«القدس العربي»: الحملة على قطر والاقتصاد السياسي للبلاهة!

الأربعاء 7 يونيو 2017 08:06 ص

في تعليق يلخص الحالة التي تعيشها بلدان الخليج العربي حاليا تساءل أحد الإعلاميين الخليجيين على وسيلة التواصل الاجتماعي «تويتر»: «لا يوجد بيت في السعودية والإمارات والبحرين إلا وله تداخل مع بيت في قطر… هل ستستطيعون قطع هذه الأجزاء من الجسد الواحد؟».

والحال أن جزءاً من الجسد الخليجي العربيّ، قرّر في شهر نزول القرآن، الهجوم على الجزء الآخر، وبطريقة متطرّفة تكاد تشبه إعلان الحرب من دون إدراك أن النتيجة الطبيعية والمنطقية لهذا الهجوم هي تضرّر باقي الجسد وتضعضعه وتعريضه لعقاب يصيب جميع أعضائه الأخرى.

تبلغ صادرات قطر إلى الإمارات والسعودية والبحرين نسبة 7.4%من صادراتها العالمية أي ما قيمته 5 مليارات و873 مليون دولار، أما مستورداتها فتبلغ 4 مليارات و549 مليون دولار (2.86 مليار من الإمارات تعادل 8.8% من حجم وارداتها، و1.4 مليار من السعودية تعادل 4.3% و289 مليون دولار من البحرين أي 0.9%).

وإذا كانت معادلة الضرر المتبادل تنطبق على أخوة الدم والجغرافيا والمصير فما بالك بحال مصر، التي قرّر نظامها، وعلى عجل، أن يلحق بركب «الرز» الخليجي، ويطبّق صيغة «الحصار» كاملة رغم أن الضرر سيكون من نصيبه هو وحده.

فهناك مئات آلاف المصريين يعملون في قطر وقد أحسوا جميعهم بالخطر على أرزاقهم من إمكانية معاملة الحكومة القطرية للنظام المصري بالمثل، كما أن هناك استثمارات قطرية مهمة في مصر، إضافة إلى كونها أكبر مصادر الغاز المسال لمصر وللمنطقة العربية ككل.

الحصار الاقتصادي، حسب الأرقام أعلاه يعني أن ميزان الصادرات والواردات من وإلى دول الخليج الثلاث التي اتخذت قرارا بوقف التبادلات التجارية مع قطر تعاقب نفسها بقدر ما تفترض أنها تعاقب جارتها وتحاصر نفسها في الوقت الذي تريد أن تحاصر شقيقتها التي تقاسمها وحدة الحال، وليس فقط الحدود البرية والبحرية والجوية.

قطر، من جهتها، استلهمت الحديث النبويّ الشريف «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» فرفضت إغلاق أجوائها وموانئها وأسواقها وبنوكها في وجه الجيران الخليجيين أو إقفال أنابيب الغاز المتجهة إليهم وعملت بما يمليه الدين الإسلامي والأعراف العربية والقوانين الدولية والحقوق العالمية، وهي أمور تنكّرت لها حكومات البلدان المقاطعة.

التطوّر اللافت في الموضوع هو تغريدة للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» على «تويتر» يتبنى فيها اتهام الدوحة بـ«تمويل الفكر المتطرّف» في تصريح يكشف عن خراقة منقطعة النظير فهو يقول إنه خلال زيارته للسعودية قيل له «إن قطر تموّل أيديولوجيا راديكالية» وهذا يعني أن رئيس الدولة العظمى كان عليه أن يزور المنطقة ويقابل زعماءها (ومنهم الأمير القطري نفسه) وأن يصدّق ما يقوله له بعض هؤلاء الزعماء ثم يعتبر أن هذا من «إنجازات» رحلته العظيمة.

الواضح أن دافع «ترامب» الحقيقي للتصديق على أقوال ما سمعه في السعودية هو رنين الأموال التي جباها منها (وهو ما تزامن مع نشر بدء تطبيق الصفقات العسكرية الأمريكية للرياض خلال اليومين الماضيين) وهو الدافع نفسه لعدم تصديق «شركاء بلاده الاستراتيجيين» في قطر الذين يستضيفون قاعدة كبرى تضم القيادة العسكرية الأمريكية المركزية للشرق الأوسط وجنوب آسيا والمتخصصة بـ«مكافحة الإرهاب»!

الخراقة الترامبية المعروفة التي تتجاهل أسباب التطرّف وجذوره، والتي صدّرت بضاعتها بلاد المنشأ لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري وانتحاريي هجوم نيويورك (السعودية والإمارات ومصر!)، ولم يعرف عن قطر يوماً تصديرها للإرهابيين، أما تعاطفها مع تيار الإسلام السياسي فمعروف وهو اتجاه يقبل الديمقراطية ويشارك في حكومات منتخبة في المغرب وتونس وتركيا، كما يشارك في انتخابات برلمانات الأردن وليبيا واليمن والعراق وموريتانيا ولبنان، ويعادي التطرّف وهو هدف للمنظمات المتطرّفة الإرهابية، وكذلك للأنظمة المستبدة المتغولة في سوريا ومصر وغيرهما.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الحملة على قطر الاقتصاد السياسي للبلاهة بلدان الخليج العربي السعودية الإمارات البحرين قطر إعلان الحرب صادرات قطر النظام المصري ركب «الرز» الخليجي الحصار الاقتصادي