المجتمع «يفسد» بركوب المرأة للدراجة في إيران

الأربعاء 21 يونيو 2017 10:06 ص

نشرت صحيفة «الغارديان» موضوعًا تناولت فيه المضايقات والمخاطر التي قد تواجه المرأة الإيرانية إذا ما رغبت في قضاء حركتها داخل الدولة وهي تركب «الدراجة»، رغم الحملات الأخيرة من الدولة في تقليل استخدام السيارات وترويجها لفكرة استخدام الدراجات عوضًا عنها.

وقالت: «تمتطي نيجين، وهي مديرة في تكنولوجيا المعلومات تبلغ 32 عاما، دراجتها الجبلية في الحديقة في طهران قائلة في حديثها للصحيفة: «أحب دراجتي، وغالبًا ما أذهب في مجموعات لامتطاء الدراجات في الأرياف والمدن أيضا. أعتقد أن عدد السيدات اللاتي يركبن الدراجات في طهران آخذ في الازدياد، حتى أن لدي صديقة تذهب إلى عملها بالدراجة. كم أحببت أن أفعل ذلك، ولكن مقرّ عملي بعيد جداً ولا تتوفر إمكانية الاستحمام في العمل».

وفي نظر «نيجين»: «لا تكمن المشكلة في السلطات فقط ولكن في الزي أيضًا. ففي الأيام الحارة، من الصعب جدا ارتداء الأكمام الطويلة والسراويل الطويلة. والأسوأ من ذلك الرجال الذين ينظرون إليك ويرمونك بانتقاداتهم. يجب أن يعتاد الإيرانيون على رؤية السيدات يركبن الدراجات».

ما تقوله «نيجين» قد لا يبدو غريبًا، إذا لم تكن امرأة تمتطي دراجة في جمهورية إيران الإسلامية من قبل. وبحسب «غارديان» فعلى الرغم من حرارة الطقس، تلتزم «نيجين» بزيها الإسلامي، مرتدية الأكمام الطويلة والسروال والحجاب تحت خوذة القيادة وتنورة تغطي فخذيها.

وأطلق شاب مهتم بالبيئة في خريف عام 2015 بمدينة أراك، حيث تسجل أعلى مستويات التلوث مقارنة بالعاصمة، حملة «ثلاثاء بلا سيارات» لتشجيع الناس على ترك سياراتهم والتنقل بالدراجة لخفض نسبة التلوث.

وقد لاقت الحملة انتشارًا واسعًا، بل واتبعتها العديد من المدن الإيرانية. وبدأت السلطات المحلية كنتيجة لذلك في التشجيع على ركوب الدراجات في جميع أنحاء البلاد.

ووفقًا لرؤية السيدات اللاتي يركبن الدراجات في هذه المسالة، فإن الحملة تعتبر فرصة لدعم قضية تسير في الصالح العام في إيران، وهي الحفاظ على الهواء النظيف، علاوة على أنه لا يوجد قانون إيراني رسمي يحظر على النساء ركوب الدراجات. لكن عندما استخدمت السيدات دراجاتهن في التنقل في مدينة ماريفان، غربي إيران، اعتقلتهن الشرطة رغم أنهن اتبعن نصيحة السلطات المحلية بركوب الدراجة بدلًا من التنقل بواسطة السيارات.

وأُفرج عنهن في نفس اليوم لكن بعد إجبارهن على توقيع تعهدات بعدم ركوب الدراجات الهوائية مرة أخرى في العلن. فيما احتج سكان ماريفان إثر الحادثة في وقت لاحق بتوجيه رسالة إلى السلطات المحلية.

وبعد وقت قصير نشرت نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة «شاهيندوخت مولاوردي» صورة لسيدات يركبن الدراجات على حسابها الرسمي على تويتر. ونقلت عن المرشد الأعلى للبلاد «آية الله علي خامنئي» قوله «يُسمح للنساء ركوب الدراجات الهوائية ما دمن ملتزمات باحترام الاشتراطات الدينية».

كما نقلت صحيفة «طهران تايمز» الموالية للحكومة عن مسؤول حكومي دعمه لراكبات الدراجات، وخلصت إلى أنه «ما دام لا يوجد انتهاكات للزي الشرعي، يجب إعطاء المرأة الحق في ركوب الدراجات في الشوارع».

وقبل أن يدركن ذلك، خابت آمال الإيرانيات بمجرد أن أصدر «خامنئي» فتوى في سبتمبر 2016، تفيد بأنه يُسمح للنساء ركوب الدراجات، ولكن ليس في الأماكن العامة.

أثارت الفتوى السيدات اللاتي يركبن الدراجات، واستخدمن مواقع التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على القضية وأطلقن هاشتاقًا تحت عنوان «نساء إيرانيات يحببن قيادة الدراجات».

ونشرت أم وابنتها مقطع فيديو وهما تركبان الدراجات في جزيرة كيش. وقالتا «ركوب الدراجات جزء من حياتنا. كنا هنا عندما سمعنا فتوى خامنئي التي تحظر النساء من ركوب الدراجات، فاستأجرنا دراجتين على الفور».

وقامت سيدة أخرى بنشر صورتها ممتطية دراجة جبلية قائلة «عندما كنت طفلة، لم يشتر لي والديّ دراجة، وقالوا إن الفتاة لا تركب الدراجة. لكنني لم أستسلم. كنت أسير بدراجة أخي الأصغر في الأزقة وأتنافس مع الصبية. أروي هذه القصة لأولئك الذين يعتقدون أنه يمكنهم أن يمنعوننا من ممارسة الرياضة التي نحب بإطلاق الشائعات والتهديدات. لن نستسلم بسهولة!».

وتقول صحيفة «غارديان» البريطانية، في موضوعها، أنه يمكن تفسير كلمات «آية الله» بكثير من التأويلات كما هو الحال في العديد من الأشياء في إيران، وذلك نقلًا عن تصريحات سيدة تشارك بنشاط في ركوب الدراجات، تفضل أن تبقى مجهولة الهوية، ولا تريد أن ترتبط بحملة الهاشتاق. وأضافت «إذا ركزنا في سياق كلمات آية الله، سنجد أنه لم يكن رسميا، ولم يذكره أبدا على موقعه الرسمي، وبالتالي فإن هذا القرار لا يملك سلطة القانون».

وتابعت «أعتقد أن ما كان يقصده هو أن ركوب الدراجات هو فعل سيء بالنسبة إلى المرأة فقط عندما يكون له عواقب أخلاقية سيئة. وهذا يعني أنها يجب أن تلتزم بارتداء السراويل الطويلة والأكمام الطويلة، والحجاب تحت الخوذة، والتنورة».

وتعتبر الدراجات في إيران وسيلة شعبية للتنقل في النصف الأول من القرن العشرين، حيث كان معظم الناس لا يستطيعون شراء السيارات الفاخرة المستوردة حينها. وبعد أن بدأت إيران في تصنيع السيارات في سبعينات القرن الماضي، أصبح معظم الإيرانيين يركبون السيارات، ويعتبرون ركوب الدراجات بمثابة وسيلة تنقل للفقراء.

وسبق أن اتخذت بلدية طهران بعض من الخطوات الجدية لتهيئة البنية التحتية حتى يتمكن راكبو الدراجات من تجنّب مخاطر حوادث المرور منها إنشاء مسارات للدراجات في أجزاء معينة من المدينة، كما تم عمل «برنامج تبادل الدراجات»، على الرغم من أنه لم ينتشر بعد. حيث اهتم عدد قليل من سكان مدينة طهران بمبادلة سيارتهم لاستئجار دراجة، وظهرت بعض من المشكلات بخصوص اختفاء الدراجات. وتم الإعلان عن خطة جديدة لبناء 120 محطة انتظار العام الماضي.

من ناحيتها، الإيرانية «ناناز» المحامية ذات الـ30عاما، تقول إنها تعشق ركوب الدراجات، وتقول «أركب الدراجة يوميا وأقطع بها مسافات طويلة ولم أواجه أيّ مشاكل في شوارع العاصمة، فطالما أن حسن روحاني المعتدل هو رئيسنا، سنتمكن من القيام بذلك. أطمح في المستقبل أن أشارك في دورة الألعاب الأولمبية».

وعلى الرغم من أن راكبي الدراجات الإيرانيين من الذكور حققوا بعض النجاحات في المسابقات الرياضية في جميع أنحاء قارة آسيا، يحظى الاتحاد الإيراني للدراجات بالكاد بـ100 عضو من السيدات.

وتختتم الصحيفة البريطانية بالإشارة إلى أن الدراجات تحتاج إلى وقت طويل لكي تصبح وسيلة نقل معتمدة بجدية في العاصمة طهران، رغم الحماس الكبير لدى الناس نحو فكرة ركوب الدراجات حيث يجب أولًا نشر الوعي بين سائقي السيارات للانتباه ووضع راكبي الدراجات في الاعتبار، كما أن البنية التحتية للمدينة غير مؤهلة بحيث تجعل التلال المنتشرة في المدينة ركوب الدراجة خطرًا.

 

المصدر | الخليج الجديد + الغارديان البريطانية

  كلمات مفتاحية

إيران دراجة حرية حقوق وحريات ركوب الدراجة قضية آية الله علي خامنئي دين إسلام إلتزام