الديون والتراجع الآسيوي.. هل تسير السعودية على خطى قطر والإمارات وتلجأ للدمج؟

الأحد 21 مايو 2017 11:05 ص

مخطئ من يظن أن صناعة  كرة القدم باتت تعتمد على التاريخ العريق وعدد الألقاب لمنحه الديمومة على منصات التتويج مع الاكتفاء بالمعونات الموسمية من عضو شرف أو محب ثري، بل الأمر أصبح يتعلق بالتطور المادي للأندية والدعم المالي وضبط إيقاع الاقتصاديات من أجل ضمان الاستمرار في المقدمة والمزاحمة على البطولات.

وفي الوقت الذي بات  الاحتراف فيه هو اللغة الوحيدة التي تفهمها كرة القدم، حيث لا مكان للهواة في ساحة اللعبة الشعبية الأولي في العالم، ومع بروز قوي عظمي في القارة الصفراء بدت قادرة على احتكار  الألقاب في  آسيا، عادت إلى الواجهة ظاهرة قديمة جديدة تتعلق بدمج الأندية التي تجمعها قواسم مشتركة إدارية أو جغرافية لتخليق ناد قوي يمكنه مقارعة نمور الشرق الأقصى وكانغرو  أستراليا واستعادة المجد القاري من جديد.

3 أندية في نادي

الاتجاه صوب  الدمج يبدو للوهلة الأولي مثير للجدل ويطرح في طياته أسئلة منطقية تتعلق بالمشكلات المترتبة عليه ومصير اللاعبين في تلك  الأندية، ولمن تنسب الألقاب التي حسمها كل فريق، غير أن تلك الأطروحات سرعان ما تندثر أمام ظهور هذا النادي القوي الذي تولد عن هذه الخطوة، فيما تبدأ بعدها الرد على تلك الأزمات تترا حتي يبقي هذا الاتجاه هو الأمثل خاصة لأندية الخليج لاستعادة سيرتها الأولي.

ويبدو أن أندية  الإمارات و قطر وقبلهما  البحرين قررت أن تأخذ السبق في هذا المضمار والاستفادة من تجربة الفشل المتتالي في اعتلاء عرش  القارة السمراء على مدار العقد الأخير والذي شهد سيطرة يابانية كورية مع ظهور على استحياء للصين وأستراليا، فكانت المحصلة الإعلان عن دمج في  الدوحة وأخر ثلاثي في  دبي.

 وزارة الثقافة والرياضة  القطرية، أعلنت العام الحالي 2017، عن دمج ناديي  لخويا والجيش تحت اسم نادي  الدحيل الرياضي، بداية من الموسم المقبل عقب موافقة الطرفين على عملية الدمج، وهو الأمر الذي عبد الطريق أمام ظهور قوي جديدة في قطر إلى جانب  السد و الغرافة و الريان، يمكنها الصمود ماديا وفنيا في منافسات أسيا.

وعلى نفس الدرب سارت الإمارات، حيث أمر الشيخ محمد  بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس  مجلس الوزراء وحاكم إمارة دبي و وزير الدفاع، مع ختام الموسم قبل أيام قليلة، بدمج ناديي « الشباب» و« دبي» مع النادي « الأهلي» في كيان رياضي واحد يحمل اسم «نادي شباب أهلي دبي»، في خطوة من شأنها أن تنتج كيانا ولد كبيرا للوصول إلى أبعد نقطة في أسيا في قادم الاستحقاقات إلى جانب  العين و الجزيرة و الوحدة.

بدوره، قرر الشيخ سلطان بن محمد  القاسمي حاكم إمارة الشارقة، العام الحالي، دمج ناديي  الشعب والشارقة في كيان واحد، يحمل اسم «نادي  الشارقة الثقافي الرياضي»، وهو الأمر الذي يعكس تخطيط البلد الخليجي لصناعة دوري احترافي قوي، قادر على إفراز منافسة حقيقية تذهب بعيدا خارج البلاد وتفرز لاعبين أكفاء للمنتخب الوطني.

الهدف من الدمج

كل الأندية التي أعلنت الدمج تسعى لبناء فرق قوية، تضم صفوة اللاعبين، مما يؤهلها للمشاركة في المحافل القارية، وتحقيق البطولات القارية، وهو ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قائلاً: «هدفنا بناء فريق قادر على المنافسة قارياً وعالمياً».

وتبدو المشكلات المترتبة على تلك الخطوة في نظر البعض، مزايا تمنح المنافسة بعدا جديدا، حيث يكسر الدمج احتكار الكبار للعديد من النجوم، ويمنح باقي فرق الوسط الفرصة لتدعيم الصفوف بلاعبين على مستو عال لم تسع قائمة الفرق المدمجة لضمهم، ما يساهم في اتساع رقعة المنافسة وتدعيم فرق الوسط للمنافسة.

هيبة مفقودة

وتقف المملكة في مرحلة ضبابية تبدو معها في أمس الحاجة إلى حذو رفاق الخليج، والاستثمار في فكرة الدمج، خاصة وأن أكثر أندية دوري جميل للمحترفين من أزمات مالية طاحنة، مما منعهما من سداد مستحقات اللاعبين المحترفين، ورواتب الأجهزة الفنية والعالمين بها، بجانب رفع أصحاب المستحقات شكوى لدى الفيفا، والذي بدوره وقع العقوبات على الأندية السعودية، مثل الاتحاد، والشباب، وغيرهم، فضلا عن عدم القدرة على مناطحة أندية الشرق الأقصى على منصات التتويج والخروج من دائرة المنافسة لـ12 عاما كاملة وغير معتادة على أندية المملكة.

وحاولت هيئة الرياضة، الخروج من مأزق الأزمة المالية التي تمر بها الأندية السعودية، ولجئت في النهاية للخصخصة، ووضعت نادي الاتحاد، ضمن الباقة الأولى للأندية التي ستطرح نهاية الموسم الحالي، من أجل حل أزماته المالية الحالية بشكل نهائي.

وسيتم تحديد القيمة السوقية لأي نادي تمهيداً لبيعه، على أن يتولى رئاسة النادي المخصخص مجلس إدارة يحظى بتوافق التكتل الراغب في الشراء، وهو الأمر الذى دفع لطرح التقرير التخيلي لأبرز الأندية الممكن دمجها، ومناطق تمركزها.

الناظر إلى جغرافية أندية المملكة، لا يحتاج إلى تدقيق ليجد الرياض تضم وحدها عشرات الأندية «النصر، الشباب، الهلال، الرياض، وعدد من أندية الدرجات الأدني»، وجدة تضم أندية «الاتحاد، الأهلي، الربيع، عدد من أندية الدرجات الأخرى»، وبريدة تضم أندية «التعاون، الرائد، عدد من أندية الدرجات الأخرى»، والشرقية «القادسية، الباطن، الساحل، الترجي، الهداية، عدد من أندية الدرجات الأخرى».

بل تضم المجمعة والتي تعد جيبا في العاصمة أندية «الفيصلي، الفيحاء، وعدد من أندية الدرجات الأخرى»، وتحوي المدينة المنورة أندية «أحد، الأنصار، بدر، عدد من أندية الدرجات الأخرى»، والدمام «الاتفاق، النهضة، عدد من أندية الدرجات الأخرى»، والإحساء تضم أندية «الفتح، هجر، الجيل، النجوم، العدالة، عدد من أندية الدرجات الأخرى»، ومكة المكرمة تضم أندية «الوحدة، وج، الانتصار، القوس، عدد من أندية الدرجات الأخرى».

كل تلك الأندية يمكنها أن تصنع بطولة أكثر قوة وتنافسية تتسع لخرج من عباءة الأهلي والاتحاد والهلال والنصر، لتذهب إلى أبعد من صراع رباعي إلى ثماني وربما أكثر.

ويبدو نادي الشباب مثالا قويا بعدما أصبح بعيداً عن البطولات، في ظل الأزمات المالية التي تلاحق الليوث مما منع الإدارة من التعاقد مع صفقات جديدة، وحقق الفريق أخر بطولة موسم 2014، من بعدها غاب عن منصات التتويج، وعملية دمجه ستصبح ممكنه ليزاحم الهلال أو النصر، أو ربما خطوة أكثر جرأة بالدمج مع أحدهما.

وفي المنطقة الشرقية التي تضم عددا من الأندية، بمختلف المناطق مثل حفر الباطن والخبر والقطيف، في حالة دمج كل هذه الأندية تحت مسمى ناد واحد وبشعار جديد، سيكون الفريق الجديد قادراً على البقاء بدوري المحترفين، بدل من الصعود والهبوط المتتالي.

الفكرة لا تبدو مستحيلة، أو مثار سخرية أو تهكم، وإنما تستحق الدراسة والنظر في العيوب والمشكلات المترتبة عليها والمكاسب والإيجابيات المتولدة عنها، ومن ثم الاتجاه نحو تخليق كيانات قوية لا تتغذي على أموال الدولة أو تنتظر المعونات أو تغرق في دومات الديون، وإنما قادرة على استعادة الهيبة المفقودة وانتزاع البريق الأسيوي الذي آفل طويلا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

دوري جميل السعودية الإمارات قطر