الفاينانشيال تايمز تدعو الغرب للتشدد تجاه "وحشية" السيسي ورعاته الخليجيين

الثلاثاء 24 يونيو 2014 05:06 ص

افتتاحية الفاينانشيال تايمز، 24 يونيو/حزيران 2014 - ترجمة الخليج الجديد

«عبد الفتاح السيسي»، قائد الجيش المصري السابق، أخذ السلطة في انقلاب قبل حوالي سنة واحدة. ودفع بمصر بلا هوادة على الطريق نحو الحكم الاستبدادي الأوتوقراطي، وأدار نظامًا له سجل في حقوق الإنسان، من حيث وحشيته، يبدو مصمما على مطابقة نظام «حسني مبارك»، سيده السابق.

مع اندلاع الاضطرابات في جزء كبير من الشرق الأوسط، تجاهل كثيرون في الغرب المظالم التي يرتكبها نظام السيسي، وليس أقلها أحكام الإعدام المفروضة على المئات من معارضيه. لكن سجن ثلاثة صحفيين يعملون لقناة الجزيرة، وهي قناة إخبارية مملوكة لقطر، ألقت ضوءا ساطعا آخر على انتهاكات النظام.

«بيتر غرستي»، مراسل صحافي حائز على جائزة أسترالية، واثنين من زملائه مصريي المولد، حكم عليهم بالسجن يوم الإثنين لمدة سبع سنوات من قبل محكمة في القاهرة بتهمة نشر أخبار كاذبة ودعم جماعة إسلامية محظورة الآن، هي الإخوان المسلمون. يقول كثير من المحللين إن سجنهم يرقى إلى الانتقام السياسي من قبل نظام السيسي ضد حكام قطر، التي دعمت «محمد مرسي»، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، الذي أطيح به في انقلاب العام الماضي.

ليس هناك أدلة على أن الرجال الثلاثة قد ارتكبوا أي جرم. فالسيد «غرستي»، على سبيل المثال، ليس مسلما وقضى وقتا قليلا في العالم العربي قبل اعتقاله. كانت هذه محاكمة هزلية تشرف عليها محكمة لا تحترم معايير القانون والعدالة الراسخة. كان هؤلاء الرجال مذنبين بجريمة الصحافة - لا شيء أكثر من ذلك.

تشكل محنتهم مثالا آخر على قسوة النظام المصري. يخشي الجنرالات المتنفذون في البلاد من الإخوان المسلمين ويرفضون أي تصالح مع الإسلام السياسي. لقد قتلوا أكثر من ألف من الإسلاميين بعد سيطرتهم على السلطة واعتقلوا 16 ألف شخص.

تثير حملة القمع هذه أيضا تساؤلات حول موقف الغرب من السيد «السيسي». ففي نهاية الأسبوع الماضي، كان «جون كيري»، وزير الخارجية الأمريكي، في مصر، لاستعادة "الشراكة التاريخية" لواشنطن مع القاهرة. وقال إن الولايات المتحدة سوف تقدم قريبا المساعدات العسكرية التي تم تعليقها بعد الانقلاب. يبدو أن السياسة الواقعية للولايات المتحدة في المنطقة قد تخلت عن أي الالتزام بحقوق الإنسان.

تواجه سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تحديات هائلة. فحالة الطوارئ الجهادية تجتاح المنطقة، والولايات المتحدة تعتبر السيد «السيسي» حليفا مستقرا في المعركة ضد التطرف الإسلامي. الولايات المتحدة تحتاج مصر للحفاظ على الأمن في شبه جزيرة سيناء المضطربة، وهي أرض خصبة للمتشددين من تنظيم القاعدة.

مع ذلك، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها إعادة التفكير في نهجها تجاه مصر. ينبغي لهم أن يحثوا السيد «السيسي» على إنهاء رفضه الشرس لوجود المعارضة، سواء كانت من جماعة الاخوان المسلمين أو من الليبراليين العلمانيين الذين تعرضوا أيضا لانتقام سلطته. التأثير الوحيد لسياساته هو دفع الإخوان تحت الأرض. وهذا يمكن أن يشجع فقط أولئك المتطرفين الاسلاميين الذين يقولون ان العنف فقط هو الاستجابة الصالحة لقمع النظام - وبالتالي فإن أعمال الجهاديين الإرهابية هي وسيلة الرد على ذلك.

ينبغي أن يتخذ الغرب أيضا نهجا أكثر تشددا تجاه السيد «السيسي» ورعاته الخليجيين. يجب على الولايات المتحدة أن تجعل أي نقل مستقبلي للمساعدات العسكرية لمصر متوقفًا على نهج أكثر شمولا لمعارضي النظام. «ديفيد كاميرون»، رئيس الوزراء البريطاني، ينبغي أن يعيد النظر في قراره بفتح تحقيق في المخاطر الأمنية التي يشكلها الإخوان المسلمون. فهذا التحقيق يتجاوز قليلا لعبة العلاقات العامة الرامية لاسترضاء دول الخليج لأنه يخاطر بإرسال رسالة خاطئة إلى السيد «السيسي» - أي أن الغرب في حالة استرخاء بالنسبة لحملته القمعية.

تمر مصر باضطرابات منذ ثورة 2011. لكن يحتاج الغرب إلى التخلص من فكرة أن كل شيء سيكون جيدا إذا استقرت مصر تحت حكم رجل قوي. ستكون مصر مستقرة فقط إذا أصبحت مجتمعا شاملا مستجيبا لكل مواطنيها. ينبغي أن تكون نقطة الانطلاق هي تحرير كل الأبرياء الذين لفقت لهم التهم المفروضة من قبل الدولة متزايدة الاستبداد. ■

  كلمات مفتاحية