حظر النقاب في الموصل.. رافضون ومؤيدون وحائرون

الخميس 1 يونيو 2017 09:06 ص

أثار قرار السلطات الأمنية العراقية بحظر النقاب على أهالي الموصل لدواعي أمنية، حالة من الجدل والانقسام في الموصل.

والمجتمع الموصلي معروف بالتزامه بالعادات والتقاليد الدينية والاجتماعية التي نشأ، وتربى عليها أفراده رغم التحديات التي يواجهونها على مر الأزمنة، ومن بينها تمسك الرجال المعروف باسم «الدشداشة العربية»، وهي عبارة عن قماش غالبا أبيض اللون مكون من قطعة واحدة كاملة تغطي جميع الجسم والذراعين.

أما الزي المتوارث لدى النساء، فهو (الجلباب الفضفاض، والخمار والنقاب) الذي يغطي الرأس والوجه، ولا يظهر سوى العينين أو حتى لا يظهرهما.

وعلى مدى السنوات طرأت تغييرات على تلك العادات والتقاليد لكنها لا تزال متواجدة بكثرة، ويمكن مشاهدتها في أي مكان بالشطر الشرقي لمدينة الموصل، الذي استعادته القوات العراقية في يناير/كانون الثاني الماضي.

 

الحيرة بشأن الخروج

«سما البدراني »، واحدة من آلاف الموصليات الحائرات، بشأن قرار الخروج من منازلهن لقضاء حوائجهن اليومية، بعد حظّر السلطات الأمنية ارتداء النقاب.

اعتادت «سما» ، وهي طالبة جامعية (23 عاما) ارتداء النقاب، حتى قبل سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على المدينة في صيف عام 2014، وفرضه على الفتيات ابتداء من عمر 12 عامًا، ولكنها باتت تخشى التعرّض للتوقيف من قبل القوات العراقية إذا ما خرجت به.

وقالت «سما»، إنها ترتدي النقاب منذ أن كانت في مرحلة الدراسة المتوسطة (التعليم الإعدادي)، عندما كان عمرها لا يتجاوز 13 عامًا، وهي ترتديه الآن باعتباره التزامًا دينيًا.

وأضافت «النقاب والتزام الإنسان بالتعاليم الدينية لا يمثل تنظيم داعش».

وأوضحت أن «المنقبات، لسن ضد الحفاظ على الأمن في الموصل، بل مع أي قرار يضمن الحفاظ على الأرواح والممتلكات، بشرط أن لا يُسيء لأية جهة، أو يعرضها إلى حرج اجتماعي».

 

تأييد القرار

ويلقى قرار حظر النقاب تأييدا في الأوساط الدينية، يقول الشيخ «محمد الشماع» إمام وخطيب جامع «النبي يونس»، إن «النقاب عندما يكون سبيلا لتخفي المجرمين وطريقًا لسفك دماء الناس، فدمهم وحياتهم مقدم على الوجه، وتنظّيم داعش يتحمل وزر كشف الوجه باتخاذه الأحكام الشرعية وسيلة لجرائمه».

وأشار إلى ضرورة أن يُطبق القرار لفترة محدودة، ومن ثم يرفع للحفاظ على حرية المرأة، وعدم مخالفة الدين والشريعة الإسلامية.

 

زيادة التوتر

من جانبه، رفض الداعية الإسلامي، «عبد الخليل النجار»، إمام وخطيب جامع «بهاء الدين» القرار، وطالب من اتخذ القرار بـ«الإسراع بإلغائه أو تعديله بما يتناسب مع طبيعة هذه المدينة وعراقتها، والتكوينة الاجتماعية والدينية لسكانها».

وحذر من أن مثل هذا النوع من القرارات من شأنه أن «يزيد التوتر، ويجعل الوضع الأمني على صفيح ساخن أو أشبه بقنبلة قابلة للانفجار في أية لحظة».

وأشار إلى أن «النقاب ليس داعشيًا، بل استغله المسلحون لتنفيذ أجنداتهم، التي جاءوا بها عند دخولهم الموصل، كما استغلوا القرآن والسنة في تنفيذ جميع جرائمهم».

وتابع «الانتقاص من النقاب دليل ضعف في فهم الأدلة، وإن كان من باب درء المفسدة على جلب المصلحة، فلا يجب إجبار أي انسان (رجل أو امرأة) على فعل شيء بالإكراه بحجة الحفاظ على مجتمعه».

وأكد أن «القرار في النهاية دليل قاطع على ضعف الجانب الاستخباراتي للقوات الأمنية المتواجدة في المناطق المحررة بالموصل، واعتمادها على طرق بدائية جدًا، وغير متحضرة لمنع خروقات قد تحدث في المستقبل».

 

اعتداء على حقوق الإنسان

 

من جانبها، اعتبرت الناشط المدنية الموصلية «مريم سعيد الخزرجي»، رئيسة «فريق الخير» الإنساني التطوعي، أن حظر النقاب فيه «اعتداء على حقوق الإنسان، وتطاول سافر على حرية المرأة بالذات».

وقالت «يجب احترام خصوصية كل فرد، وتوجهه لأن العدالة لا تتحقق إلا بالمساواة، والمساواة هي مفتاح الأمن والأمان والتقدم».


الحفاظ على أمن المجتمع

من جانبه، أكد النقيب «مزهر المشهداني» ، مسؤول الدوريات الأمنية المتنقلة التابعة لشرطة نينوى (شمال)، بمنطقة الزهور التجارية شرقي الموصل، إن «القيادة عندما اتخذت هذا القرار، ليس هدفها الإساءة إلى المجتمع الموصلي، وتقاليده، وإنما للحفاظ قدر المستطاع على أمن هذا المجتمع».

وحذر من أن «تحرير المنطقة، لا يعني القضاء على داعش بشكل نهائي، فالكثير من عناصره لا يزالون طلقاء، وهم قادرون على تنفيذ عمليات إرهابية بعد أن يتخفوا بأزياء النساء».

وأوضح أن «وجود مئات النسوة اللواتي يرتدين النقاب، ويتجولن في الأسواق التجارية والمناطق الشعبية يُتيح لعناصر التنظّيم التنقل والتجول بحرية تامة دون القلق أو الخوف من التعرّض لهم من قبل رجال الأمن المنتشرين في كل مكان».

وأشار إلى أن «المعلومات التي وردت إلى غرفة الاستخبارات الخاصة (التابعة لوزارة الداخلية‎)، أفادت بأن الخلايا النائمة لتنظيم داعش من الرجال كانوا يخططون لاستغلال ارتداء النساء للنقاب، وتنفيذ هجمات مسلحة ضد الأهداف الحيوية؛ لا سيما خلال شهر رمضان المبارك».

وأوضح أن «القرار هو للمصلحة العامة، وأن القيادة سوف تصدر قرارًا أخر يقضي بتجميد قرارها السابق، حال التأكد من أن خطر التنظيم الإرهابي قد زال».

وشدد على أن «حرية المواطن من أساسيات عمل الأجهزة الأمنية».

والسبت الماضي، أصدر قائد شرطة نينوى العميد الركن «واثق الحمداني»، توجيهات لأهالي مدينة الموصل منها منع ارتداء النساء للنقاب لدواع أمنية.

وذكر «الحمداني» في توجيهاته أنه يمنع ارتداء النقاب في الأسواق والدوائر لوجود مؤشرات لخلايا «الدولة الإسلامية» باستهداف المدنيين وهم يرتدون النقاب وزي النساء.

وحذر «الحمداني» من إنارة المنازل من الخارج والأزقة والأفرع، وأمر بمنع التجول للدراجات النارية بعد الساعة 6 مساء مع الأمر بمحاسبة المخالف.

وطالب مواطني مدينة الموصل بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من خلال الاتصال بالأرقام المخصصة.

كما أمر أصحاب محلات الهواتف النقالة وتوابعها بعدم بيع شريحة الهواتف إلا بعد أخذ المستمسكات والمعلومات الضرورية عن المشتري، وتنظيم سجلات بيع الشريحة وبخلاف ذلك يحاسب المقصر ويحال إلى المحاكم.

وكانت القوات العراقية شنت هجوما واسعا على آخر معاقل «الدولة الإسلامية» غربي الموصل، فيما حذرت «الأمم المتحدة» من أن نحو 200 ألف عراقي قد يحاولون النزوح في الأيام المقبلة من المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة «الدولة الإسلامية» في الموصل.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

الموصل حظر النقاب الدولة الإسلامية