«ذي أتلانتيك»: مطالب الحصار تدخل في السياسة القطرية وذريعة للتصعيد

الاثنين 26 يونيو 2017 06:06 ص

الآن لدى قطر قائمة للمطالب.

في مساء الخميس، ظهرت تقارير إخبارية تحمل 13 مطلبا للدول المحاصرة لقطر، السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر، ينبغي على الدوحة أن تستوفيها من أجل أن يتم حل الأزمة معها. ومن بين المطالب الأكثر إرهاقا التي تظهر على القائمة والتي قد تكون أو لا تكون رسمية، أن تقطع قطر علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين وجميع الجماعات الإسلامية الأخرى في الشرق الأوسط وأن تقوم بتخفيض مستوى علاقاتها مع إيران، وإغلاق قناة الجزيرة الفضائية وجميع وسائل الإعلام الممولة من قطر، ودفع مبلغ غير محدد كتعويض عن الأضرار الناجمة عن السياسات القطرية في السنوات الأخيرة، ووضع برنامج إشراف تمتد مدته إلى 12 عاما لضمان الامتثال القطري.

من خلال إعداد قائمة مطالبهم، يأمل السعوديون والإماراتيون أن يستعيدوا الزخم الذي شعروا أنهم يفقدوه. ومن خلال التركيز على علاقات قطر المزعومة بالإرهاب، فإنهم يأملون أن ذلك سوف يداعب رضا البيت الأبيض، إن لم يكن الخارجية والبنتاغون أيضا.

مصممة للرفض

ومع ذلك يبدو أن نطاق المطالب وعددها يهدفان إلى حث قطر على رفضها ما يوفر مبررا محتملا لاستمرار الأزمة، إن لم يكن تصعيدها. والقائمة، إن كانت دقيقة، تمثل تدخلا في الشؤون الداخلية لدولة قطر من شأنه أن يهدد سيادتها. ولأن قطر تشكل حجر الزاوية في الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، فإن لأمريكا مصلحة في أمنها الداخلي واستقرارها الإقليمي. كذلك، فإن الاقتصادات الناشئة والصناعية في جميع أنحاء العالم التي تعتمد اعتمادا كبيرا على صادراتها من الغاز الطبيعي المسال، سوف تتعرض للخطر حال وقوع أزمة كاملة في الدوحة.

وكما هو الحال مع معظم معطيات هذه الأزمة، فإن الخط الفاصل بين الواقع والحقائق البديلة يصعب تمييزه أحيانا. بدأت هذه القضية في 23 مايو / أيار، وهو تاريخ لاقتحام مزعوم لوكالة الأنباء القطرية حيث تم نشر تصريحات للأمير «تميم» تشير إلى دعمه للحركات الإسلامية الإقليمية وإيران. وبشكل سريع، بدأت المقالات في المنافذ السعودية والإماراتية تربط قطر بمجموعة من الجهات الفاعلة غير الحكومية المزعزعة للاستقرار، وتصورها على أنها متآمرة مع إيران. وادعى مقال تم نشره على موقع قناة العربية أن قصر أمير قطر واقع تحت حراسة الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. وفي 5 يونيو/حزيران، قطعت هذه الدول علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وقامت بفرض تدابير اقتصادية عقابية على البلاد لم يسبق لها مثيل في تاريخ مجلس التعاون الخليجي الذي دام 36 عاما.

معركة واشنطن

ويبدو أن الهدف الرئيسي للحملة المناهضة لدولة قطر هو الفوز في معركة القلوب والعقول في واشنطن، وعلى وجه الخصوص داخل البيت الأبيض الذي يعتبر متعاطفا مع السعوديين والإماراتيين. يتصور المرء أن المقالات التي تربط قطر مع إيران ومجموعات إسلامية مختلفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط تم تصميمها باعتبار ميول المسئولين في إدارة «ترامب» مثل «جيمس ماتيس» وزير الدفاع ومستشار الأمن القومي «ماكماستر» وغيرهم من المسؤولين الذين يحملون وجهات نظر متشددة تتماشى مع الرياض وأبوظبي. وبدأت الحملة الإعلامية ضد قطر بعد يومين من زيارة «ترامب» للرياض، التي ربما تكون شجعت المسؤولين في العواصم الإقليمية على الاعتقاد بأن البيت الأبيض سيأخذ طرفا في النزاع.

في البداية، ظهر «ترامب» داعما للموقف السعودي الإماراتي من خلال سلسلة من التغريدات المباشرة التي نشرت يوم 6 يونيو/حزيران والتي زعم فيها أن قطر كانت تمول الأيديولوجيات الراديكالية. وقال «ترامب» إنه ناقش القضية مع القادة الإقليميين خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية..ولكن في الأيام التي أعقبت ذلك، أعادت وزارتا الخارجية والدفاع التأكيد على القيمة الاستراتيجية والتجارية للشراكة القطرية مع الولايات المتحدة. وفي 14 يونيو/حزيران، جاءت صفقة بيع طائرات بقيمة 12 مليار دولار إلى قطر لتؤكد أن واشنطن لا تفكر في التخلي عن البلاد التي تستضيف مقر القيادة المركزية الأمريكية من عام 2003. كما دعا وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» إلى التفاوض، وهو يدرك جيدا، منذ فترة ولايته في شركة إكسون موبيل، أهمية قطر سواء لأسواق الطاقة العالمية أو لشركات الطاقة الأمريكية.

وكان السبب المباشر الذي دفع الكتلة السعودية إلى إرسال مطالبها للقطريين من خلال وسطاء كويتيين هو الانتقادات الصريحة على نحو غير عادي من قبل المتحدث باسم وزارة الخارجية «هيذر نويرت»، الذي تحدث يوم 20 يونيو/حزيران منتقدا عدم قيام دول الحصار بتقديم مطالبها إلى قطر حتى الآن. هذه التعليقات تعكس إحساسا بالقلق الذي يثير الانزعاج داخل أجزاء من الحكومة الأمريكية بأن المواجهة كانت غير ضرورية ومعقدة، إن لم تكن تمثل تقويضا كاملا لجهود «ترامب» لتجميع العرب السنة ضد الجماعات المتطرفة الإقليمية وضد إيران. ويبدو أن صبر واشنطن في النزاع أصبح ضعيفا.

غير واعدة

وإذا كانت القائمة دقيقة فلا يبدو أنها تشكل أساسا واعدا للتفاوض حتى وان كانت العديد من مطالبها تعكس مخاوف طويلة أثارها مسؤولون بالحكومة الأمريكية في عدة نقاط في السنوات الأخيرة. تتداخل الجزيرة بشكل وثيق مع الأسرة الحاكمة القطرية، التي مولت الشبكة منذ إنشائها في عام 1996، لذا فإن إغلاقها هو بمثابة غرس خنجر في قلب المؤسسة السياسية القطرية. وهناك مطلب آخر وهو إغلاق القاعدة التركية التي تم افتتاحها في عام 2016 وهو يهدف إلى حرمان قطر من شريك رئيسي في جهودها لتنويع خياراتها الأمنية الإقليمية خارج الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي.

والشرط الواضح الذي يقضي بأن تدفع قطر تعويضات وأن تقبل عمليات التفتيش المنتظمة للرصد على مدى 12 عاما يذكرنا بالمطالب التي قدمت إلى صربيا من قبل الإمبراطورية النمساوية المجرية بعد اغتيال «فرانز فرديناند» في سراييفو في عام 1914. وقد تم تقديم هذه الطلبات بغية أن يمثل رفضها أساسا للعمل العسكري ضد صربيا، الأمر الذي أدى إلى سلسلة من الأحداث التي بلغت ذروتها في اندلاع الحرب العالمية الأولى. وفي حين أن الوجود العسكري الأمريكي القوي في جميع الدول المتنازع عليها يجعل من غير المرجح حدوث حريق مماثل، فإن الإشارات الحالية يمكن أن تدفع الأمور إلى خارج السيطرة.

وبالنظر إلى أن قطر من غير المرجح أن تقبل الشروط المنصوص عليها في القائمة، وأن الحكومة الأمريكية ككل، من غير المرجح أن تختار جانبا من جهة أخرى، فإن السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت الكتلة السعودية والإماراتية مستعدة أن تذهب وحدها إلى مزيد من التصعيد. قد يكون هدف البداية الصعبة هو توفير مجال للتوصل إلى حل وسط ملائم، لكن المشاعر على جانبي هذا النزاع كانت ملتهبة بحيث أنه من الصعب أن نرى أي من الطرفين يتراجع دون إراقة ماء وجهه، حتى إذا ضاعفت واشنطن والكويت جهودها للوساطة.

  كلمات مفتاحية

قطر حصار قطر قائمة المطالب الإمارات السعودية