الأزمة بين الدول الخليجية وقطر إشارة لـ«حـماس» وأمريكا

الأربعاء 7 يونيو 2017 08:06 ص

البيانات الدراماتيكية الواحد تلو الآخر، من دول الخليج، مصر، اليمن، جزر الملديف، ليبيا – والحبل على الجرار – عن قطع علاقاتهم مع قطر لم تنشر صدفة. فقد كانت هذه هجمة منسقة من الدول العربية السنية ضد الامارة الخليجية، ولا شك انها كانت في مركز المحادثات التي أجراها في القاهرة وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» ونظيره المصري شكري.

هذه القمة، التي ليست حدثا واسع التكرار في العالم العربي بين اثنتين من القوى الإقليمية الكبرى، جاءت بالتوازي مع لقاء رفيع المستوى آخر عقد في العاصمة المصرية: فحسب التقارير، فإن وفدا من قادة حماس، بمن فيهم رئيس الحركة المنتخب «يحيى السنوار» ونائبه «خليل الحية»، سافر أمس إلى القاهرة للقاء مسؤولين أمنيين كبار في مصر. ومن هناك واصل حسب مصادر في الحركة إلى إيران، كي يلتقي في طهران بقادة النظام.

ينبغي أن يضاف إلى هذين المعطيين التوقيت: فليس صدفة أن أعلنت الدول العربية المعتدلة عن تنكرها لدولة داعمة للإرهاب، زعما، بعد بضعة أيام من العملية في مانشستر، وبعد أسبوعين من نهاية زيارة «دونالد ترامب» إلى الشرق الأوسط وتصريحاته ضد الإرهاب الإسلامي.

«هدفنا هو تصفية التطرف والقضاء على القوى التي يجلبها الإرهاب معه إلى كل مكان»، قال «ترامب» في خطابه في الرياض. الولايات المتحدة مستعدة لأن تقف إلى جانب دول الشرق الأوسط، ولكن هذه لا يمكنها أن تنتظرها من أجل القضاء على الإرهاب، كما شرح «ترامب»، أشار إلى أن عليها أن تقرر ما هو المستقبل الذي يعنيها. هذا خيار بين امكانيتين – وهذا خيار لا يمكن للولايات المتحدة أن تختاره عن هذه الشعوب، كما شدد الرئيس.

أن الدول العربية، التي شهدت فترة قاسية في علاقاتها مع سلف «ترامب»، «باراك اوباما»، والتي تخشى وتشعر بالإحباط من الاتفاق النووي مع إيران، ما كان يمكنها أن تتجاهل الاقوال الحادة. فحين تكون مصممة على أن تري الإدارة الجديدة بانها تقف إلى جانبها، فهمت بأن السبيل الأفضل لعمل مثل هذا الأمر، ولا سيما عندما يكونون أمامه رجال أعمال كالرئيس، فهو بالأفعال.

لقد أوضح مستشار الأمن القومي لـ«ترامب»، الجنرال «هربرت ماكماستر»، أوضح هذا أمس في خطاب في منتدى يهودي في واشنطن حين قال إن «أحد ما، وبالتأكيد ليس الرئيس، لا يتأثر بالكلام فقط». وأضاف بان الإدارة تطور مقاييس واضحة لفحص سلوك الدول التي وعدت بمكافحة الارهاب، واعترف بان هذه لم تفعل في الماضي ما يكفي لمكافحة التطرف.

أما الدول العربية فسمعت – واستوعبت. رغم جملة من الاسباب الداخلية التي ساهمت في هذه الخطوة، حرصت مصر، السعودية وباقي امارات الخليج على التشديد جيدا في بياناتها بان السبب المركزي لقطع العلاقات مع الامارة الغنية هو دعمها لمنظمات الارهاب مثل داعش. لا توجد اشارة اوضح من هذه للأمريكيين: نحن نقف في جانبكم، نقاتل معكم ونقاتل من يدعم الارهاب ويموله – ومستعدون حتى للتنكر لجيراننا لهذا الغرض، إذا كانت حاجة لذلك.

ما علاقة حماس في كل هذه القصة؟ منظمة الارهاب الغزية تحسن منذ بضعة أشهر بثبات علاقاتها مع مصر، على خلفية صراعهما المشترك ضد العناصر السلفية المتطرفة في القطاع وفي شبه جزيرة سيناء. وهي تحاول ان تحسن مكانتها في الاسرة الدولية وتظهر نفسها كجهة معتدلة ولهذا الغرض نشرت حتى مثابة وثيقة مبادئ جديدة تبدو ظاهرا انها اقل حدة من الوثيقة التأسيسية للحركة.

ولكن من الجهة الأخرى، في الأسابيع الأخيرة، مع انتخاب «اسماعيل هنية» رئيسا للمكتب السياسي للحركة، رممت حماس علاقاتها مع طهران، بل وتلقت وعودا بتمويل متجدد. فحقيقة أن الوفد الكبير من المنظمة وصل من القاهرة الى طهران تصف في واقع الأمر كل هذه الصورة. قطر هي الأخرى، التي تقف الان في قلب الأزمة مع الدول العربية، تعتبر مؤيدة معروفة لحماس, وفي الماضي وقفت إلى جانبها في مناسبات عديدة.

وعندما تتحدث محافل الاستخبارات في العالم عن ان الدوحة تشجع الإرهاب، فإن مثال حماس هو أحد الأمثلة البارزة لهذا الغرض. فعندما بدأت تتلقى تلميحات عن حجم الازمة التي ستعيشها في الايام الاخيرة، بدأت قطر بطرد مسؤولي حماس من اراضيها – ما يمثل فهمها الجيد بوجود علاقة بين قرار الدول العربية وبين علاقاتها مع حماس.

وعليه، فبعد ان سمعت مصر، السعودية، واصدقائهما الرئيس ترامب يوضح في القدس وفي الرياض بان حماس هي منظمة ارهابية فقد فهمت بانه لن يكفي معالجة الجهات التي تؤيد الايديولوجيا المتطرفة – بل يتعين عليها أن تنزل الى جذر الامر. وعليه فان الوفد الذي زار مصر لم يكن هناك اغلب الظن بالصدفة بالتوازي مع زيارة جبير الى القاهرة. وليس صدفة ايضا ان تم اختيار قطر كضحية للمقاطعة العربية، وليس جهات اخرى داعمة للارهاب.

اذا لم يفهموا في حماس الرسالة فها هي مصاغة بوضوح: يمكنكم ان تتسكعوا مع ايران وقطر، ولكن اعلموا بان دول الخليج تعلن بانها تقف في احد طرفي معادلة التطرف. اذا لم تسيروا على الخط، فان ما حصل لقطر يمكن بالتأكيد ان يحصل لكم ايضا.

في السطر الاخير، حتى لو أعلن الأمريكيون الان – مثلما فعل وزير الخارجية «ريكس تلرسون» – بانهم معنيون بوحدة كل دول الخليج وانهم مستعدون للتوسط بينهم وأن رغبتهم فقط بالسلام بين كل دول الخليج وليس في نيتهم زرع الشقاق بين الجهات المعتدلة اكثر أو أقل – فلا شك ان القوى الإقليمية السنية اشارت بوضوح للولايات المتحدة، وشرحت لها موقفها.

لكن ليس أقل من هذا، فإنها بعثت أيضا برسالة واضحة لـ«اسماعيل هنية» و«يحيى السنوار».

السؤال إذا كان في غزة من يستمع إلى هذه الرسالة.

  كلمات مفتاحية

الأزمة الخليجية السعودية الإمارات البحرين مصر قطر قطع العلاقات الدبلوماسية حماس