توالي الاعترافات الرسمية بدخول مصر مرحلة «الفقر المائي»

الجمعة 9 يونيو 2017 02:06 ص

توالت في الآونة الأخيرة الاعترافات الرسمية في القاهرة بـ«دخول مصر مرحلة الفقر المائي»، وذلك قبل نحو شهر من الموعد المتوقع لبدء ملء «سد النهضة» الإثيوبي، الأمر الذي سيفاقم الأزمة المائية في مصر.

أحدث التحذيرات صدرت عن رئيس قطاع توزيع المياه بوزارة الري المصرية، «عبد اللطيف خالد»، الذي قال لوكالة «الأناضول»، قبل أيام، إن فيضان نهر النيل العام الماضي كان الأسوأ منذ 113 عاما، واضطرت الدولة معه إلى سحب مياه من المخزون الاستراتيجي في بحيرة ناصر (خلف السد العالي)، أقصى جنوبي البلاد، دون أن يحدد نسبة التراجع، ولا كميات المياه التي تم سحبها من البحيرة.

ونفى المسؤول المصري وجود أي صلة لهذا النقص المائي بسد النهضة الإثيوبي، الذي لم يبدأ تخزين المياه من نهر النيل بعد، فيما تشير تقديرات إلى احتمال بدء هذه العملية في يوليو/تموز المقبل.

وأضاف: «مصر دخلت مرحلة الشح المائي؛ حيث تراجع نصيب الفرد إلى نحو 600 متر مكعب سنويا، لينخفض عن حد الفقر المائي، وهو عند مستوى ألف متر مكعب، وذلك مع انخفاض الفيضان العام السابق، وتوقعات بآخر قادم متوسط».

وأوضح أن «حصة مصر من مياه النيل تبلغ 55.5 مليار متر مكعب (سنويا)، في حين أن الاحتياجات المائية للبلاد تبلغ 110 مليارات متر مكعب».

وتكررت تصريحات رسمية في القاهرة تعترف بـ«دخول مصر مرحلة الفقر المائي»، أبرزها مطلع العام الجاري، من وزير الري المصري، «محمد عبد العاطي»، وفي مارس/آذار الماضي، من وزير الإسكان، «مصطفي مدبولي».

هذا الحديث الرسمي أقر به محمود أبوزيد، وزير الري المصري الأسبق، حيث قال لـ«الأناضول» إن «مصر تمر بأزمة مائية جراء ثبات كمية المياه منذ عشرات السنين، والزيادة المطردة في عدد السكان (أكثر من 93 مليون نسمة حاليا)، يزيدها سوءا قرب الانتهاء من سد النهضة».

ومضى «أبوزيد» قائلا إن «مصر يجب أن تضغط على إثيوبيا في التفاوض بشأن مدة وأسلوب ملء وتشغيل سد النهضة، فلابد أن يكون هناك اتفاق يحدد نسبة التخزين حال وجود فيضان مرتفع والذي لن يسبب أية أزمة، لكن حال انخفاض الفيضان، فلابد أن تكون النسبة أقل حتى لا تتضرر مصر، وهو ما يسمى الموازنات».

وحول إعلان مصر، مؤخرا، سحب مياه من بحيرة ناصر؛ بسبب انخفاض الفيضان، أضاف الوزير الأسبق أن «ما حدث ليس مفاجأة، فهذه البحيرة كالبنك أُعدت للتخزين القرني (تخزين المياه الفائضة عن الاستخدام)، وعندما يحدث فيضان منخفض نسحب منها، الخطر هو توالي الفيضانات المنخفضة مع إنشاء سد النهضة، ما قد يؤدي إلى إنهاء رصيدك خلف السد العالي، وهي أزمة كبيرة».

ويتفق معه «أيمن عبد الوهاب»، خبير المياه وشؤون إفريقيا في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي) بقوله إن «الخطر في الفترة القادمة تحدده فترة ملء السد، ففترة ثلاث سنوات تختلف عن عشر سنوات».

وتابع «عبد الوهاب»، في حديث مع «الأناضول»: «وفي العموم ستتأثر مصر كون السد يعطي إثيوبيا الحق في كمية المياه التي تأتي إلينا، وهذا هو الخطر الحقيقي، خاصة في فترة الجفاف، وهو ما يؤكد حتمية وجود اتفاق سريع خلال الأيام القادمة».

وتعلن القاهرة باستمرار عن تخوفها من تأثير سلبي محتمل لسد النهضة على تدفق حصتها السنوية من مياه النهر، بينما يقول الجانب الإثيوبي إن السد سيمثل نفعا له، خاصة في مجال توليد الطاقة الكهربائية، ولن يمثل ضررا على دولتي مصب النيل، وهما السودان ومصر.

حلول حكومية

الاعتراف الحكومي بالأزمة تبعه الإعلان عن خطة استراتيجية لمواجهة الأزمات المائية حتى عام 2050 تنقسم إلى تفعيل موارد جديدة، وترشيد الاستخدامات الداخلية للمياه.

ووفق وزير الري المصري الأسبق، «محمود أبو زيد»، فإن الأمر يتمثل في «المحافظة على المياه من التلوث والري والزراعة والمنازل، ومطالبة وزارة الزراعة بالحد من زراعة المحاصيل الشرهة للمياه، كالأرز والقصب والموز، وفرض عقوبات مغلظة على المخالفين».

أما الموارد الجديدة فتنقسم إلى نيلية، وهي التوسع في استقطاب الفواقد المائية في أعالي النيل، وغالبيتها في جنوب السودان وإثيوبيا، وكذلك موارد غير تقليدية أهمها تحلية المياه المالحة، سواء كانت بحار أو جوفية، ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصحي.

المصدر | الأناضول + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر سد النهضة فقر مائي أزمة مياه