«ن. تايمز»: زيارة «ترامب» للسعودية تمهيد لصفقة فلسطينية.. وجيل القادة الجدد في الخليج أكثر تقبلا للانفتاح على (إسرائيل)

السبت 27 مايو 2017 10:05 ص

منذ 15 عامًا، بدأت السعودية في إعداد صيغتها للسلام بين (إسرائيل) والفلسطينيين والعالم العربي، مع استجابة ضعيفة من قبل القادة الإسرائيليين.

ومنذ أشهر، أكد رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» على المواءمة الإسرائيلية الاستراتيجية المتزايدة مع دول الخليج العربي استنادًا إلى عدائهم المشترك تجاه إيران.

إلا أنّ الرئيس «ترامب» لم يستغرق سوى بضع ساعات فقط بعد هبوطه في (إسرائيل) يوم الاثنين لدمج هذين المفهومين فجأةً وبشكلٍ علنيٍ كقاعدة لخارطة السلام من أجل التوصل إلى اتفاق سلام. وقام باستدعاء اسم العاهل السعودي فيٍ دورٍ قياديٍ لدفع «نتنياهو» لقطع شوطٍ أكبر مع الفلسطينيين.

وعلى الرغم من أنّه لم يتضح بعد ما إذا كان العاهل السعودي قد وافق فعلًا، وما إذا كانت (إسرائيل) ستقدم عرضًا مقبولًا للدول العربية، فقد استخدم «ترامب» رحلته بأكملها حتى الآن للإشارة إلى أنّه يعتبر السعوديين في جوهر القضية.

واختار «ترامب» عاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض، كأول محطةٍ أجنبية له كرئيس للولايات المتحدة، خلافًا لكل من سبقوه، وألقى حديثًا على قادة العشرات من الدول الإسلامية قال فيها أنّه يعتبر المملكة حليفًا حاسمًا في مكافحة الإرهاب ومواجهة إيران.

ويعتمد هذا على مكانة المملكة الفريدة في العالمين العربي والإسلامي، والتي يأمل «ترامب» في الاستفادة منها. فالثروة النفطية في المملكة تمنحها نفوذًا واسع النطاق، وتجعلها واحدة من الدول القليلة التي كان بإمكانها أن تستضيف مثل هذا التجمع الدولي الضخم في وقتٍ قصير. وتعطيها مكانتها كمهدٍ للإسلام وموطنٍ لأقدس المواقع الإسلامية الشرعية الدينية في كثيرٍ من العالم الإسلامي.

وكانت المملكة قد اقترحت بالفعل حلًا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وسمته مبادرة السلام العربية، والتي تبناها 22 عضوًا في الجامعة العربية عام 2002. ودعت إلى السلام بين الدول العربية و(إسرائيل) مقابل انسحاب (إسرائيل) لخطوط الهدنة قبل حرب عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، والحل العادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

ولا تزال الشكوك مرتفعة في دول الخليج حول إمكانية تحقيق «ترامب» لانفراجة في هذا الصدد. لكنّ مؤيدي هذا الجهد يجادلون بأنّ التحولات الأخيرة في العالم العربي ربما جعلت احتمال السلام الإقليمي أقرب.

وقد تراجعت القضية الفلسطينية، التي كانت في السابق أهم الأولويات في العالم العربي، بعدما اجتاحت الفوضى سوريا والعراق واليمن وليبيا، كما تنشغل دول الخليج بانخفاض أسعار النفط وتنافسها مع إيران.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أنّ قادة الخليج يبقون على مسافة بينهم وبين (الدولة اليهودية) في العلن، فإنّهم قد أدركوا بشكلٍ متزايدٍ قيمة (إسرائيل) ضد أعدائهم الإقليميين، وعملوا على وجود علاقاتٍ أمنيةٍ وتجاريةٍ محدودة وراء الكواليس.

الخطوات الصغيرة

وقال «جيسون آيزاكسون»، المدير التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية:«على الرغم من شعورهم بالإحباط إزاء السلوك الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، تعترف دول الخليج بأنّ (إسرائيل) دولة متقدمة ومتطورة مع جيشٍ يمكنه مساعدتها ضد خصومها المشتركة، ولديها قدراتٍ استخباراتية يمكن أن تخدم بشكلٍ جيد احتياجات دول الخليج».

وأضاف «آيزاكسون»: «قد تكون الخطوات الصغيرة الإضافية ممكنة، لكن لا أرى أي شيءٍ مثيرٍ قد يحدث ما لم تكن هناك عملية سلام إسرائيلية فلسطينية حقيقية تكفي لإرضاء الرافضين».

ولدى وصوله إلى القدس، سعى «ترامب» إلى بناء زخم جديد حول صفقةٍ إقليميةٍ كبرى، مدعيًا أنّ العرب كانوا على نفس النسق بالفعل.

وقال «ترامب»: «يشعر الملك سلمان بقوة، وأستطيع أن أقول لكم، أنّه يحب أن يرى سلامًا بين (إسرائيل) والفلسطينيين». وأضاف:«هناك إدراكٌ متزايدٌ بين جيرانكم العرب بأنّ لديهم قضية مشتركة معكم في التهديد الذي تشكله إيران».

ويقول مسؤولون سعوديون أنّ العرض ما زال مطروحًا، بيد أنّهم قد حذروا من تجاهل (إسرائيل) للقضية الفلسطينية.

وقال «محمد اليحيى»، وهو محللٌ سياسيٌ سعودي، وزميلٌ غير مقيم فى مجلس الأطلسي فى واشنطن، والذى كان فى الرياض لمتابعة زيارة «ترامب»: «لا يمكن إنكار أنّ هناك تداخلٌ في المصالح بين إسرائيل ودول الخليج». وأضاف: «لكن ليس هناك أي طريقة يمكن بها إقامة حوارٍ دبلوماسيٍ، ما لم يتم الاعتراف بقضية الفلسطينيين».

ورفضت (إسرائيل) الاقتراح العربي بمجرد إعلانه عام 2002، وكذلك فإنّ العنف الذي اندلع في الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي كانت مستعرة في ذلك الوقت لم يتح للجانبين فرصة للتفاوض، بل وعزز وجهة نظر (إسرائيل) في العالم العربي الغاضب لأجل حقوق الفلسطينيين.

وتحدثت الحكومات الإسرائيلية اللاحقة عن أجزاء من المبادرة. وفي عام 2015، أبدى «نتنياهو» تأييدًا جزئيًا، قائلا أنّ الفكرة العامة، وهي محاولة التوصل إلى تفاهم مع الدول العربية الرائدة، فكرة جيدة.

إلا أنّ الانجراف الصارخ والصريح في السياسة الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي يشكل عقبةً أمام أي اتفاق سلامٍ بين الدولتين، وقد أظهر «نتنياهو» ميلًا ضئيلًا نحو التنازلات، لاسيما فيما يتعلق بوضع القدس الشرقية، وهي قضية عاطفية لكثير من العرب والمسلمين بسبب قدسية أماكنها. وفي الوقت نفسه، ينقسم الفلسطينيون بشكلٍ عميق، بين السلطة الفلسطينية الضعيفة، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وحماس، التي تعتبرها الولايات المتحدة و(إسرائيل) منظمةً إرهابية، وتسيطر على قطاع غزة.

جيل جديد

ويذكر أنّ الأردن ومصر لديهما اتفاقيات سلامٍ طويلة الأجل مع (إسرائيل)، وكلاهما كثفا من تنسيقهما مع (إسرائيل) ضد الجماعات الإرهابية في شبه جزيرة سيناء وفي سوريا. لكنّ أهم التغيرات في الأعوام الأخيرة شهدتها دول الخليج، حيث اعترف جيل الشباب من القادة، مثل «محمد بن سلمان»، ولي ولي العهد السعودي، و«محمد بن زايد»، ولي عهد أبوظبي، بدورٍ يمكن لـ (إسرائيل) أن تلعبه بسياساتها الاقتصادية والأمنية.

ويقول المحللون الذين يجتمعون مع القادة من الجانبين أنّ بعض العلاقات قد تشكلت بالفعل. وقد سمحت دولة الإمارات العربية المتحدة بوجودٍ دبلوماسيٍ إسرائيليٍ في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة التابعة للأمم المتحدة في أبوظبي، وحضر مسؤولون سعوديون سابقون مؤتمراتٍ أكاديمية في (إسرائيل).

وتحت المجهر، اشترت دول الخليج تكنولوجيا أمنية وزراعية وطبية إسرائيلية، وذلك من خلال معاملاتٍ تم توجيهها من خلال دولٍ ثالثة لإخفاء أصلها، وفقًا لأشخاصٍ على اطلاع بالصفقات، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، حتى لا تغضب دول الخليج المعنية.

لكنّ (إسرائيل) لا تزال غير شعبية بين الشعوب العربية، لذلك فإنّ إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع (إسرائيل)، دون تنازلاتٍ لصالح الفلسطينيين، قد يعرض القادة العرب لمعارضة شديدة من قبل شعوبهم.

ويقول بعض الخبراء أنّهم قد لا يحتاجون إلى علاقاتٍ رسميةٍ على أي حال.

وقال «بريان كاتوليس»، وهو زميلٌ بارزٌ في مركز التقدم الأميركي، والذي التقى مؤخرًا مع مسؤولين خليجيين رفيعي المستوى: «تحصل الدول الخليجية بشكلٍ أساسيٍ على ما تحتاجه من الإسرائيليين تحت الطاولة، وقد يكون الخطر الذي يمكن أن تتحمله والمعارضة التي ستحصل عليها من قبل جمهورها ومن إيران، دون إحراز تقدمٍ على الجبهة الإسرائيلية الفلسطينية الرئيسية، مرتفعًا جدًا بالنسبة لهم لفتح مساراتٍ علنية للتطبيع».

  كلمات مفتاحية

السعودية ترامب (إسرائيل) العلاقات الخليجية الإسرائيلية