استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

في السعودية: قطيعة بين جيلين

الاثنين 15 ديسمبر 2014 04:12 ص

في السعودية يتفق بعض أفراد العائلة على الخروج في نزهة برية عبر الـ«واتساب»، فإذا التم شمل الأسرة وتبادلوا التحايا انشغل كل أفرادها بالتجول في مواقع التواصل الاجتماعي والدردشة حتى يحين وقت العودة.

الحادثة التي نشرتها صحيفة «عكاظ» عن ثورة سيدة على أبنائها وأحفادها وطردهم من منزلها لأنهم أحالوا مجلسها إلى صالة ساكنة ليس فيها حركة سوى الأصابع اللاعبة على الأجهزة، تكشف حدة الانفصام الاجتماعي مع تزايد إقبال الأجيال الشابة على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن مجرد توقف «واتساب» لأربع ساعات في السعودية كان كارثة كبرى، جمّد النشاطات وأشعر الناس بالوحشة والفراغ والقطيعة مع العالم.

في إحدى الدراسات، أكثر من 40 في المئة من السعوديين يقضون نحو ثلاث ساعات يومياً متنقلين بين الشبكات، مُشكِّلةً جوهر نشاطهم وطبيعة علاقاتهم الاجتماعية، حتى أن التواصل الفردي يتراجع إلى درجة خطرة. السعوديون في الأساس غير مميزين اجتماعياً على رغم أن جداولهم تزدحم بالزيارات واللقاءات والمناسبات، لكنهم لا يتحدثون في ما بينهم ما عدا تكرار عبارات التحايا والاطمئنان على الصحة والأحوال، أما تبادل الآراء والحوارات فهي معدومة أو شاحبة، حتى أن حضورهم في مواقع التواصل لا يكشف اهتماماتهم بقدر تحولهم إلى ناسخين ومرددين لمقولات ومقاطع وأخبار من دون تمحيص، فكأن هذا الحضور الهامشي يسترجع الأداء الحياتي اليومي نفسه. 

في مجالس السعوديين إما أن يكون المتحدث واحداً والبقية مستمعين، أو تجمعهم مباراة أو لعبة «بلوت» أو أي نشاط آخر يرمم الثغرات الكبرى في الحوار، أما ما عدا ذلك مثل مناسبات الزواج فيشملهم الصمت المطبق. 

في المطاعم أو المقاهي تجتمع الأسرة مسلحة بأجهزتها ومنصرفة إليها، فيظن من يراهم أنهم غرباء جمعتهم الظروف إلى طاولة واحدة، تكاد لا تنفصل يد الشاب عن جهازه كأنه امتداد لها، أما المصيبة العظمى فهي دخول مناطق ينقطع فيها البث، حيث يدور الجميع حول أنفسهم بحثاً عن إشارة وكأن هذه العزلة العابرة ستكون نهاية العالم أو انهيار الأسواق. 

شبكات التواصل لم تحدث شيئاً جديداً سوى أنها استبدلت معنى الصمت فلا تتحرك الشفاه إنما تسيطر الأصابع على اللغة وتحل مكانها، فلا حرج في التعبير ولا خطر من الرأي وإن جاء غالباً خجولاً ومتوارياً خلف نقولات وإعادة إرسال. هذه الحال لم تنبت فجأة فحين كانت الرسائل النصية هي المجال الوحيد للحركة اعتاد الناس تناسخها وإعادة إرسالها، لأنهم لا يتوافرون على أي مهارة للتعبير عن ذواتهم مباشرة. 

في السابق كان الأطفال يتلعثمون في برامجهم، أما الكبار فيستخدمون عبارتين ثابتتين كأنهما بصمة تعريف: ممكن أشارك؟ وشعوري شعور أي مواطن، أما الآن فلا حاجة لتمرين اللسان.

أولاد سيدة «عكاظ» لم يتبدلوا، لأن حواراتهم في الأصل لم تكن سوى تكرار ممل ومرهق لعبارات محددة، لكن الذين فاتتهم متعة الشبكات لا يفهمون غيبة اللسان وخرسه.

المنفعة الوحيدة في هذا التحول هو احتمالية تحسن الإملاء والتعبير عند الصامتين، لكنه قد يرسخ الأخطاء حتى تصبح أقوى من الصواب. الأمر الآخر هل من نشاطات أخرى تجتذب الناس وتملأ فراغهم الطويل؟

 

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

السعودية «واتساب» الأسرة مواقع التواصل الاجتماعي الدردشة الانفصام الاجتماعي الأجيال الشابة مشكلة أجيال