أزمة قبلية بسبب مواجهة «ولاية سيناء».. والحكومة: دورهم محسوب

السبت 10 يونيو 2017 07:06 ص

لا يزال دخول قبائل سيناء، في مواجهة تنظيم «ولاية سيناء» التابع لـ«الدولة الإسلامية»، محل أزمة داخل شبه الجزيرة المصرية.

وعلى الرغم من الصدى الكبير الذي ناله الإعلان عن تدشين «اتحاد قبائل سيناء»، قبل شهرين، لملاحقة مسلحي التنظيم في مناطقهم، وإصدار بيانات عن نشاطاته ونتائج ملاحقاته، بل وصور لمسلحين من شباب القبائل يُنفذون مداهمات أو ينصبون نقاط تفتيش أمنية أو يحتجزون أشخاصاً قالوا إنهم «إرهابيون»، إلا أن هذا الدور يلقى انتقادا واسعا بين بعض القبائل.

وقال اتحاد القبائل في آخر بيان له إن «اتحاد القبائل وقوات الصاعقة (التابعة للجيش) يحكمون السيطرة تماماً على المنطقة من وادي العمرو والبرث والعجراء وحتى نجع شيبانة في شمال سيناء».

وأضاف أن «الشيخ موسى أبو حسين المنيعي أكد أن طلائع من شباب قبيلة السواركة يعسكرون في قرية المهدية (في مدينة الشيخ زويد) التي كانت معقل لتنظيم أنصار بيت المقدس بعد تطهيرها من الدواعش».

ونشر الاتحاد صوراً لأوراق تضم أسماء جمعيات خيرية، قال إنها «جمعيات مشبوهة كانت من ضمن سبل تمويل التنظيم»، إذ «تم العثور عليها في مداهمات لأوكار التكفيريين».

كما نشر صوراً لسيارات تم حرقها في دروب صحراوية بعد ساعات من تحذير أبناء القبائل من السير عبر الدروب، والطلب منهم أن يسلكوا الطرق الرئيسية.

أصل المواجهة

وبحسب صحيفة «الحياة»، تكرر سقوط قتلى من أبناء قبائل سيناء خلال مشاركتهم إلى جانب قوات الجيش في مداهمات لبؤر الإرهاب في سيناء، إذ ظل للقبائل، أو على الأقل بطون فيها، دور في تعقب المسلحين، إما بالإبلاغ عن تلك التحركات أو مرافقة قوات الأمن في المداهمات في المناطق الجبلية كأدلّاء، وفي بعض الأحيان المشاركة في تأمين مناطقهم ومنع دخول أي مسلحين فيها.

لكن ظل هذا الدور بعيداً من الإعلان لفترة طويلة، ليُطرح السؤال عن الأسباب التي دعت إلى الإفصاح عن تلك المشاركة بكل هذا الوضوح.

وروى أحد شيوخ سيناء أسباب خروج تلك المواجهة بين أبناء القبائل ومسلحي «ولاية سيناء» إلى النور. وقال إن الوضع تفجر في نهاية مارس/ آذار الماضي، بعد أن أقدم مسلحو التنظيم، على أفعال لا يمكن أن تتقبلها الطبيعة السيناوية، لافتاً إلى أنهم أقدموا على خطف امرأة من منزلها، بعد دهمه، وهو أمر لا يمكن قبوله، وقتلوها، ما أثار حفيظة أبناء القبائل.

ولفت إلى أنه بعد فترة خطف مسلحو «ولاية سيناء» شيخاً من قبيلة الترابين، و«هذا أمر جلل في عرف القبائل».

وردت «الترابين» بخطف عدد من مسلحي التنظيم، وبعد أن بدأت الأمور تخرج عن السيطرة دعت «الترابين» بطونها إلى اجتماع عقد في ديوان القبيلة، وشارك فيه عدد كبير من أبناء وقيادات القبيلة.

وكان التحدي الذي أعلنه تنظيم «ولاية سيناء» أن استهدف الاجتماع بسيارة مفخخة، قتلت نحو 6 من أبناء القبيلة، فردت القبيلة بنصب مكمن لمسلحين من التنظيم وقتلت 8 منهم، ثم تطورت تلك الحرب إلى الحد الذي لم يكن ممكناً معه أن تتوارى، وكان لزاماً على بقية القبائل الانضمام إليها.

رفض قبلي

وأوضح الشيخ، الذي فضل عدم ذكر أسمه، أن عائلات أو فروعاً في بعض قبائل سيناء رفضت الانضمام إلى تلك المواجهة، لأن الشباب المؤثرين في صناعة القرار فيها هم أصلاً من مؤيدي تلك التنظيمات الإرهابية، أو حتى أعضاء فيها، بحسب قوله.

ولفت إلى أن تلك العائلات معروفة بالاسم بين الأهالي ولدى أجهزة الأمن أيضاً، وهم من يقدمون الدعم إلى المسلحين ويمنحونهم قوة دفع ذاتي إلى الآن، لكن «اتحاد القبائل» يُضيق عليهم إلى درجة كبيرة في محاولة لإنهاء دورهم.

لكن ليس هذا هو الرأي السائد بين قبائل سيناء، إذ قال أحد القيادات الشعبية في مدينة العريش، إن «السلاح يجب أن يكون حصرياً في يد الدولة وممثليها ومؤسساتها، لكن أن يحمل شباب القبائل سلاحاً فهذا أمر مُقلق. كثير من أهالي العريش لا ينتمون إلى قبائل سيناوية، هم من أهالي سيناء لكن ليسوا من أبناء القبائل، والأعراف القبلية ستحكم العلاقة بين الشباب الذين يحملون السلاح. أما بالنسبة إلينا فكيف سيكون الوضع؟ هل سنتحول نهباً للمسلحين من أبناء القبائل، خصوصاً أنهم متحالفون مع الدولة».

وتساءل: «في حال تعرضتُ أو أحد من أهلي لاعتداء من شاب من أبناء القبائل المنخرطين في الحرب ضد المسلحين، هل لو لجأت لأجهزة الأمن سأحصل على حقي؟».

ثناء حكومي

وظهر جلياً أن مؤسسات الدولة المعنية بالحرب على الإرهاب راضية، بل ومُشجعة للدور الذي تمارسه القبائل في مواجهة مسلحي التنظيم في سيناء، إذ نال دور القبائل إطراء وثناء من مسؤولين عسكريين وأمنيين كباراً بعد إطلاق تلك المواجهة بين المسلحين والقبائل.

من جانبه، قال مسؤول مطلع على ملف الحرب على الإرهاب في سيناء إن هناك «تضخيماً» للدور الذي تمارسه القبائل في الحرب ضد المسلحين في سيناء.

وأضاف: «للقبائل دور مقدر ومهم بطبيعة الحال، لكنه يظل في إطار الدعم اللوجستي أو المعلوماتي للقوات المكلفة مواجهة النشاط الإرهابي في شمال سيناء».

وأوضح أن «جبال سيناء مُقسمة بين قبائلها، فكل قبيلة تسيطر على منطقة أو تسكنها ويكون لها اليد الطولى في تلك المنطقة، وأعاربها هم الأدرى بدروبها وممراتها، ودور القبائل في الحرب على الإرهاب يتمثل في التأكد من عدم وجود مسلحين أو بؤر لتكفيريين في نطاق سيطرة كل قبيلة».

وتابع: «في حال رصد مسلحين يتم إبلاغ قوات الأمن لمداهمة المكان، لكن في بعض الحالات قد يقتضي الأمر سرعة في التصدي للمسلحين، خصوصاً في الدروب الجبلية التي يصعب أن تتمركز فيها مكامن أمنية أو عسكرية، ولو طلبنا من أبناء القبائل التصدي للمسلحين في حال استوجب الأمر سرعة التصدي، بات لزاماً السماح لهم بحمل السلاح».

وأشار إلى أن «الانخراط القوي» للقبائل في تلك الحرب يساعد قطعاً على حسمها سريعاً، لأن أبناء القبائل لديهم دراية واسعة جداً بتضاريس جبالهم. وشدد على أن السماح لعدد من أبناء القبائل بحمل السلاح في شمال سيناء فرضه الظرف الاستثنائي لتلك المنطقة التي تواجه تنظيماً إرهابياً شرساً، يتلقى دعماً وتمويلاً من أجهزة استخبارات ودول، لكن هذا الأمر لا يعني إطلاقاً أن الدولة سمحت أو ستسمح بتشكيل ميليشيات أو قوى مسلحة خارج الإطار الرسمي. وأضاف: «الأمر مدروس ومحسوب بدقة وأي سلاح في سيناء ليس خارج الإطار الرسمي للدولة».

ويمارس تنظيم «ولاية سيناء» عمليات خطف وقتل وذبح لمواطنين، من حين لآخر، بدعوى تعاونهم مع أجهزة الأمن المصرية أو الاحتلال الإسرائيلي.

كما يشن هجمات على نحو متكرر ضد عناصر الجيش والشرطة المصريين؛ الأمر الذي أوقع المئات من القتلى والجرحى خلال الشهور القليلة الماضية.

ومنذ نهاية أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت قبيلة «الترابين» إحدى أكبر قبائل سيناء، بدء المواجهة المسلحة ضد التنظيم، بعد اعتداء عناصر منه على عدد من أبناء القبيلة، وانضمت قبائل أخرى لاحقا لـ«الترابين»، أبرزها «قبيلة السواركة».

وفي مدينة «الشيخ زويد» التي تقع بين «العريش» عاصمة شمال سيناء، و«رفح» المحاذية للحدود مع قطاع غزة، ينتشر مسلحو القبائل الذين يتم تزويدهم بالسلاح من قبل الجيش المصري وحتى بالذخيرة بل ويحاسبهم على عدد الطلقات التي يتم إطلاقها.

يطلق عليهم اسم المجموعة 103 أو مجموعة الموت، ويبرر الشق الأول للاسم بأنه على غرار الكتيبة التي تتمركز بها قوات الجيش وتحمل اسم الكتيبة 101، ومسلحي سيناء الذين يعطيهم الرقم 102، أما الشق الثاني: مجموعة الموت فلأنهم «معرضون للموت في أي لحظة على يد مسلحي تنظيم الدولة»، ومعظم أعضاء الفرق المسلحة 103 لديهم سجل جنائي أو أحكام غيابية صدرت بحقهم في قضايا سابقة وتم إسقاطها مقابل التعاون مع الجيش المصري.

المصدر | الخليج الجديد + الحياة

  كلمات مفتاحية