«تعويم الجنيه» يفشل في وقف اقتراض البنوك المصرية.. الديون تتراكم والأزمة تستمر

الأربعاء 17 مايو 2017 09:05 ص

لم يفلح تحرير سعر الصرف بمصر، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في إيقاف اقتراض البنوك المحلية، لتعزيز السيولة الدولارية.

فلا تزال البنوك المصرية تقترض من المؤسسات الدولية ، وكثفت هذا الاقتراض مؤخرا، لتعزيز السيولة الدولارية، رغم عودة تدفق العملة الصعبة إلى البلاد منذ تحرير سعر صرف الجنيه، أمام سلة العملات الأجنبية قبل أكثر من 6 أشهر.

ونقلت وكالة «الأناضول»، عن محللين وخبراء مصرفيين، قولهم إن البنوك المحلية تلجأ عادة للأسواق الخارجية لتدبير العملة الصعبة لندرتها داخل البلاد، مشيرين إلى أن التمويلات الخارجية تعد أحد المصادر غير المكلفة للبنوك، بجانب طول مدتها التي قد تتخطى 15 عاماً.

وتعاني مصر من نقص في مواردها من العملة الصعبة، وسط تراجع إيرادات السياحة وقناة السويس (المجرى الملاحي العالمي)، وتحويلات المصريين في الخارج، والاستثمارات الأجنبية المباشرة.

اقتراض مستمر

ووقع «بنك مصر» ثاني أكبر بنك حكومي في البلاد، في 15 مايو/ أيار الجاري، اتفاقاً لاقتراض 500 مليون دولار مع بنك التنمية الصيني، لمدة ثماني سنوات.

وقال «عاكف المغربي» نائب رئيس «بنك مصر»، في تصريحات صحفية، إنهم يسعون لجمع مليار دولار أخرى خلال الفترة المقبلة من الأسواق الخارجية، و«يفاضل بين 3 أدوات لتحقيق ذلك، وتضم هذه الأدوات، أما طرح سندات دولية، أو الحصول على قروض مشتركة من مؤسسات دولية، أو عبر التوريق».

كما يدرس البنك «الأهلي المصري»، أكبر بنك حكومي في البلاد، طرح سندات دولية بقيمة 600 مليون دولار خلال العام الجاري، بعدما حصل على قرض بقيمة 300 مليون دولار من الأفريقي للتصدير والاستيراد لتمويل المشروعات التنموية.

وأكد يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك في مارس/آذار الماضي، أن مصرفه يتفاوض بشكل مستمر مع جهات، ومؤسسات التمويل الدولية، للحصول على قروض خارجية لتعزيز سيولته الدولارية.

وارتفعت مديونية القطاع المصرفي المصري بنحو 55.6% خلال عام واحد فقط لتسجل نحو 4.2 مليار دولار في نهاية 2016، مقابل 2.7 مليار دولار بنهاية عام 2015.

ولم يقتصر اللجوء للمؤسسات الدولية لتعزيز السيولة الدولارية مقصورا على البنوك الحكومية فقط، حيث وقع بنك «الإمارات دبي الوطني – مصر» (أحد البنوك الخاصة الكبرى في مصر) في فبراير/ شباط 2017، اتفاقا مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للحصول على قرض بقيمة 125 مليون دولار لتعزيز رأس ماله ودعم استراتيجيته بالسوق.

كما نجحت مصر في يناير/ كانون الثاني 2017، في جمع 4 مليارات دولار من الأسواق الدولية، من خلال سندات دولارية طرحتها الحكومة في بورصة لوكسمبرج.

تأتي هذه القروض، رغم إعلان «طارق عامر» محافظ البنك المركزي المصري، في مارس/ آذار الماضي، أنهم نجحوا في توفير 30 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، منها 13 مليارا حصيلة تنازل عن العملة.

عملة صعبة

من جانبه، قال «أحمد سليم» الخبير المصري، إن «البنوك المحلية تلجأ عادة للأسواق الخارجية لتدبير العملة الصعبة، لندرة العملات الحرة داخل البلاد لاسيما مع تأثر العديد من القطاعات».

وأضاف «سليم»: «ليس هناك ما يمنع البنوك من التوجه للخارج للحصول على الدولار، هذا التوجه جيد شريطة أن يتمكن البنك من تشغيل أمواله بشكل جيد وصحيح».

وشدد على «ضرورة استخدام تلك القروض في الاستثمار، خاصة الذي يدر عائدا بالعملات الأجنبية حتى لا يقع البنك في مأزق تدبير العملة عند الاستحقاق، أي لا يستخدمها في تمويل استيراد سلع استهلاكية».

وتوقع الخبير المصرفي، أن «تتجه بنوك أخرى في مصر للسوق الخارجية خلال الفترة المقبلة، لندرة العملات الحرة داخل البلاد وقد يكون أيضاً لتمويل استثمار أجنبي ذي عوائد دولارية».

تمويلات خارجية

فيما قال «حسام راجح» الخبير المصرفي، إن «التمويلات الخارجية تعد أحد مصادر العملة غير المكلفة للبنوك، بجانب طول مدتها التي قد تتخطى الـ 15 عاما وهو ما يسمح للبنوك بمنح تمويلات دولارية بآجال طويلة».

وتوقع «راجح»، أن تشهد الفترة المقبلة إطلاق العديد من المشروعات العملاقة وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة وتنمية محور قناة السويس، وهي تتطلب تمويلات دولارية بجانب التمويلات المحلية، ما يستلزم استعداد البنوك المحلية لها".

وأوضح أن «نسبة كبيرة من ودائع العملاء في مصر بالعملات الأجنبية قصيرة الأجل، وهو ما يعيق البنوك عن ضخ تمويلات طويلة الأجل».

وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة توسعا من جانب البنوك المصرية في استخدام آلية السندات الدولية، للحصول على الدولار، لا سيما بعد نجاح مصر في طرح سندات بقيمة 4 مليارات دولار في مطلع العام الجاري.

كان البنك المركزي المصري، حرر سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني، لتنخفض قيمة العملة المحلية منذ ذلك الحين مسجلة تراجعا أمام الدولار من 8.8 إلى 18 جنيها للدولار.

ديون متراكمة

ويرى مراقبون أن توقف البنك المركزي المصري عن طرح العطاءات الدولارية، بالتزامن مع تعويم الجنيه، أحد الأسباب الدافعة للبنوك المصرية لمواصلة الاعتماد جزئيا على الخارج في تدبير العملة الصعبة.

ومطلع أبريل/ نيسان 2017، قالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني إن انخفاض الجنيه أمام الدولار سيكون له آثار محدودة على القطاع المصرفي.

ورغم دعوة الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» إلى الحد من الاستدانة، إلا أن بلاده قد اقترضت نحو 15 مليار دولار خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري.

وارتفع الدين الخارجي في مصر ليصل إلى 67.3 مليار دولار في نهاية 2016، مقابل 47.7 مليار دولار في 2015، وفقا للبنك المركزي المصري.

فيما بلغت فوائد ديون مصر نحو 34.4% من إجمالي مصروفات الموازنة العامة خلال ثمانية أشهر من العام المالي الجاري 2017/2016.

وقالت وزارة المالية المصرية في تقرير، الأسبوع الماضي، إن فوائد الدين بلغت 183.6 مليار جنيه ( 10.2 مليار دولار) من إجمالي المصروفات البالغة 532.5 مليار جنيه ( 29.5 مليار دولار) في الشهور الثمانية الأولى من العام المالي الجاري (يوليو/تموز- فبراير/شباط).

ورفعت الحكومة المصرية توقعاتها لعجز الموازنة خلال العام المالي الجاري 2016/2017 إلى 10.9% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 9.8% المقدر وقت إعداد الموازنة، ومقابل نحو 10.2% في منتصف فبراير/ شباط الماضي.

وتكافح مصر لإنعاش اقتصادها منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، والذي أعقبه قلاقل ومجازر دموية وحملات اعتقال بحق أنصار الرئيس «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب، وإغلاق شركات ومصادرة أموال معارضين، ما أدى إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح المصدرين الرئيسيين للعملة الصعبة بجانب انخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قروض بنوك مصر اقتصاد ديون