استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

النكسـات الجـديدة

الأحد 11 يونيو 2017 02:06 ص

هذه الأيام يعيش بعض العرب ذكريات «النكسة» التي تكمل اليوم نصف قرن من الخيبات العربية والانكسارات والهزائم العسكرية والإنسانية، هذا البعض يتناقص عاماً بعد عام مع الخفوت التدريجي لهذه الذكرى المؤلمة.

عاماً بعد عام تخفت هذه الذكرى، تقل العناوين التي تتناولها، وتشح المقالات التي تسترجعها، ويسقط اسم أو اثنان على الأقل كل عام من أولئك الذين عايشوها صحافياً، وظلوا يعيشون ذكراها مشتعلين بنيران القهر، ومشتغلين على إحياء الذكرى ولو أدبياً وثقافياً عبر الصحف ووسائل الإعلام.

اليوم والعرب من القوى المؤثرة في وسائل التواصل الاجتماعي وذكرى النكسة تغيب تقريباً عن هذا الإعلام الحديث، بعد غيابها التدريجي عن الإعلام الرسمي أو التقليدي، إذ لا يحتاج المرء إلى أدلة كثيرة كي يبين أن علاقة العرب اليوم بقضيتهم التي كانت «الأم» ليست على ما يرام، بل إلى تراجع، على وقع الانهيارات والتحولات في الأنظمة التي مارست وصايتها على عناوين حياة الناس طوال عقود.

أحياناً يخيل إلي أن البعض تحرر من واجباته «النفسية» تجاه القضية الفلسطينية بعدما تحرر من النظام الذي ظل يسوسه بكذبة النضال وقذف إسرائيل في البحر أو النهر أو في أي كان الماء الذي يجاوره.

النكسة التي أضاعت أكثر مما أضاعت «النكبة» تتلاشى سياسياً، ولا يبدو في أفق عقد أو عقدين من الزمن مقبلين أن هناك من سيطالب إسرائيل، أو يحاربها، وهي بعد أن نخرت في عظم الحس النضالي الحقيقي، ها هي اليوم تبعاتها تنخر في الجيل الذي لم يشهدها لكنه يعيش بعض نتائجها عجزاً عن إيجاد الحلول لمشكلاته المتراكمة، وأهمها ذاته التي ضاعت بين الانتظار وأحلام الانتصار.

إذا نظر العرب اليوم إلى سلم ترتيب الأمم التي تؤثر في العالم يجدون أنفسهم في مراتب لا تسرّ، فبالنسبة إلى الإنسانية، ونتاجها الحديث حضارياً وثقافياً وتقنياً هم لا يزالون في أسفل الدرجات، ولا يزال العربي مستهلكاً نتاج الآخرين، ومتردداً حيال تحديد شكله العلمي والاجتماعي، ومنقسماً تجاه تحديد علاقته بالدين ما بين تطرف مختل أو تفريط مخل.

«النكسة» ومن قبلها «النكبة» ليستا سوى ملامح من تراتبية القوة بين الأمم، إذ تتم سرقة الأرض، وحياة الشعب على مرأى ومسمع من العالم بقسميه العاجز أو المستفيد، وبما أنها كانت نازلة عسكرية ألقت بظلالها المعنوية والثقافية، فهي لن ترد إلى العدو إلا من باب أشكال جديدة من الوعي الحضاري والإنساني، إبداعات إنسانية خلاقة في العلوم والتقنية تجعل ترتيب العرب، ومعهم الفلسطينيون، يصعد في سلم العالم فتنكسر الأطر التي وضعت الأمة العربية فيها، ويتحرر الفرد أولاً، ثم تتحرر الثقافات، وحينها سيأتي الدور حتماً على تحرير الأرض من المحتل.

«النكسة» قديمة عمرها نصف قرن، ولكن النكسات الجديدة التي تلت هي ما يعمقها ويرسخها، ولن تزول أو تلغى نكسة حزيران من التاريخ، لكن يمكن التحرر من النكسات التي تلتها، إذا تم تحرير عقل الإنسان العربي.

* محمد اليامي كاتب صحفي سعودي

  كلمات مفتاحية

ذكرى «النكسة» الخيبات العربية الانكسارات والهزائم العسكرية والإنسانية علاقة العرب بقضيتهم «الأم» انهيارات وتحولات الأنظمة القضية الفلسطينية إسرائيل تحرير الإنسان العربي