أسعار فوانيس و«ياميش» رمضان تشتعل بفعل التضخم الذي يضرب مصر

الخميس 1 يونيو 2017 09:06 ص

تظهر كومة من الفوانيس الملونة والمواد المعدنية اللامعة حول «ناصر مصطفى»، حيث يجلس على قدميه على أرضية ورشة عمله المتواضعة.

وفي منطقة السيدة زينب بالقاهرة، ترافق نغمات المطربة المصرية الأسطورية «أم كلثوم» الرجل الذي يصمم فانوس رمضان التقليدي. وفي أثناء اهتزاز النيران لتذيب المعدن، يعمل على زخرفة الفانوس بالزخارف التي اعتاد عليها البيت المصري.

وتعمل الفوانيس الرمضانية على تزيين وإضاءة المنازل والشوارع والمحلات التجارية خلال شهر رمضان الكريم.

ويعمل «مصطف»ى، البالغ من العمر 48 عامًا، في صناعة الفوانيس الرمضانية منذ عام 1990. ويدير الآن ورشة العمل نفسها التي كان يعمل بها لأكثر من 20 عامًا.

واشتكى «مصطفى»، الأب لثلاثة من الأبناء، من ارتفاع معدل التضخم في مصر وتأثيرها في تجارة الفوانيس.

وقال: «في العام الماضي، كنت أنتج آلاف (الفوانيس)، ولكن هذا العام، خفضت عملي بنسبة 75%. وقد كان لدي ثلاثة أو أربعة عمال في بعض الأحيان، لكنّي الآن قد قلصتهم إلى واحد».

وتشمل المواد المستخدمة لصنع الفوانيس الصفيح والزجاج والورنيش. وكلها تستوردها مصر باستثناء الزجاج، الذي لم يفلت من ارتفاع الأسعار هو الآخر.

ووفقًا لمصطفى، ارتفعت أسعار هذه المواد أكثر من 4 مرات، مما اضطره لخفض إنتاجه، وتقريبًا مضاعفة سعر الفوانيس لتحقيق ربحٍ ضئيل.

وأضاف «مصطفى» أنّ: «العامل الأصغر والأقل خبرة سيعمل مقابل أجر يتراوح بين 100 جنيه مصري (5.53 دولار) و150 جنيهًا مصريًا يوميًا».

ويعقب: «كيف يمكنني تحمل ذلك؟ وكيف أطعم عائلتي؟».

وينتج «مصطفى» فوانيسه على دفعاتٍ من 100 فانوس. ويستغرق إنتاج الفوانيس صغيرة الحجم يومين للانتهاء منها، في حين قد تستغرق الفوانيس كبيرة الحجم من أسبوع إلى أسبوعين.

ويقول مصطفى أنّ مبيعات ورشته انخفضت بنسبة 70%.

ولتحقيق أرباح صغيرة تتراوح بين 3 إلى 5 جنيهات (16 إلى 27 سنتًا أمريكيًا)، يبيع «مصطفى» فوانيسه اليدوية ذات الحجم المتوسط ​​مقابل 45 جنيهًا مصريًا (2.49 دولار) للقطعة، مقارنةً بسعر العام الماضي الذي كان 27 جنيهًا مصريًا (1.49 دولار أمريكي).

وتتراوح أسعار الفوانيس الكبيرة المستخدمة في معظمها لتزيين المنازل والشرفات ومداخل البناء من 100 جنيه مصري (5.53 دولار) إلى 400 جنيه مصري (22.22 دولار)، حسب تصميمها والمواد المستخدمة في صنعها.

وفي شهر أبريل/نيسان، ارتفع معدل التضخم في مصر إلى أعلى مستوىً له منذ ثلاثة عقود بعد أن تعويم الحكومة للجنيه المصري في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2016، والذي تراجع مقابل الدولار. وكان ذلك جزءًا من حزمة الإصلاحات الاقتصادية المرتبطة بقرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار.

تقليدٌ هام

وتعد الفوانيس جزءًا أساسيًا من الاحتفال بشهر رمضان في مصر كل عام.

وتزين الفوانيس بآياتٍ من القرآن الكريم، أو تهاني رمضان البسيطة، مثل رمضان كريم أو رمضان مبارك، في حين تغطى فوانيس أخرى بأقمشة مشرقة وملونة.

وتعود أصول الفوانيس المزخرفة إلى الحقبة الفاطمية في مصر. ويحمل الأطفال الفوانيس الجديدة بفخر، وهم يغنون الأناشيد الرمضانية الشهيرة.

وفي أحد الأسواق في مدينة نصر، في شرق القاهرة، كانت «سلمى فؤاد» مع والدتها تشتري فانوسا كبيرا من الصفيح لتزيين منزلهم والاحتفاء برمضان.

كان ارتفاع الأسعار صدمة لأم سلمى. ومع ذلك، وعلى الرغم من ارتفاعها، فقد اشترت رغمًا عنها فانوسًا يقرب من ضعف ما دفعته في العام الماضي.

وقالت والدة سلمى: «تضاعفت الأسعار، ولكن عائلتي، الأطفال والبالغين، تعتقد أنّ الفانوس الجديد يمثل سعادة وفرحة رمضان، ولا يمكننا أن نمر بشهر رمضان دون شراء الفانوس».

وكبديل عن الفوانيس المنتجة في مصر، يفضل بعض الزبائن شراء الفوانيس صينية الصنع، قائلين أنّها أقل تكلفة وأكثر أمانًا للأطفال للعب. ولكن بسبب اللوائح الصارمة المفروضة على الواردات، انخفض عدد الفوانيس الصينية في السوق هذا العام.

وقالت «هبة محمد»، وهي أم لثلاثة أطفال: «غالبًا ما تكون الفوانيس المصرية المصنوعة من الصفيح بها حواف حادة جدًا، كما أنّها عرضةً للصدأ على المدى الطويل».

وفي الماضي، كانت الفوانيس صينية الصنع منافسة قوية للمنتجات المحلية، ولكن في عام 2015، أصدرت وزارة الصناعة والتجارة المصرية مرسومًا نادرًا يحظر استيراد الفوانيس صينية الصنع وغيرها من المنتجات المنافسة للحرف اليدوية المصرية التقليدية. وكانت الفكرة هي إعطاء دفعة للمنتجات المحلية.

وقال «عمر الشنيطي»، العضو المنتدب لمجموعة بنك الاستثمار الإقليمي «مالتيبلز غروب» أنّ البنك المركزي اتخذ بعض الخطوات لتقييد وتشديد عملية استيراد بعض المنتجات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الواردات كذلك.

وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2016، ارتفعت الجمارك بنسبة تصل إلى 60% على 364 منتجًا، مما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، غالبيتها في الغذاء.

ويتوقع «الشنيطي» أن ينخفض ​​سعر الدولار قليلًا بعد شهر رمضان، حيث أنّ العديد من المصريين قد غيروا عملتهم لأداء العمرة في مكة خلال شهر رمضان. وأضاف أنّه مع مرور الصيف، يسافر العديد من المصريين العاملين بالخارج إلى مصر لقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء والعائلة، مما يزيد من المعروض من الدولار في البلاد.

وقال «الشنيطي»: "من الواضح أنّ الأمور تستغرق وقتًا أطول من المتوقع. نعم، لقد حاربنا السوق السوداء، لكنّ الدولار الأمريكي لم يستقر في وضعه العادل مقابل الجنيه المصري، وليس قريبا حتى من المعدلات المتوقعة وقت عملية التعويم».

وتوقع «الشنيطي» وغيره من الخبراء الاقتصاديين أن يستقر الدولار عند 13 إلى 14 جنيه بعد ستة أشهر، لكنّه لا يزال فوق 18 جنيها.

واعترف «الشنيطي» بأنّ التضخم سيظل عند مستوياته المرتفعة في العام المقبل.

وقال أنّه مع ذلك، لا يستطيع الكثير من المصريين مثل «مصطفى» أن ينتظروا تحسن الوضع الاقتصادي.

وقال «مصطفى»: «هل يمكن لأي شخص هذا العام أن يقترب من الفواكه المجففة في رمضان؟ إنّ الكيلوغرام الواحد من التمور الجافة بلغ 6 جنيهات (33 سنتًا) و10 جنيهات (55 سنتًا) في شهر رمضان الماضي، في حين وصل إلى 30 جنيهًا (1.65 دولار) و35 جنيهًا مصريًا هذا العام».

وأضاف: «لقد كنا صبورين خلال الأعوام الثلاثة الماضية. بل في الواقع، كنا صبورين لفترة أطول من ذلك، ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟».

المصدر | ميدل إيست آي

  كلمات مفتاحية

رمضان الياميش فانوس رمضان التضخم في مصر