مصر في مجلس الأمن.. صوت شاذ ضد القضايا العربية والإفريقية

الأحد 4 يونيو 2017 07:06 ص

يعكس أداء مصر، في مجلس الأمن الدولي، منذ بدء عضويتها غير الدائمة في المجلس في 1 يناير/ كانون الثاني 2016، مواقف مخزية، وقرارات تخدم أجندات بعينها، وسط استياء عربي وإفريقي من أداء الدبلوماسية المصرية، في ذلك المحفل الدولي.

الأبرز كان عندما فضلت مصر، داخل مجلس الأمن، تأييد سياسة الاحتلال (الإسرائيلي) الاستيطانية، كذلك وقفت أكثر من مرة ضد قرارات تدين المجازر التي يرتكبها «بشار الأسد» ضد الشعب السوري، فضلاً عن رفضها التصويت في مجلس الأمن على قرار يدين الانتهاكات الجنسية لقوات حفظ السلام الدولية.

وتنتهي عضوية مصر في أهم وأخطر الهيئات التابعة للأمم المتحدة مطلع يناير/ كانون الثاني المقبل، على أن تتسلم الكويت عضويتها غير الدائمة أيضاً في نفس التوقيت.

وكانت مصر قد تسلمت مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الجمعة 1 يناير/ كانون الثاني 2016 بعد غياب دام 20 عاماً. وأعلنت عند فوزها بالمقعد، أنها ستضع في أولوياتها من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن«الدفاع عن قضايا الأمة العربية والقارة الأفريقية، وأنها ستسعى لإنهاء النزاعات بالتعاون مع الأمم المتحدة لتعزيز السلام والأمن»، لكن المواقف والأحداث التي تلت ذلك جميعها جاءت معاكسة لما وعدت به، بحسب  صحيفة «العربي الجديد».

هذا التقرير يرصد عدداً من أبرز محطات تراجع الدور المصري بشأن قضايا عربية وإفريقية:

قرار انتهاكات قوات حفظ السلام

في 11 مارس/ آذار 2016 اعترضت مصر وروسيا والسنغال بشدة على اقتراح يقضي بإعادة وحدات من قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى دولها واجه بعض أفرادها اتهامات متكررة بالتحرش الجنسي.

وصاغت الولايات المتحدة مشروع قرار (تم تمريره) يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء الانتهاكات الجنسية التي يرتكبها أفراد من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، خصوصاً بحق الأطفال.

وكشفت المنظمة الدولية في تقرير سابق عن ادعاءات بارتكاب أفراد في بعثات حفظ السلام انتهاكات جنسية ضد أطفال وقصّر. وبعد الكشف عن تلك الادعاءات، عيّن الأمين العام للأمم المتحدة لجنة مستقلة لمتابعة كل ما يتعلق بالاستغلال الجنسي على يد أفراد من القوات الدولية لحفظ السلام بجمهورية أفريقيا الوسطى.

حاولت مصر تبرير موقفها بالقول إن القرار يفرض عقوبة جماعية على جرائم يرتكبها بضع عشرات من الخارجين عن النظام. واعتبر السفير المصري، «عمر عبداللطيف أبوالعطا»، أن المقاربة التي يقوم عليها القرار قد يكون لها أثر خطر على معنويات القوات وتلطيخ سمعة بلدان تمد الأمم المتحدة بجنود لقواتها، وهو ما عرض مصر يومها إلى العديد من الانتقادات.

دعم «بوتين» وخذلان حلب

في 3 مايو/ أيار من العام الماضي 2016، أكد رئيس مجلس الأمن الدولي، «أبوالعطا»، والذي تولت بلاده رئاسة أعمال المجلس لشهر مايو/ أيار 2016، أن «مصر لن تدعو إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن حول ما تتعرض له مدينة حلب السورية»، والتي كانت تواجه منذ 21 أبريل/ نيسان 2016 قصفاً عنيفاً وعشوائياً من قبل طيران النظامين السوري والروسي.

وقال «أبوالعطا»،: «نحن لن نطالب بعقد جلسة طارئة في المجلس حول حلب، ونعتقد أن المبعوث الأممي إلى سوريا السيد ستيفان دي ميستورا سيقدم في غضون الأيام القليلة المقبلة إحاطة إلى أعضاء المجلس حول هذا الموضوع، إنني على ثقة بأن أعضاء المجلس سيصدرون منتجاً عقب انتهاء دي ميستورا من إفادته».

وعلى الرغم من تأكيد المسؤول المصري فقد تبنى مجلس الأمن، في ذلك اليوم، قراراً بالإجماع حول حماية المدنيين والمنشآت الطبية في النزاعات المسلحة.

قراران متناقضان حول سورية

سلكت مصر مسلكاً غريباً عندما صوتت لمشروعين متعارضين في مجلس الأمن بخصوص حلب السورية، إذ أيّدت مصر مشروع قرار روسي، ما عرضها لانتقادات عنيفة من السعودية وقطر اللتين وصفتا تأييد القاهرة مشروع القرار الروسي بالأمر «المؤسف» و«المؤلم» قبل أن تؤيد أيضاً مشروع القرار الفرنسي الذي استخدمت روسيا حق النقض ضده.

وكانت روسيا قد استخدمت يوم 8 أكتوبر/ تشرين الثاني 2016 حق النقض ضد مشروع قرار اقترحته فرنسا يدعو إلى وقف عمليات القصف في حلب، ما حال دون تبنيه في مجلس الأمن الذي رفض بدوره مشروع قرار قدمته موسكو ودعمته مصر.

ومن بين أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، وحدهما روسيا وفنزويلا اعترضتا على المشروع الفرنسي فيما امتنعت الصين وأنغولا عن التصويت.

وكانت هذه هي المرة الخامسة التي تستخدم فيها روسيا حق النقض في الأمم المتحدة ضد مشاريع قرارات تتعلق بسورية والوضع المأساوي الذي تعيشه.

وبعيد ذلك، طرحت روسيا للتصويت مشروع قرار آخر يدعو إلى وقف الأعمال القتالية في شكل أكثر شمولاً، وخصوصاً في حلب، لكن من دون ذكر الغارات.

لكن تسعة أعضاء من أصل 15 رفضوا وصوتوا ضد مشروع القرار الروسي، بينهم بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وامتنعت أنغولا والأوروغواي عن التصويت، في حين أيدته فنزويلا والصين ومصر.

سحب مشروع قرار ضد (إسرائيل)

في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2016، تبنّى مجلس الأمن قراراً يحمل الرقم 2334 حثّ على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. ونصّ القرار على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967، وهو أول قرار يُمرر في مجلس الأمن متعلق بإسرائيل وفلسطين منذ عام 2008.

وكانت مصر قد تقدمت بمشروع القرار يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول قبل أن تسحبه، بعد مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي المنتخب «دونالد ترامب»، الذي لم يكن قد استلم بعد منصبه رسمياً، للرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، ثم أعيد طرح مشروع القرار يوم 23 ديسمبر/ كانون الأول عن طريق دول نيوزيلاند، والسنغال، وفنزويلا، وماليزيا، وحاز على تأييد 14 عضواً، فيما امتنعت فقط الولايات المتحدة عن التصويت.

ويعد هذا القرار الذي حاولت مصر تعطيله قراراً تاريخياً نظراً لأن معظم مشاريع القرارات ضد (إسرائيل) تُرفض باستخدام حق الفيتو، إذ قامت الولايات المتحدة باستخدام الفيتو 42 مرة من أجل حماية إسرائيل. وتعد هذه هي المرة الأولى التي لا تلجأ فيها الولايات المتحدة لهذا الحق، ما جعله قراراً سارياً وبناء عليه تم تبني القرار بعد إقراره من غالبية الأعضاء.

رفض إدانة «الأسد» بالهجوم الكيميائي

في 28 فبراير/ شباط من العام الحالي، أعلن المندوب المصر، عمرو أبوالعطا، أن القاهرة لم تدعم مشروع قرار مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على دمشق لأنه خالٍ من الأدلة الحقيقة ويوجه «اتهامات جزافية».

وقال« أبوالعطا» بعد أن امتنع عن التصويت على مشروع قرار لإدانة سوريين فرضت روسيا والصين الفيتو ضده، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الثلاثاء 28 فبراير/ شباط، «إن مسودة القرار الدولي حول موضوع الكيميائي في سورية تجاهلت الدليل».

طلب تمديد العقوبات المفروضة على السودان

الأخطر الموقف الذي اتخذته القاهرة ضد الخرطوم في إبريل/ نيسان الماضي، عندما طلب المندوب المصري إبقاء العقوبات المفروضة على الخرطوم طبقاً للقرار 1591، والذي يحظر بموجبه بيع الأسلحة للسودان.

وانتقدت الخرطوم الموقف المصري. وقال وزير الخارجية السوداني، «إبراهيم غندور»، يومها إن موقف مصر «شاذ وغريب»، مؤكداً أن الخرطوم طلبت من القاهرة تفسير الموقف الشاذ المختلف عن بقية مواقف مصر من السودان خلال السنوات الماضية، والتي كانت داعمة له في مجلس الأمن.

من جانبها، ردّت مصر على التصريحات السودانية بأنها «تتخذ مواقفها بالشكل الذي يحافظ على مصالح الشعب السوداني».

وتنتهي عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي مطلع يناير/ كانون الثاني المقبل، بعدما انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 دولة، أول من أمس الجمعة، ساحل العاج وغينيا الاستوائية والكويت وبيرو وبولندا لعضوية مجلس الأمن الدولي لفترة مدتها عامان تبدأ في أول يناير/ كانون الثاني عام 2018.

ويتألف مجلس الأمن من 15 دولة هم عشر دول بالانتخاب بالإضافة إلى الدول الخمس دائمة العضوية التي تتمتع بحق النقض وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا. والمجلس هو الجهة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي يمكنها إصدار قرارات ملزمة قانوناً ولديها سلطة فرض عقوبات وتفويض استخدام القوة.

ولضمان التمثيل الجغرافي في المجلس تُخصص خمسة مقاعد لدول أفريقية وآسيوية ومقعد لدولة من شرق أوروبا ومقعدان لدول من أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي ومقعدان لدول غربية ودول أخرى.

وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، فإن مسؤولية مجلس الأمن الرئيسية هي صون السلم والأمن الدوليين، وعلى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الامتثال لقرارات المجلس. ومصر هي البلد العربي الوحيد الذي حصل على مقعد غير دائم بمجلس الأمن في عام 2016 لتخلف بذلك الأردن بعد انتهاء عضويته.

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر مجلس الأمن الأمم المتحدة عبدالفتاح السيسي عمر عبداللطيف أبوالعطا