«ذا إنترسبت»: لماذا يضرب الجهاديون إيران الآن؟

الجمعة 9 يونيو 2017 06:06 ص

في الساعات الأولى من يوم 7 يونيو/حزيران، شنت مجموعة من ستة أشخاص، خمسة رجال وامرأة، هجمات منسقة ضد موقعين في طهران، ضربت البرلمان الإيراني وضريح آية الله الخميني. ووصف شهود في البرلمان تسلح المهاجمين ببنادق هجومية مرتدين سترات انتحارية، وكانوا يستهدفون المارة عشوائيًا صباح يوم الأربعاء. وبحلول الوقت الذي تمكنت فيه قوات الأمن من إيقاف المهاجمين، قُتل ما لا يقل عن 12 مدنيًا، وأصيب 42 آخرين بجراح. وادعى تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هذه الفظائع على الفور تقريبًا، في بيانٍ له على الإنترنت يتضمن أيضًا لقطات فيديو مأخوذة من مسرح الهجمات.

وفي حين يئن الشرق الأوسط من خراب مستمر لأكثر من عقد بفعل الهجمات من تنظيم الدولة والقاعدة وجماعات أخرى، نجت إيران إلى حدٍ كبير من الحوادث الفتاكة مثل تلك التي ضربت طهران يوم الأربعاء. وفي بيانٍ ردًا على الحادث، اقترح فيلق الحرس الثوري الإيراني أنّ «مرتزقة» يعملون بالنيابة عن المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة مسؤولون عن الحادث، وتعهدوا بالانتقام.

وباستهداف المدنيين في مدينة تعتبر آمنة من الإرهاب، كان الهجوم الأول الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية في إيران يهدف إلى زيادة التوترات في منطقة الخليج العربي. وفي زيارته الأخيرة إلى السعودية، أيد الرئيس «دونالد ترامب» الموقف المناهض لإيران من قبل النظام الملكي السعودي الحاكم، ويبدو أنّه خرج لإثارة التوترات الإقليمية بدلًا من تخفيفها. وكانت رسائل «ترامب» في تلك الرحلة تفسر بشكل معقول من قبل الكثيرين على أنّها تعطي الضوء الأخضر للقادة السعوديين لاتخاذ إجراءات عدوانية ضد إيران. ولكن في حين لا يوجد دليل على وجود دور سعودي مباشر في الهجوم الإرهابي في طهران، فإنّ الاشتباه في تورط سعودي في الهجمات خلال فترة التوتر الشديد بين البلدين يمكن أن يكون له عواقب وخيمة.

وقال «أفشون أوستوفار»، وهو أستاذ مساعد لشؤون الأمن القومي في الكلية البحرية العليا: «إذا كان هذا الهجوم قد حدث في أي وقتٍ آخر، فربما لكانت إيران قد تعاملت معه داخليًا، ولم يكن ردها ليختلف عن استجابة الدول الأخرى لهجمات تنظيم الدولة. لكن بعد هذا النوع من الضغط المتصاعد من منافسيهم في جميع أنحاء الخليج، كان التوقيت مناسبًا جدًا لنوع ما من رد الفعل الإيراني. وهناك على الأرجح أشخاص داخل الحرس الثوري الإيراني يعتقدون أنّ السعوديين كانوا وراء هذا بطريقةٍ أو بأخرى».

وفي حين أنّه من غير الواضح نوع الانتقام الذي قد يستخدمه الحرس الثوري الإيراني، فإنّ رد فعله لن ينطوي بالضرورة على مهاجمة السعودية من الداخل. وعلى مدى الأعوام العديدة الماضية، تشن إيران والسعودية حربًا وحشية بالوكالة عبر الشرق الأوسط، مع نشوب صراعاتٍ نشطة في سوريا والعراق واليمن. ويمكن لإيران أن تصعد بسهولة في أي من مناطق النزاع هذه، باستهداف حلفاء أو موظفين سعوديين. وسيكون التصعيد الكبير في أي من هذه الصراعات أكثر خطورة لأنّ الولايات المتحدة تصبح أكثر نشاطًا في هذه البلدان، بعد أن صعدت دعمها المباشر للقوات المتحالفة مع السعودية منذ انتخاب «ترامب».

وفي الأسابيع الأخيرة في سوريا، استهدفت القوات الأمريكية مجموعات الميليشيات المدعومة من إيران بضرباتٍ جوية في ثلاث مناسبات منفصلة، ​​وهي هجماتٍ أسفرت عن مقتل بعض المقاتلين. وفي حين أنّ هذه الجماعات لم ترد بعد باستهداف القوات الأمريكية، فإنّه ليس من المعقول أن يستمر ذلك في المستقبل القريب، في سوريا أو في أي بلدٍ آخر، إذا استمرت التوترات في الارتفاع.

وقال «أوستوفار»: «هذه هي المرة الأولى التي تصبح فيها القوات الأمريكية والجماعات المدعومة من إيران في مواجهة مباشرة في الصراع في سوريا. وفي حين يتزايد الصراع في المنطقة، فإننا يمكن أن نرى في نهاية المطاف أشياء مثل الهجمات ضد القوات الأمريكية في العراق من قبل الميليشيات المدعومة من إيران، وهو تطورٌ من شأنه أن يعقد الحملة ضد داعش بشكل خطير».

لماذا يضرب الجهاديون إيران الآن

قد يكون التهديد المتزايد للإرهاب في إيران عاملًا إضافيًا لتصعيد الصراع في الشرق الأوسط، »حتى بعد إخراج تنظيم الدولة من معاقله في العراق وسوريا. وعلى مدى العقد الماضي، كانت إيران معزولة إلى حدٍ كبير عن الهجمات الإرهابية، وتقول بعض الادعاءات أنّها فترة راحة نابعة من الترتيبات القديمة التي أبرمتها إيران مع قادة القاعدة في الأعوام التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر/أيلول.

وفي حين أنّ فكرة التنسيق بين بعض الجماعات السنية المتطرفة وإيران الشيعية قد تبدو أمرًا بعيدًا، فإنه ربما يكون هناك مبرر لهذه الادعاءات. وبعد الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، فر العديد من كبار أعضاء القاعدة وأسرهم إلى المنفى في إيران، حيث أمضوا سنوات يعيشون تحت الإقامة الجبرية التي يشرف عليها الحرس الثوري الإيراني. وخلال هذه الفترة، أفادت التقارير بأنّه تم التوصل إلى اتفاق ضمني بين هذه الجماعات والإيرانيين، حيث تمتنع القاعدة عن تنفيذ هجمات داخل إيران مقابل استمرار لجوء قادتها. ويوثق كتاب صدر مؤخرًا عن الصحفيين البريطانيين «كاثي سكوت كلارك» و«أدريان ليفي»، بعنوان «المنفى»، هذه الفترة الغريبة في التاريخ الحديث، حيث أجريا مقابلاتٍ مع أعضاءٍ سابقين في القاعدة كانوا يعيشون في إيران حول تعاملهم مع الحرس الثوري الإيراني.

وكما يصف الكتاب، كان استقبال المنفيين في إيران إيجابيًا نسبيًا. وخلال الأعوام التي قضاها قادة القاعدة وأسرهم في البلاد، قام قادة الحرس الثوري الإيراني بضمان سلامتهم وخصوصيتهم. وعلى الرغم من أنّ علاقتهم كانت مثيرة للجدل في بعض الأحيان، إلا أنّ الإيرانيين خرجوا أحيانًا عن المألوف لإبقاء مقاتلي القاعدة سعداء، وتزويدهم بوسائل الراحة المختلفة، وحتى أخذهم وأسرهم لزيارة المواقع السياحية في جميع أنحاء البلاد.

وربما لم تكن إيران هي الدولة الوحيدة التي سعت إلى اتخاذ ترتيبات مماثلة مع تنظيم القاعدة. وأشارت رسالة وردت من مجمع أبوت أباد التابع لـ«أسامة بن لادن» إلى أنّ المخابرات البريطانية توصلت أيضًا إلى وسطاء مع القاعدة للمساعدة في التوسط في اتفاق يقوم فيه البريطانيون «بمغادرة أفغانستان، إذا تعهدت القاعدة بعدم استهداف مصالحهم». ولا تظهر المراسلات المتاحة نتيجة هذه المناقشات، أو حتى ما إذا كان تنظيم القاعدة قد قبل العرض من حيث المبدأ.

وعلى مر الأعوام، تم الإفراج عن المنفيين في إيران بشكلٍ دوريٍ أو إعادتهم إلى الوطن، وبعضهم انتهى به المطاف إلى الاحتجاز في الولايات المتحدة. وفي عام 2015، أطلقت إيران سراح عددٍ من كبار أعضاء القيادة العسكرية لتنظيم القاعدة (والذين سافروا بعد ذلك إلى سوريا)، في مقابل الإفراج عن دبلوماسيٍ إيرانيٍ أسير في اليمن.

وقال «أوستوفار»: «كان نفي شخصيات القاعدة إلى إيران بعد 11 سبتمبر/أيلول محيرًا حقًا، لأنّ إيران كانت متعارضة مع القاعدة سياسيًا وأيديولوجيًا وكانوا يخوضون مخاطرة كبيرة من خلال السماح لهم بالعمل في البلاد». وأضاف: «على الرغم من أنّهم قد حصلوا على بعض المعلومات الاستخباراتية منهم وعلى اتفاقٍ حول عدم شن هجمات داخل إيران، ففي النهاية لم يثبت المنفيون أنّهم كانوا بهذه الفائدة، وربما كانوا أقل مسؤولية بتعهداتهم».

اليد الحرة للسعودية

على الرغم من أنّ إيران قد تلقت بعض الحماية من الإرهاب من خلال أسرى القاعدة، إلا أنّ هناك دلائل قليلة على أي نفوذٍ مماثلٍ لديها الآن للحماية من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية على أراضيها. وإذا كان الإرهاب يزداد في الداخل الإيراني، فمن المحتمل جدًا أن يقرر الحرس الثوري أن يلقي باللوم في ذلك على السعودية، وهي البلد التي أصدرت قيادتها تصريحاتٍ علنية تهدد بجلب المعركة إلى داخل إيران، وكثيرًا ما يتهمها القادة الإيرانيون بدعم تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال «بول بيلار»، وهو زميل بارز غير مقيم في مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون: «أعتبره السيناريو الأسوأ، لكنّني لن أستبعد نوعًا من الهجوم المماثل ضد السعودية من قبل إيران ردًا على ما حدث في طهران».

وعقب زيارة «ترامب» للمملكة، أصبح هناك تصورًا واسع الانتشار بأنّ الحكومة الأمريكية قد أعطت الضوء الأخضر لحلفائها العرب الخليجيين لمواصلة أعمالهم العدوانية فى الشرق الأوسط. وفي الأسابيع الأخيرة، صعدت الحكومة البحرينية حملتها على المعارضة المحلية، في حين قادت الإمارات الحملة لعزل قطر بسبب دعمها للحركات الإسلامية الإقليمية.

لكن قد تكون الأعمال القتالية المتزايدة بين السعودية وإيران أخطر هذه الحالات. ويمكن لأي مواجهة بين القوتين ترتفع إلى مستوى النزاع المسلح المحدود، أن تهدد شحنات النفط والبنية التحتية الحيوية في الخليج العربي، مع ما يترتب على ذلك من آثارٍ على الاستقرار الاقتصادي العالمي. وفي حين سعت الولايات المتحدة تاريخيًا للسيطرة على التنافس السعودي الإيراني لهذا السبب، ففي ظل رئاسة «ترامب» يبدو أنّ الولايات المتحدة تعمل على إضافة الوقود إلى النار من خلال دعم الجهود السعودية لمواجهة إيران بأي ثمن.

وأضاف «بيلار» أنّ «الولايات المتحدة مهتمة بالاستقرار في منطقة الخليج ولديها مصلحة فى تعزيز العلاقات السلمية بين السعوديين والإيرانيين. لكن بدلًا من القيام بذلك، فإنّها تشعل التوترات، التي كانت الموضوع الرئيسي في رحلة ترامب إلى المملكة. ومن المحزن جدًا أن نرى مدى إعطاء إدارة ترامب الضوء الأخضر لأسوأ التوجهات السعودية».

المصدر | ذا إنترسبت

  كلمات مفتاحية

إيران تفجيرات إيران الدولة الإسلامية تنظيم القاعدة