«واشنطن بوست»: السعودية أكبر الفائزين من رحلة «ترامب» الأولى.. ومفاتيح سياسة الرئيس بيد أسرته

الاثنين 29 مايو 2017 11:05 ص

في يوم الخميس الماضي هبط الرئيس «ترامب» في صقلية لحضور اجتماع مجموعة الدول السبع، لتكون هذه آخر محطة له في جولته العالمية التي استغرقت تسعة أيام، والتي أخذته من صحراء المملكة العربية السعودية إلى أكبر جزيرة في البحر المتوسط، وهنا محاولتنا لتلخيص أهم الملاحظات حول رحلة ترامب الاولى بالخارج كرئيس.

ليس لديه مشكلة في تغيير السيناريوهات

لا يفاجئنا أن يقوم سياسيّ له تاريخ من عدم الاتساق، بالتراجع عن أكثر مواقفه الملتهبة. ففي الرياض استثنى ترامب جمهوره المسلم في الغالب من صراع الحضارات الذي أذكى حملته، ولم يضرب على وتر كلمة «الإرهاب الإسلامي المتطرف»، كما وجه دعوة مشتركة للعمل مع الملك السعودي.

أما في (إسرائيل)، فإن صعوبة الدفع إلى سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين يبدو أنها خففت اليقينيّة التي كان ترامب يشعر بها إزاء إيجاده لحل للأمر، حيث أنه اعترف قائلاً في القدس «هذا ليس سهلاً»، ثم أضاف «لقد سمعت أنها واحدة من أصعب الصفقات على الإطلاق، لكن، لديّ شعور بأننا بأننا سنصل إلى هناك في نهاية المطاف، آمل ذلك».

لكن ليس دائما

في بروكسل، عاد «ترامب» إلى كلامه في حملته بخصوص الناتو والتجارة الحرة، مما أثار قلقاً واضحاً (وبعض الضحكات) بين القادة الأوروبيين، فقد هاجم الدول الأعضاء الزميلة في الناتو متهماً إياها «بأنها لا تدفع ما يتوجب دفعه»، وأيضاً بسبب كونها مدينة بـ«كميات هائلة» عن السنوات السابقة التي لم تلتزم فيها كما هو مفترض.

ويبدو أن «ترامب» ما يزال لا يفهم بعد كيف يعمل الناتو، ففي 2014 أعطت الدول الأعضاء التزاما بإنفاق 2% على الأقل من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2024، ومع إن معظم الدول فشلت في الوصول إلى هذا الهدف، إلا إن العديد كانوا يواصلون على طريق تحقيقه بشكل جيد قبل أن يبدأ «ترامب» في الشكوى. وقد أشارت هذه الشكوى مرة ثانية إلى وجهة نظره الضحلة، وتفكيره التجاري في العلاقات الخارجية، كما إن صمته النسبي بخصوص روسيا كان ذا دلالة كافية بالنسبة لزملائه الأوروبيين.

وفي نفس الوقت –كما كتب الصحفي «مهدي حسن»- فإن التحول الذي ظهر على ترامب بشأن الإسلام، قد لا يكون عميقاً كما زعم البعض، وفي حديثه بالرياض، لم يتراجع ترامب عن الديموغاجية السابقة له حول حظر المسلمين، كما إنه لم يرفض الأصوات الشديدة الرافضة للمسلمين في إدارته، وقد تساءل «حسن» قائلاً: «هل يمكن لـ33 دقيقة أن تمسح سنتين من الأكاذيب المناهضة للمسلمين، والإهانات والشتائم ونظريات المؤامرة؟».

الأمر كله متعلق بالأسرة

عندما التقى «ترامب» مع رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتينياهو» يوم الإثنين الماضي، فإن اللقاء لم يتضمن شخصيتين رئيسيتين هما وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» ومستشار الأمن القومي «إتش آر ماكماستر». لكن زوج ابنة «ترامب»، ومستشاره «جاريد كوشنر»، وهو رجل أعمال لا تجربة سابقة له في السياسات الخارجية، كان متواجداً في الغرفة.

أما في الفاتيكان، فإن «ترامب» وقف لأجل جلسة تصويرية بدت مصحوبة بالتوتر مع البابا فرانسيس، وقد تضمن ذلك زوجته ميلانيا وابنته إيفانكا، في ذات الوقت الذي لم يكن فيه السكرتير الصحفي –الكاثوليكي- «سين سبايسر» متضمنا. وقالت سي إن إن: «يبدو إن الرسميات في مسلسل الدراما السياسي ويست وينج تعني أقل من العلاقات الأسرية في عالم ترامب». وبالطبع يبدو أن ميل «ترامب» في السعودية قد أفاد «إيفانكا» في الحصول على تمويل لمشروعها لتمكين رواد الأعمال من النساء يقدّر بـ100 مليون دولار من الجهات الفاعلة في السعودية والإمارات، ويبدو أن الحكومات الأجنبية والشركات التجارية قد عرفت الطريقة الأفضل لتقديم نفسها للرئيس الأمريكي.

الفائز الأكبر من الرحلة: السعودية

يبدو إن «ترامب» تمتع بأفضل أوقاته وسط العاصمة السعودية، وقد تلقى خطابه لتجمع من القادة المسلمين والذي حثهم فيه على طرد المتطرفين من وسطهم، تصفيقاً سخياً من بعض أركان العالم العربي، وثناء عظيماً من أنصار اليمين المتطرف في بلاده.

وقال «نيوت جينجريتش» الذي يعد مؤيداً لـ«ترامب»: «لم يكن هناك من قبل، رئيس أمريكي حاول بوضوح توحيد العالم المتحضر، بما في ذلك بلاد الشرق الأوسط وأفريقيا ضد قوى الإرهاب».

وفي الحقيقة، فإن الخطاب كان جديراً بالانتباه، ليس بسبب مناشدته بالاتحاد، ولكن بسبب ما تغافل عنه، حيث لم يذكر «ترامب» شيئا تقريبا عن الديموقراطية وحقوق الإنسان، أو الظروف التي نشأ منها التطرف، والتي تعود بشكل جزئي للسياسات القمعية لحكومات مثل المملكة العربية السعودية.

وبدلاً من هذا، تبنى ترامب وجهة النظر السعودية في الشرق الأوسط، واحتفى بـ«الإصلاحات التدريجية» للمملكة، مهاجما إيران ومنحازا على ما يبدو لمحور الدول السنّية، التي يقودها ملوك أو حكام مستبدون بالسلطة، ولم يقل شيئاً عن الحرب المدمرة التي تقودها السعودية والولايات المتحدة في اليمن. وبالمقابل، وقّع السعوديون صفقة أسلحة مذهلة بقيمة 110 مليار دولار.

ما هي آثار مثل هذا الموقف؟ لا تحتاج لأن تنظر أبعد من الدولة المجاورة البحرين، حيث قتلت القوات المسلحة الحكومية هذا الأسبوع عددا من المعارضين وقبضت على العشرات الآخرين في حملة قاتلة ضد خصومها.

وكتب زميلي «كريم فهيم»: «كان توقيت الحملة مذهلاً، بعد يومين فقط من تأكيد ترامب بشكل علني لملك البحرين أن علاقتهم ستكون خالية من أي نوع من التوتر الذي حدث في الماضي، في إشارة واضحة لانتقادات إدارة أوباما الدورية لانتهاكات البحرين لحقوق الإنسان».

قائمة الخاسرين المحتمَلين تطول

لم تفعل رحلة ترامب شيئاً يُذكر لتبديد الانزعاج بين الأوروبيين بشأن أثر رئاسة «ترامب» على العلاقات عبر الأطلنطي، وحتى في (إسرائيل)، كان هناك قلق بشأن تسريب مزعوم من البيت الأبيض لمعلومات استخباراتية إسرائيلية للروس، كما إن موقف «ترامب» بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بدا أنه سلط الضوء فقط على الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم الذي يقوده «نتينياهو».

أما البابا «فرانسيس» الذي يبدو أنه استشعر قلق القادة في كل مكان، فقد سلّم ترامب هديّتين محمّلتين بالمعاني السياسية: رسالة بابويّة له حول مخاطر تغير المناخ، وميدالية على شكل شجرة زيتون، كرمز للسلام لرئيس أمريكي متعطّش للحديث عن الحرب.

المصدر | واشنطن بوست

  كلمات مفتاحية

السعودية ترامب زيارة ترامب