استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أباطيل وأسـمـار.. قالوا قطر تدْعم الإرهاب!

الأربعاء 28 يونيو 2017 06:06 ص

هل صحّ قولٌ من الحاكي فنقبَلهُ

أمْ كلُّ ذاكَ أباطيلٌ وأسمار؟

أمّا العقولُ فآلتْ أنّه كذِبٌ

والعقلُ غَرْسٌ له بالصدقِ أثمار

نعم يا أبا العلاء المعرّي، لمست كلماتك الجِراح، فكيف نقبَلُ هذه الافتراءات التي برزت فجأة من العَدم بين عشيَّة وضُحاها لتنال من دولة قطر، فما هي إلا أباطيل وأسْمار، تَؤول العقول إلى تكذيبها.

أنْ تُتّهم قطر جزافًا بدعم الإرهاب، لَهُو استخفاف بوعيِ الشعوب العربية والإسلامية، لقد عَانت السعودية الأمرّين من تهمة الإرهاب، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي قام بتنفيذها عرب أكثرهم من المملكة، إضافة إلى كثرة أعداد السعوديين في بُؤر القتال، في الصراعات الدائرة في العالم الإسلامي، كل ذلك وضع السعودية زورا وبهتانا تحت طائلة دعم الإرهاب، فهل يُعقل أن تسمح الشقيقة الكبرى لأن تكتوي أختها بالنيران ذاتها؟

وأتحدث عن السعودية تحديدا لما لها من ارتباط وَثيق بقطر في المذهب والتوجّه الديني، فكلاهما يوصف بالوهابية.

غير مقبول أنْ تُتَّهم قطر بدعم الإرهاب من أجل علاقتها الانفتاحية على التيار الإسلامي المعتدل، فهي ترى أن هذا التيار ليس هو العدو، وأن إقامة علاقات هادئة مُتَّزنة مع تلك الجماعات أفضل من التضييق عليها ومحاربتها، ودفْعها خارج المسار السلمي، وأنَّ الأوْلى أن تستثمر تلك العلاقات مع الفصائل المعتدلة باتجاه تقارب مع أمريكا والغرب، وهو ما يُعد استثمارا في صناعة السلام وانفراج العلاقات بين الشرق والغرب، وبين الإسلام وغيره.

وكيف تُتهم قطر بدعم الإرهاب بذريعة علاقاتها المنفتحة على جماعة الإخوان، رغم أن الدول التي تتهمها بذلك لها علاقاتها الواسعة مع ذلك الفصيل، فمنها من تنفَّذت في مؤسساتها رموز إخوانية، ومنها من ظلَّت عقودا تسمح لتلك الجماعة بممارسة الحياة السياسية والحزبية والتنافس على السلطة – بالتوازي مع التضييق عليها ـ ومنها من استضاف رموز الجماعة العلمية والدينية حينا من الدهر.

غير مقبول أن تُتهم دولة قطر بدعم الإرهاب استنادا إلى قبولها بافتتاح مكتب لحركة طالبان الأفغانية في الدوحة عام 2013، والتوسُّط بينها وبين الأمريكان لإطلاق سراح الجندي الأمريكي مقابل خمسة من عناصر الحركة.

قطر تتبنَّى منذ التسعينيات سياسة الباب المفتوح، التي تُركّز على بناء علاقات، والتوسط في حل النزاعات، بما تستفيد منه قطر والمجتمع الدولي معا، تلك السياسة سمحت لها بأن تقوم بدور الوسيط في العديد من المحادثات والاتفاقيات، ومنها الوساطة بين جيبوتي وإريتريا، والتوسط لإنهاء أزمة راهبات معلولا، والإفراج عن الصحافي الأمريكي بيتر ثيو كيرتس، الذي كان مختطفا في سوريا، كما توسطت قطر للإفراج عن 45 جنديا من فيجي، تابعين لقوات حفظ السلام في سوريا أيضا. فبأيِّ منطِق تُتهم قطر بدعم الإرهاب، وهي تنتهج دبلوماسية تعتمد على لغة الحوار وتعزيز السلام؟

وكما قلت سابقا وأكرر: "الإرهاب" تفريق لا تجميع، هدم لا بناء، تغليب لصوت الرصاص على صوت العقل والحكمة. واستنادا إلى هذه الدبلوماسية المُثْمرة التي يستفيد منها الجميع، ما الذي يمنع أن تتفاهم قطر مع حركة طالبان، التي كانت لاعبا بارزا على مسرح الأحداث في أفغانستان، وهي الحركة التي سيْطرت على معظم البلاد في فترة من الفترات؟

لقد أثْمر هذا التفاهُم مع الحركة صفقةً تم بمُقتضاها الإفراج عن رقيب في الجيش الأمريكي اعتقلته طالبان مقابل الإفراج عن خمسة من عناصر الحركة كانوا في سجن غوانتنامو، على أن يظلّ الأفغان الخمسة تحت رقابة قطرية لمدة عام.

ومما يضع علامة تعجب إزاء هذه التهمة، أن هذه الخطوة تمت بمباركة أمريكية، وأشاد بها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

غير مقبول أن تُتهم قطر بدعم الإرهاب لأنها تدعم المقاومة الفلسطينية، فهو شرف ينبغي أن يسعى إليه الجميع، فإن قضية فلسطين هي قضية مركزية للأمة العربية والإسلامية، ومقاومة المُحْتل الغاصب حقٌ مشروع بموجب قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وكلُّ موادِّها تُعطي الحق لأي شعب من الشعوب في تحرير أرضه ولو بالكفاح المسلح، دون اعتباره إرهابا، فكيف يُتهم من يدعم شعب فلسطين في تحرير أرضه، بأنه إرهابي أو داعم للإرهاب؟

تُهمة رعاية ودعم الإرهاب أصبحت ورقة ضغط أمريكية، لمُعاقبة الشرفاء وإجبارهم على  التناغُم مع توجهات البيت الأبيض، ولوازِمِها من المصالح الصهيونية، وصار مصطلح الإرهاب فضفاضا، تُرمى به الدول والجماعات والأفراد دون تقديم حيثيات مُقنِعة مَدعومة بالأدلة المادية.

هناك رغبة محْمومة في وضع الدول والحكومات بين خيارين، إمّا التعامل مع كل الفصائل الإسلامية باعتبارها جماعات إرهابية، دون تمييز بين كيان وآخر، وإمّا التعرض لتهمة دعم الإرهاب، وهو أمر جدُّ خطير من شأنه التكريس لمزيد من العنف والإرهاب، إذ أنْ هذا التوجّه قد يدفع الفصائل التي تنبُذ العنف إلى انتهاجه.

ولا ريب في أن اتّهام قطر بدعم الإرهاب سيصبُّ في صالح الكيان الصهيوني، ويُخضع ملف القضية الفلسطينية لقبضة الحكومة الإسرائيلية. أضف إلى ذلك أنَّ تمرير هذه التهمة، سيكون تجربة قابلة للتكرار، مع كل نظام لا يقبل بحرفية الإملاءات الخارجية.

فالهجمة على قطر واتهامها بدعم الإرهاب لا يمكن النظر إليه على أنه نزاع عربي عربي، ولا يمكن فصْلُه عن المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة. 

* إحسان الفقيه كاتبة أردنية

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

قطر دعم الإرهاب استخفاف بوعيِ الشعوب السعودية أحداث 11 سبتمبر سعوديون في بُؤر القتال التيار الإسلامي المعتدل