هل اعتذار سلطنة عمان عن عدم استضافة القمة الخليجية المقبلة بداية انسحاب هادىء؟ أم لأسباب “لوجستية” بحتة؟

الأحد 14 ديسمبر 2014 02:12 ص

توقف الكثير من المراقبين عند اعتذار سلطنة عمان عن عدم استضافة القمة الخليجية المقبلة في مسقط في كانون الاول (ديسمبر) المقبل واعلان البيان الختامي لقمة الدوحة التي اختتمت أعمالها يوم الثلاثاء الماضي (استغرقت الاجتماعات ساعتين فقط) ان القمة المقبلة ستكون في الرياض نتيجة لهذا الاعتذار الامر الذي اثار العديد من علامات الاستفهام حول اسباب هذا الاعتذار العماني ومبرراته.

الجانب العماني لم يعط اي تفسيرات رسمية مقنعة لهذا الاعتذار، والشيء نفسه حصل من قبل الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، الامر الذي زاد من حدة التكهنات والتفسيرات.

مصدر خليجي قال لـ"راي اليوم" إن هناك احتمالين يمكن اذا ما اخذا في عين الاعتبار ان يلقيا بعض الاضاءة في هذا المضمار:

الاحتمال الاول: ان تكون سلطنة عمان باتت تنأى بنفسها تدريجيا عن مجلس التعاون الخليجي بهدوء، ودون اي ضجيج، وتبلور لنفسها “هوية مستقلة”، بعد تبلور قناعة راسخة لدى قيادتها وربما شعبها أيضا بأن مجلس التعاون استنفذ جميع اغراضه ولم يعد يقدم أي جديد لأعضائه وشعوبه. وما يعزز هذه النظرية تغيب السلطنة عن قمة الرياض الاستثنائية التي انعقدت الشهر الماضي بدعوة من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وأصدرت “اتفاق الرياض التكميلي” لتسوية الخلاف بين قطر من ناحية والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية أخرى، وهو الاتفاق الذي أدى الى اعادة سفراء الدول الثلاث الى الدوحة، والسماح بانعقاد قمة مجلس التعاون الاخيرة في الدوحة.

المسؤول الخليجي نفسه قال إن العمانيين فسروا  غيابهم بأن هذه القمة الاستثنائية لا تعنيهم بالمطلق فهم لم يكونوا طرفا في الخلاف الخليجي، ولم يكونوا وسطاء فيه فلماذا يحضروا.

ولا بد من الإشارة الى أن العمانيين اعترضوا على مقترح العاهل السعودي بتحويل مجلس التعاون الى “اتحاد” بين دوله، مثلما انسحبوا من اتفاقية العمله الخليجية الموحدة، ولم يتحمسوا للمقترحات المتعلقة بإقامة قوة امن خليجية مشتركة واخرى عسكرية.

الاحتمال الثاني: أن يكون الاعتذار عن عدم استضافة القمة الخليجية المقبلة عائدا لأسباب “لوجستية” صرفة، حيث تريد سلطنة عمان عقدها في مركز المؤتمرات الضخم الذي تعكف على بنائه في العاصمة مسقط ولم يكتمل بعد، ولكن هذا التفسير يبدو "غير مقنع″ لان هناك فنادق ضخمة في العاصمة العمانية استضافت قبل ذلك قمما خليجية، وتوجد فيها قاعات كبيرة يمكن ان تصلح لهذه المهمة.

ويذكر أن العلاقات بين سلطنة عمان ومجلس التعاون الخليجي قد “فترت” بعض الشيء منذ رفض دول خليجية (السعودية) اقتراحا عمانيا بتشكيل قوات “درع الجزيرة” من مئة الف جندي لتكون قوة دفاع خليجية مشتركة، وما اغضب العمانيين في حينها تردد بعض الاقوال التي تتهم بأنهم اي العمانيين يريدون ايجاد وظائف للعاطلين في بلادهم، ومن المفارقة ان المقترح العماني جاء قبل ثلاثة اعوام من اجتياح القوات العراقية للكويت، والمفارقة الثانية ان القمة الخليجية الاخيرة في الدوحة تبنت اقتراحا مماثلا ولكن بعد ربع قرن.

وما يؤكد رغبة السلطنة في تبلور هوية وطنية خاصة بها احتضانهم لمفاوضات سرية امريكية ايرانية لاكثر من ستة اشهر وهي المفاوضات التي ادت الى التقارب الايراني الامريكي، ودون ابلاغ اي من دول مجلس التعاون الاخرى وخاصة السعودية، كما انها اي السلطنة ابقت على سفارتها مفتوحة في دمشق، وانسحبت بهدوء من منظومة اصدقاء سورية بزعامة الولايات المتحدة، ولم تشارك بفاعلية المنظومة الجديدة لمحاربة “الدولة الاسلامية”.

مجلس التعاون الخليجي يقف على ابواب مرحلة صعبة حيث تتعاظم التحديات التي تواجه قادته ابتداء من الخلافات بين اعضائه التي تم "تجميدها" وليس حلها، وانتهاء بالتهديدات "الارهابية" التي تحاصره ودوله من جهات عديدة، وبدأت ارهاصاتها في تفجيرات واعمال قتل وتفجير في اكثر من دولة، آخرها دولة الامارات العربية المتحدة.

تماسك هذا المجلس بدأ يضعف في ظل لجوء الكثير من اعضائه الى سياسات امنية وعسكرية مستقلة عنوانها استضافة قواعد اجنبية امريكية وبريطانية وفرنسية واستغراق اعمال قمة الدوحة الاخيرة ساعتين فقط هو احد المؤشرات في هذا الخصوص، حتى ان البعض بات يطرح سؤالا هامًا هو:

إذا كانت قمة الدوحة التي جاءت في ظروف خليجية وعربية ودولية حرجة استغرقت أعمالها ساعتين فقط، فكم من الوقت ستستغرق القمة المقبلة؟!

المصدر | رأي اليوم

  كلمات مفتاحية

اعتذار عمان استضافة القمة الخليجية علامات الاستفهام. بداية انسحاب هادىء؟ أسباب لوجستية

«شفرة دافنشي» العمانية: دور الوسيط الإقليمي الصاعد

ملفات سوريا واليمن والإرهاب تتصدر القمة الخليجية في الرياض الشهر المقبل