استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

دور الطيارين السكارى في قصف الموصل

الأربعاء 17 مايو 2017 02:05 ص

خَدَش تحقيق أجراه اثنان من المحققين الفيدراليين الأمريكيين، حاجز الصمت المتفق عليه، عراقيا وأمريكيا، حول عمل ما تسمى بالشركات الأمنية في العراق، ليعيد الى الأذهان صورة بشعة لجرائم يتم ارتكابها والتستر عليها، بعد تغليفها بورق «أمن وحماية» السفارة الأمريكية وقواعدها.

أذ نشرت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء، تحقيقا، بناء على شهادة المحققين، اللذين تم طردهما حين أصرا على صحة نتيجة تحقيقهما الذي اقتضى عاما.

كشفت الوكالة جوانب «مستورة» من عمل الشركة الأمنية «سالي بورت غلوبل»، المتعاقدة مع الإدارة الأمريكية بعقد قيمته 686 مليون دولار، لضمان أمن قاعدة بلد الجوية، التي تقلع منها مقاتلات أف -16 لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية.

وثق التحقيق عمليات تهريب معدات ومولدات تقدر أسعارها بالملايين، والانخراط بتهريب نساء لأغراض الدعارة بين الجنود، والتهريب «الروتيني للمشروبات الكحولية بكميات هائلة. وإقامة سهرات يتناول خلالها الجنود والطيارون كميات هائلة من الكحول، ووصلت الأمور حدا بحيث قام أحد الطيارين بقيادة طائرة أف 16 الحربية وهو ثمل فكانت تتمايل يمينا ويسارا في الجو».

وأكد المحققان لوكالة الأنباء، أن إدارة شبكة التهريب، بأنواعه، كانت تدار من «فندق برهان»، الواقع على مبعدة 5 دقائق من مطار بغداد، وأن هناك حلقة دعارة أخرى، خاصة بمتعاقدي الشركة الأمنية، وإن لم يصرحا بتفاصيل أكثر عنها.

هناك صمت مطبق، في السنوات الأخيرة، حول تواجد وعمل الشركات الأمنية، بالعراق، على اختلاف مسمياتها من الشركات العسكريّة الأمنية الخاصّة، إلى شركات الحماية الأمنية، مرورا بالمقاولين الأمنيين والمرتزقة وكلاب الحرب وجيوش الظل. الصمت مفيد ومجز لكل الاطراف المتعاقدة والمستفيدة من طبيعة عمل هذه الشركات.

سواء كانت الجهة عراقية أو أمريكية أو الشركات نفسها الحاصلة على العقود الكبيرة من جهات متعددة أهمها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون). حيث تنفذ هذه الشركات، مهاما كانت تناط سابقا بقوات الجيش الأمريكي، وتكلفه حياة أفراده، بالإضافة إلى التكلفة المادية العالية، واحتمال إثارة غضب الرأي العام الأمريكي. أنها أرخص، خاصة، إذا كان مستخدموها من غير الأمريكيين، كما أنها لا تخضع لقواعد الحرب وقوانينها في زمن خصخصة الحرب.

النظام العراقي يتستر، بدوره، على تواجد المتعاقدين الأمنيين/ المرتزقة، لأنهم ارتكبوا جرائم بشعة موثقة، أجبرت الإدارة العسكرية الأمريكية على التحقيق فيها، فلم يعد من اللائق ألا يعترض ساسة النظام على ما تظاهر «أهل الدار» بالاعتراض عليه، بالإضافة إلى استفادة عدد من الساسة والمسؤولين من سمسرة العقود وغيرها.

أن ما كشفه المحققان الأمريكيان، قد يكون فضيحة من وجهة نظريهما ووزارة الدفاع الأمريكية، لأنه يشكل إخلالا بالعقد المبرم بين الجهتين إلا أنه يجب أن يعامل كجريمة لا تحتمل السكوت، من قبل الحكومة العراقية، التي يفترض فيها تمثيل الشعب وحمايته.

إنها جريمة من ناحيتين: الأولى تتعلق بحياة وعدد الضحايا المدنيين، في مدينة الموصل وغيرها، جراء القصف المستمر، من قبل طيارين يقودون طيارات أف 16 وهم سكارى والطائرات تترنح يمينا ويسارا، فكيف يميزون بين الأهداف؟، بين المستشفى والجامعة والمبنى الذي تستخدمه داعش للذخائر؟، كم من المدنيين سقطوا وقادة «التحالف» مع المسؤولين العراقيين يهينون الناس بادعائهم «المحافظة على أمن المدنيين»؟

الناحية الثانية، هي قضية الإتجار بالبشر والدعارة، التي مثل العديد من القضايا الإنسانية والاجتماعية المهمة، دُفعت جانبا «لأننا نحارب الإرهاب»، كما يردد لنا رئيس الوزراء «حيدر العبادى» كلما ازداد عدد المعتقلين، وطفت على السطح جثث من يقتلون تعذيبا في المعتقلات.

جاءت الاستجابة لنشر التحقيق، من عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية «محمد الكربولي»، (6 أيار/مايو) الذي أعلن عن «عزم» لجنته تشكيل لجنة للتحقيق بتقارير تحدثت عن «فضائح جنسية وسرقات» في قاعدة بلد الجوية، مبينا أن «حصول أي خروق داخل القاعدة يسيء لسمعتها وسمعة العراق هو أمر لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال». ولأن العزم على تشكيل لجنة ومن ثم تشكيلها بات مشجبا لدفع القضايا المهمة إلى خزانة مظلمة لا يصله أحد، بإمكاننا القول أن مصير هذه اللجنة، إذا شكلت، سيكون مصير المئات من قبلها.

بلا نتيجة، رغم توفر نتيجة التحقيق الأمريكي بتفاصيلها التي باتت متوفرة للجميع، ومعرفة الأماكن التي تدار فيها شبكات التهريب والدعارة ومن بينها فندق البرهان الذي، ما أن تضع اسمه على «غوغل»، حتى يخبرنا، عبر شركة الحجز «بوكنغ دوت كوم» بأنه في موقع ممتاز من ناحية حرية التنقل السريع، فهو «داخل فندق مطار بغداد الدولي، ويضم بارا ومطعما مع بوفيه.. تحتوي الغرف على تلفزيون بشاشة مسطحة مع قنوات فضائية وتكييف وميني بار».

يشكل توفر الحقائق، المذكورة بالتحقيق الأمريكي، أرضية ممتازة لمساءلة الشركات الأمنية التي يحيط الغموض بعددها، وأن ذكر رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان «حاكم الزاملي» في 2 تشرين الأوّل/ أكتوبر من عام 2016 «هناك، في محافظة البصرة، وحدها، 700 شركة، ما بين أجنبيّة ومحليّة، وفي حوزتها 17 ألف قطعة سلاح متعدّدة الأنواع، وإنّ 75 ألف عنصر أجنبيّ يعمل في تلك الشركات».

ولابد أن تصويت البرلمان في 26 كانون الثاني/ يناير من عام 2017، على مشروع قانون الشركات الأمنيّة، سيساعد في سير التحقيق.

كل هذا ممكن، طبعا، إذا توفرت النية الصادقة، لدى أصحاب القرار وكان همهم حماية المواطن في بلد يتمتع بالاستقلال والسيادة.

 

٭ د. هيفاء زنـﮔنة كاتبة من العراق

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العراق قاعدة بلد الجوية تهريب الكحول الاتجار بالبشر والدعارة الحكومة العراقية ضحايا الموصل المدنيون