأمريكيين».

ويقول الباحث الألماني «غيدو شتاينبرغ» الألماني من معهد للشئون الدولية والأمنية ألمانيا، بأن الجماعات القوقازية أعطت مزيدا من تدويل «الجهاد» في سوريا، وإن الإعلان عن اختيار «عمروف» لـ«صلاح الدين» كممثل لتنظيم الإمارة الإسلامية في سوريا أعطت هذه الجماعة مزيدا من الزخم. يشار بان التحالف بين «أبى عمر الشيشاني» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، أثار حفيظة «صلاح الدين الشيشاني» الذي يعد من القادة المهمين في تنظيم أبى عمر وهو ما دفعه إلى الانفصال، وتأسيس تنظيم منافس استخدم أيضاً مسمى «جيش المهاجرين والأنصار» ويتبع «إمارة القوقاز».

ويرى مراقبون أن سياسات روسيا الخارجية في المشرق العربي ستنعكس على الداخل المضطرب خاصة وأن علاقاتها بالعالم العربي دائماً ما تكون مع حكام استبداديين يمارسون جرائم قتل وانتهاك فادح لحقوق الإنسان ضد شعوب تنظر للتدخل العسكري الروسي كتصرف استعماري عدائي ضدها.

واقع الشيشان السياسي والتاريخي

تبعد جمهورية الشيشان التي تعتبر رسمياً أحدى جمهوريات روسيا الاتحادية نحو 1,000 ميل جنوبا من العاصمة الاتحادية موسكو ، وبعد تفكك الإتحاد السوفييتي في 1991 ، تم تقسيم جمهورية الشيشان-أنجوش ذاتية الحكم إلى قسمين: جمهورية أنجوشيا و جمهورية الشيشان. تسمت الشيشان بـ«جمهورية إشكيريا الشيشانية» وسعت للإستقلال، بعد الحرب الشيشانية الأولى ضد روسيا، حصلت الشيشان على استقلال بسلطة الأمر الواقع، لكن السلطة الروسية عادت خلال الحرب الشيشانية الثانية، ومن وقتها بدأت عمليات إعادة الإعمار، بينما تستمر بعض الاشتباكات المتقطعة في الجبال وفي المناطق الجنوبية من الجمهورية.

ومنطقة القوقاز من المناطق التي خضعت لجميع الإمبراطوريات التي قامت عبر التاريخ: اليونانية والرومانية والفرس والصينيين. وبعد سقوط الساسانيين حكم الرومان ثانية حتى الفتح الإسلامي. استمر العهد الإسلامي حوالي خمسة قرون عرفت خلاله بلاد القوقاز الاستقرار والازدهار. حكم المنطقة السلاجقة ثم المغول والتتار واستمر حكمهم حتى سيطرة روسيا القيصرية على بلادهم. والشيشان شعب شديد الاعتزاز بوطنيّته. ووقعت في الشيشان ثورات عدة ضد الحكم الروسي الذي بدأ منتصف القرن التاسع عشر بقيادة الإمام شامل الداغستاني واستمرت من 1831 حتى 1865 كذلك ثورة الحركة القادرية عام 1877 بالإضافة للمقاومة الشيشانية التي استمرت حتى 1917، وبعد انتصار الثورة الشيوعية في روسيا وفي السنوات التالية اللاحقة تجددت المقاومة الشيشانية بوسائل مختلفة ومنوعة، فكانت ثورة 1928 بقيادة الشيخ «شيتا استاميلوف» واستمرت حتى سنة 1935 وانتهت بإعدام مجموعة كبيرة من القادة الدينيين والشيوعيين الشيشان.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

روسيا أوكرانيا القرم الشيشان

روسيا تسعى لاتفاق قريب مع إيران لمبادلة النفط بالسلع

السعودية تعلن حربا نفطية لتركيع وهزيمة إيران وروسيا .. هل ستنجح هذه المرة؟ وما ثمن النجاح؟

اتفاق أمريكا وروسيا على تبادل المعلومات عن الدولة الإسلامية كعدو مشترك

الإمارات وروسيا تخططان لرفع التبادل التجاري بينهما إلى 7 مليار دولار

التحول الروسي من دعم نظام «الأسد» إلى «التوسط بين الطرفين»