استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عن السياسة في زمن التواصل والهواتف الذكية

الأربعاء 24 مايو 2017 05:05 ص

ليس من العسير القول إن المؤرخين في المستقبل، سيضعون فاصلاً بين زمنين؛ زمن مواقع التواصل والهواتف الذكية، وزمن ما قبلها، الأمر الذي يبدو أكثر وضوحاً حتى من تصنيف ما قبل الفضائيات وما بعدها، ولا شك أن عوالم الحكم والسياسة والعمل العام هي الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة.

عبثاً تحاول الأنظمة الشمولية وشبه الشمولية محاصرة تلك الظاهرة، عبر أدوات القمع التقليدية، وزج الكثيرين في السجون بسببها، لكن الخرق بات أكبر من قدرات الراتق، ولم يعد بالإمكان مراقبة الملايين من البشر، والملايين من الرسائل التي تتدفق في كل ساعة عبر تلك الأدوات والمواقع.

ليست الأنظمة الشمولية أو شبه الشمولية هي وحدها من تتأثر بتلك الأدوات والمواقع، بل يشمل ذلك الديمقراطية أيضاً، والتي صارت كل حركة لها مرصودة ومراقبة من الجماهير على نحو استثنائي.

وفي حين كانت الفضائيات تمنح ثقافة سطحية للناس، أو مجرد أخبار كان بعضها محجوباً عنهم، فإن مواقع التواصل تبدو أكثر تأثيراً، فهنا والآن، بات كل شخص يحمل فضائياته في جيبه، ويتنقل بينها كما يريد، ويشاهد الفيديوهات والأخبار، ويعيد إرسالها لأقاربه وأصدقائه، وسترى أحياناً أن مقطعاً صغيراً قد شاهده الملايين من البشر خلال ساعات.

قبل زمن مواقع التواصل والهواتف الذكية و»الواتس أب»، وما شابه كان معدل القراءة لدى الغالبية الساحقة من الناس في العالم الثالث لا يتعدى بضع صفحات في العام الواحد، لكن المشهد اليوم بات مختلفاً إلى حد كبير، فقد ارتفع معدل القراءة على نحو لافت، وإذا أضفنا النصوص المشاهدة إلى المقروء، فسنجد أن معدل القراءة قد ارتفع أضعافاً مضاعفة، وهو ما يساهم في زيادة الوعي، ومعه الحشد ضد أشياء معينة، أو جهات معينة، أو لصالحها.

في هذه الأجواء لم يعد بوسع الأنظمة أن تمارس القمع والفساد بالطريقة القديمة، ومن دون أن يدري بالقضية سوى قلة قليلة من الناس المعنيين بعالم السياسة والعمل العام، إذ إن الوضع الجديد جعل من البشر جميعاً فاعلين بهذا القدر أو ذاك، وليسوا مجرد أرقام كما كانوا في السابق.

لعالم الهواتف الذكية وملحقاتها ومواقع التواصل الكثير من السلبيات من دون شك، ولكننا نتحدث هنا عن تأثيرها في عوالم السياسة والحكم والعمل العام، وهنا نجد أنها ذات تأثير كبير، من غير الممكن لجمه بالأدوات التقليدية؛ هذا إذا كان بالإمكان لجمه أصلاً.

وفي حين ستحاول الأنظمة اكتشاف المزيد من الأدوات للحد من فعالية مواقع التواصل وملحقاتها، ومن ضمن ذلك استخدام بعض أدوات التوجيه، وتشكيل جيوش إلكترونية، إن كان للمراقبة، أم للضخ والتأثير، فإن ذلك سيكون ضرباً من العبث، ولن تستطيعه سوى الأنظمة الغنية، بل سيكون عسيراً حتى على هذه الأخيرة.

في ضوء ذلك لا خيار أمام أهل السياسة والعمل العام في المدى المتوسط والبعيد، بل ربما القريب أيضاً سوى الانسجام مع تيار التاريخ، عبر تغيير نهجهم واعتماد مسار التعددية والشفافية على كل صعيد، حتى يكونوا بمنأى عن سياط النقد التي يحملها كل مواطن في جيبه ليل نهار.

أما الإصرار على النهج القديم، فلن يكون مفيداً بحال، وسيعزز من مسار القمع الذي سيؤدي بمرور الوقت إلى الانفجار، ولا يغرّنهم أن ربيع العرب قد تم إجهاضه، فهو لم يكن سوى موجة قد تتبعها موجات بعد وقت لن يطول.

* ياسر الزعاترة كاتب سياسي أردني/ فلسطيني

المصدر | العرب القطرية

  كلمات مفتاحية

السياسة وسائل التواصل الاجتماعي الهواتف الذكية الأنظمة الشمولية الديمقراطية الفضائيات التعددية والشفافية