استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الثوابت القومية في المشهد الخليجي

الجمعة 16 يونيو 2017 02:06 ص

عند النظر إلى المشهد الخليجي العربي الحالي، ينبغي التفريق الحذر بين جانبين في صورة المشهد: الجانب الأول يتعلق بالخلافات السياسية – الأمنية – الإعلامية بين مجموعة من أعضاء مجلس التعاون. أما الجانب الثاني فيتعلق بمصالح وثوابت قومية عربية عليا يجب أن تنأى بنفسها عن المؤقت والمتغير المتحول.

نحن في مقال اليوم معنيون بالجانب الثاني من الموضوع، الذي يفرض على جميع الجهات مسؤولية قومية وأخلاقية، بأن تتذكر وتحاول أن تلتزم بالآتي:

أولا: لقد عملت شعوب وحكومات دول مجلس التعاون الست، عبر أكثر من ثلث قرن، على بناء منظومة قومية عربية، تسعى في مراحلها الأولى إلى الاندماج الاقتصادي، والتنسيق السياسي لبناء مفاهيم واستراتيجيات مشتركة، والتعاون الأمني لحماية الجميع ضد الأعداء المشتركين. وكما نص النظام الأساسي للمجلس فان الهدف النهائي هو قيام نوع من الوحدة العربية الجزئية في ما بين دول المجلس. ولقد طرح موضوع الانتقال إلى الوحدة رسميا أكثر من مرة، كتعبير عن التزام قادة دول المجلس بذلك الهدف القومي المصيري.

وفي الوقت نفسه أظهرت استطلاعات للرأي وتصريحات كثيرة من قبل الكثير من مؤسسات المجتمع المدني في الدول الست، عن رغبة الغالبية الساحقة من مواطني دول المجلس في الانتقال السريع المدروس إلى هدف الوحدة، خصوصا بعد أن اشتعلت النيران في كل أرجاء الوطن العربي، وفي أقليم الشرق الأوسط، وضعف إلى حدود مفجعة العمل العربي القومي المشترك، في ما بين أقطار الوطن العربي كله، ممثلا بهزال مفروض أصاب الجامعة العربية.

هذا الجهد المتعاظم والبناء البالغ الأهمية، الذي أصبح من المقدسات السياسية عند مواطني دول الخليج العربي، يجب أن لا تصل إليه أية نيران، ولا يصيبه أي رذاذ، ولا يوقف مسيرته أي خلاف، ولا يسمح للقوى الصهيونية – الاستعمارية أن تستغل الفرصة لإضعافه، وإدخاله في المتاهات الاستخباراتية التي تحيكها ليل نهار.

يكفي المجلس ألما وشعورا بالمهانة لتخطي استعمال أدواته المتاحة من جهة، ولعدم الأخذ عبر سنين حياته بأصوات واقتراحات الكثيرين، الذين طالبوا بأن تحتوي تركيبة المجلس على جهة قانونية وقضائية، لحل كل أنواع الخلافات ولمنع أي نشاط يضر بمصالح المجلس المشتركة.

مجلس التعاون يحتاج أن يحاط بأسوار من الخطوط الحمر، بحيث لا تٌمس تركيبته ولا تٌعطل مسيرته، ولا يٌحرف عن أهدافه الوطنية والقومية من قبل أي كان. والتاريخ قد علمنا أن الشعوب لن تغفر لمن يدمر أحلامها.

ثانيا – لقد أثبتت السنوات السبع الماضية أن إقحام الخارج في الشؤون الداخلية للأمة العربية، لترجيح هذه الكفة أو تلك، قد قاد إلى كوارث. أما الدول الغربية، ذات المطامع الاقتصادية أو الممارسات الاستعمارية، فإنها لم تدخل في خلاف عربي إلا وحرفته ودولته وجعلته خلافا مستعصيا على الحل. أما الاستعانة بالعدو الصهيوني فانه كاستعانة الخراف بالذئب اللئيم الجائع.

إن الاستعانة بالخارج لا يمكن أن يقود إلا إلى الابتزاز الاقتصادي والتيه في الحقارات والمؤامرات الاستخباراتية. وعلى من يريد البرهان أن ينظر إلى الحال الذي وصلت إليه أحوال الأشقاء في العراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال واليمن.

ثالثا: إن الوطن العربي ينزف دما وقيحا من جراء الصراعات الطائفية العبثية من جهة، ومن جراء الجنون الجهادي التكفيري الإرهابي من جهة أخرى. من هنا فان إقحام ذلك الجسد المنهك وإدخاله في متاهات سياسية جديدة لن يفيد أحدا، وقد يضر بما بقي من ثوابت قومية.

إن الاستعانة الوحيدة المعقولة، هي في الطلب من ذلك الجسد القومي المنهك لتضميد الجراح وتقريب وجهات النظر وإبعاد التدخٌل الأجنبي الاستعماري الصهيوني. الطلب من ذلك الجسد المثقل بالمصائب لترجيح هذه الكفة أو تلك، يجب أن يصبح خطا أحمر، وإلا فإننا سننشر النار في ارجاء الوطن العربي كله.

نحتاج هنا للتذكير بأن بعض التدخلات الخليجية الخاطئة في الماضي، بحسن نية أو بسوء نية، هو أحد أسباب المشهد الخليجي المفجع الذي يتحدى حكمتنا وأخلاقنا.

رابعا: لقد قلناها في الماضي، ونعود لنقولها بقوة وإشفاق في أيام محنتنا التي نعيشها بخوف وهلع: لا تحملوا الشعوب مسؤولية أخطاء ارتكبتها هذه الجهة أو تلك، دون أن تُسأل الشعوب عما تريد وعما تشعر به. وبالأخص لا تشعلوا الفتن في ما بين الشعوب. إن تاريخ الأمة العربية كله مشاهد أحزان ومحن كابدتها الشعوب بسبب أخطاء هذا المسؤول أو ذاك، أو هذا الفقيه أو ذاك، أو هذا الحزب أو ذاك، أو هذا المجنون أو ذاك.

السلام والتواصل والتفاهم في ما بين شعوب أمة العرب هو الأمل الوحيد الذي بقي لبناء مستقبل هذه الأمة المنكوبة، والذي سيحاول تدمير ذلك الأمل سيرتكب جريمة لا تغتفر.

* د. علي محمد فخرو كاتب بحريني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

المشهد الخليجي الأزمة الخليجية الخلافات السياسية الأمنية الإعلامية المجتمع المدني الثوابت القومية الوحدة العربية التدخلات الخليجية الماضية مجلس التعاون الخليجي