استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تغيير صورة الصراع العربي الصهيوني

الخميس 11 مايو 2017 06:05 ص

عند التعامل مع المشروع الصهيوني نحتاج أن نعطي اهتماماً خاصاً لجوانب عدة، إذ أن عدم مواجهة انعكاساتها على مسيرة الصراع العربي ـ الصهيوني سيكون كارثياً على نتائج الصراع في المدى البعيد.

أولاً: قبل اجتماع لبحث «مستقبل المشروع الفلسطيني» من قبل مجموعة من السياسيين والكتاب والإعلاميين منذ بضعة أيام، همست في أذن أخ يجلس بجانبي: «ها نحن نجتمع للمرة الألف لبحث موضوع هذا الصراع»، وأضفت: «عقبال من سيحضرون للمرة المليون». 

بالرغم من نبرة الحزن واليأس فيما قلته، إلا أنه يحمل أيضاً نبرة الإصرار والاستمرار في النضال حتى ولو طال الزمن، وأن قول الكلمة النهائية في هذا الموضوع سيكون لنا، نحن العرب، وليس للصهاينة.

وهذا ما يجب أن يكون واضحاً ومترسخاً في أذهان الأجيال العربية المتعاقبة. فاذا كان اليهود الصهاينة قد حافظوا على أسطورة وكذبة أرض الميعاد لمدة عشرين قرناً فان حقيقة ومهمة استرجاع وطن مسروق تستطيع هي الأخرى أن تنتظر تغير الظروف الدولية والعربية السيئة الحالية إلى ظروف أفضل تسمح بدحر المشروع الصهيوني لا في فلسطين فقط، بل في كل أرض العرب.

هذه معركة ذهنية ونفسية مع الواقع، يجب ألا يسمح للصهاينة ولا لحلفائهم بأن يقرروا نتائجها. إنها معركة طويلة النفس، وصراع ارادات، ورفض للتراجع أمام إذلالٍ حقيرٍ. من هنا أهمية جعلها جزءاً من ثقافة متجددة يشربها الطفل العربي مع حليب أمه، ويعيها حتى يوم مماته.

ثانياً: هناك ثقافة متعددة الوجوه، شيطانية الوسائل والمقاصد، بدأت تنتشر مؤخراً وتقوى. فهي تبدأ بتغيير عناوين الموضوع، إذ ما عدنا نتعامل مع خطر صهيوني وجودي على أمة العرب، وإنما مع نزاع فلسطيني ـ إسرائيلي. وهي تتجنب ذكر حقائق أساسية بالنسبة للموضوع، من مثل أن أكثر من 85 % من أرض فلسطين أصبحت محتلة وجزءاً مما يسمُى بدولة «إسرائيل»، وأن حملة الاستيطان الصهيوني المسعورة لن تترك أكثر من 10% من أرض فلسطين التاريخية ليسكنها الشعب الفلسطيني المقدر عدده حالياً باثني عشر مليوناً، ومن مثل أن الصهيونية لا تزال في شعاراتها السياسية وأدبيات فكرها وهلوساتها الدينية ترفع شعار «من النيل إلى الفرات»، ومن مثل أن لدى الصهاينة وعداً أمريكياً بأن لا يسمح الغرب قط للقوى العسكرية العربية مجتمعية بأن تتساوى مع القوة العسكرية الصهيونية، ومن مثل أن لا يسمح الغرب قط للعرب بأن يمتلكوا السلاح النووي ليوازنوا به السلاح النووي الصهيوني.

هذا بالنسبة لمحو الحقائق المرعبة من ذاكرة الأجيال العربية الحالية والمستقبلية.

لكن هناك وجوه أخرى للثقافة الجديدة. فالذي يشدد عليه الآن هو ان أي مقاطعة عربية للبضائع الصهيونية أو للأنشطة الدولية والإقليمية التي يشارك فيها الصهاينة تتناقض مع متطلبات العولمة. وعليه فاذا كان العرب يريدون أن يكونوا جزءاً من العولمة فعليهم التخلًي النهائي عن المقاطعة، بل والانتقال الكامل للتطبيع مع هذا الخطر الاستعماري الوجودي الذي ينادي بإخراجهم من التاريخ والمستقبل.

ومع الأسف فان الكثير من العرب، فنًانين وإعلاميين ورياضيين ورجال أعمال ورجال استخبارات ومسؤولين سياسيين، قد بدأوا يقتنعون بهذه الأكاذيب والدعايات المصنوعة في مدينة تل أبيب، وبدأنا على الأخص رؤية الوجوه الصهيونية وهي تتحدُث عبر محطات تلفزيونات العرب وتحضر أشكالاً من مؤتمراتهم إلخ…

نحن أمام ثقافة تتلون بألف لون من أجل تغيير اذهان ومشاعر والتزامات وثوابت جيل الشباب العربي حتى ييأس من جهة، وحتى يقبل بالهيمنة الصهيونية الكاملة على حاضره ومستقبله عبر كل أرضه. وهي ثقافة سنحتاج لمواجهتها جهوداً رسمية متناغمة مع جهود المجتمعات المدنية العربية.

ثالثاَ: وهذا من أخطر الجوانب. لقد كان الحديث في الماضي عن الصراع العربي –الصهيوني يقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية. لكن الجنون الطائفي العبثي الذي يجتاح الأرض العربية حالياً بدأ يدخل الموضوع الصهيوني في قلب الدين الإسلامي. من هنا كثر الحديث مؤخراً عن استراتيجية عربية صهيونية، برعاية أمريكية، لحماية المذهب السني من المذهب الشيعي.

وهذا يمثل أخطر وأعقد زج للموضوع الصهيوني في الحياة العربية. ولا يحتاج الإنسان إلى التذكير بالجوانب العاطفية المتخيلة التي دخلت في الخلافات الفقهية الإسلامية عبر القرون لتقلبها من خلافات فقهية إلى خلافات طائفية مليئة بالأكاذيب والاستعمالات السياسية الانتهازية.

ما يحزُ في النفس أن بعض العرب قد وقعوا، دون قصد، في هذه اللعبة الخطرة، ونسوا أن الخطر الصهيوني هو خطر على الجميع، على كل العرب المسلمين والمسيحيين، على كل المذاهب والمدارس الإسلامية.

وهكذا، فكما خدعت الصهيونية بعص العرب وباعتهم كذبة السلام العادل، سلام الشجعان، فستبيعهم كذبة الحرص على حماية هذا المذهب من ذاك المذهب، ليخسر الجميع، وتربح الصهيونية الربح المؤكُد في المدى البعيد.

الواقع أن موضوع الصراع العربي الصهيوني هو في سيرورة متغُيرة، مليئة بالمؤامرات والمطبات، وسيحتاج إلى استبدال سبل مواجهة أخطاره الكبيرة، بالكشف الدائم لألاعيبه، وبتوعية الأجيال العربية بصورة دائمة، وبالاقتناع الذي لا يتزعزع بأن الخطر الصهيوني الوجودي في الحياة العربية لن ينتهي إلا بهزيمة جنوده ومجانينه وأساطيره وألاعيبه، سواء طال الزمن أو قصر إنه قدر العرب الذي فرضه الغير عليهم، ولا يمكن الفرار منه.

* د. علي محمد فخرو كاتب بحريني

  كلمات مفتاحية

الصراع العربي الصهيوني المشروع الصهيوني «مستقبل المشروع الفلسطيني» الكلمة النهائية في الصراع العرب الصهاينة الأجيال العربية المتعاقبة اليهود الصهاينة أسطورة أرض الميعاد الظروف الدولية والعربية الثقافة الجديدة المقاطعة العربية التطبيع الخطر الوجودي