«الغارديان»: طلاب متهمون بـ«تمويل» تنظيم الدولة في مصر بـ«مصروف الجيب»

الأحد 2 يوليو 2017 12:07 م

أبناء «أماني عثمان» هم من بين 170 شخصا سجنوا في مصر بسبب الاشتباه في صلتهم بتنظيم الدولة الإسلامية. ويرى العديد من المراقبين بأن الحملة الحكومية ضد الدولة الإسلامية تعتقل في طريقها العديد من الأبرياء.

تقول «أماني عثمان»: «أهؤلاء هم الإرهابيون؟»، وتظهر فيديو لطفليها يلعبان تنس الطاولة بينما كانا في عطلة في الكويت.

وتجلس «أماني» في مقهى في القاهرة، تضحك على فكرة أن ولديها يمكن أن يكونا حقا متطرفين. لكن كل من« عمر» و«أحمد»، اللذين شوهدا في شريط الفيديو يمزحان وهما يضربان الكرة ذهابا وإيابا، موجودان في سجن مصري حيث ينتظران المحاكمة لمدة عامين تقريبا. «عمر»، الأكبر، هو واحد من 170 من المدعى عليهم والذين يواجهون مجموعة من الاتهامات المرتبطة بالدعم الأيديولوجي والمالي للدولة الإسلامية. ويتهم ابنها الأصغر «بالانتماء إلى جماعة محظورة».

وتقول أسرهم ومحاموهم أنهم أبرياء، ويزعمون أن الشيء نفسه ينطبق على كثيرين آخرين في لائحة الاتهام. وكان عمر وزميله المتهمين قد رفعت قضيتهم، رقم 247، إلى محكمة عسكرية في وقت سابق من هذا العام، مما يعنى أن المحاكمة ستجرى سرا ولا يمكن الطعن فيها.

وكثيرا ما يتعرض الشبان المعتقلون لخطر قضاء جزء كبير من حياتهم في نظام متاهة السجن في مصر بناء على اتهامات غامضة وغير واضحة. ويخضع الكثير من الطلاب للمحاكمة في قضية 247 ولكن الأسر والمحامين يقومون بحملات من أجل السماح لهم بإجراء امتحاناتهم في السجن.

وتبين هذه القضية كيف تتعامل السلطات المصرية مع تهديد تنظيم الدولة في البلاد. فقد استهدفت حملة واسعة النطاق الآلاف من الناس، وغالبا في المناطق التي يوجد فيها دعم لجماعة الإخوان المسلمين، التي كانت في السابق تمثل الحزب الحاكم، ولكن منذ ذلك الحين وصفت بأنها جماعة إرهابية وتم حظرها.

ويرى المراقبون أن رغبة السلطات المصرية في الخلط بين جماعة الإخوان المسلمين وبين تنظيم الدولة خلقت غموضا خطيرا. ومنذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي السابق «محمد مرسي» في عام 2013، شنت مصر حملة اعتقالات ضد المجموعتين. وفي الوقت نفسه، وضعت البلاد نفسها كشريك إقليمي حيوي في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، وهو موقف رحبت به إدارة «ترامب».

وفي صيف عام 2015، اختفى «عمر»، 23 عاما، أثناء عطلة في الكويت. وأبلغت السلطات الكويتية أسرته بأنه تم اعتقاله بناء على طلب السلطات المصرية بسبب «جريمة إلكترونية». وقد افترضوا أن هذا يعني نشر رسائل ناقدة في فيسبوك.

ثم نقل «عمر» سرا إلى مصر حيث تمكنت أسرته بعد عدة أشهر من تعقبه إلى مبنى لاظوغلي سيء السمعة بالقاهرة.

وقد سجن الكثير من الأشخاص بسبب اتهامات سياسية أو زائفة وقد علم أن الحكومة اضطرت إلى بناء 16 سجنا جديدا. فقط الصين وتركيا قاما بسجن صحفيين أكثر من مصر، كما حجبت الحكومة أيضا مواقع جديدة.

أوضاع مروعة

يقول «مختار عوض»، وهو باحث في موضوع التطرف في جامعة جورج واشنطن: «من المحتمل جدا في مصر، كما هو الحال في البلدان الأخرى التي تستهدف المتعاطفين مع تنظيم الدولة الإسلامية أن يتم القبض على أشخاص ليس لديهم علاقة تذكر بالتهم أو لأنهم ببساطة يعبرون عن آراء متطرفة -أو ما تعتبرها الحكومة آراء متطرفة- عبر الإنترنت».

ويضيف: «كلما زاد حجم الشبكة، زادت صعوبة العملية، لأنه سيكون هناك عدد كبير جدا من الناس. ونتيجة لذلك، تقع بعض الشقوق ويخرج الناس من السجن مباشرة إلى تنظيم الدولة».

كان الوضع مروعا للعائلات، كما تشهد «صابرين عطا»، أم الطالب «أحمد إيهاب النجار»، المدعى عليه في قضية 247.«قبل الفجر مباشرة، عندما كنا جميعا نائمين، استيقظت على صوت كسر باب الشقة لدينا». وتضيف: «وجدت الشقة مليئة الشرطة. بحثوا في الغرف، وسألوا عن أسماء الجميع. وعندما وصولوا إلى أحمد سألوه أين درس. وعندما قال لهم جامعة الأزهر، أخذوه».

وتؤكد: «أنا أحتقر النظام لفعله ذلك بالشباب».

ومما لا شك فيه أن مصر تواجه تمردا حقيقيا ومتناميا من قبل تنظيم الدولة. وأعلن التنظيم مسؤوليته عن القنبلة التي أسقطت طائرة ركاب فوق صحراء سيناء في أكتوبر/تشرين الأول 2015، فضلا عن سلسلة من الهجمات الأخيرة على المسيحيين الأقباط. وأعلن الرئيس «عبد الفتاح السيسي» اعلن في يونيو/حزيران الماضي حالة الطوارئ بعد فترة قصيرة من إعلان التنظيم مسؤوليته عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل 30 شخصا في قافلة كانت تقلهم في مدينة المنيا جنوب مصر.

وسعت السلطات جهودها للقبض على أولئك الذين يقولون أنهم يؤيدون تنظيم الدولة. ومع ذلك، فإن السرية المحيطة بإجراءات المحكمة تجعل من المستحيل تقريبا التدقيق في الأدلة التي يزعم أنها تربط القضية 247 متهما بالمجموعة.

ويقول «خالد المصري»، وهو محامي دفاع بارز يمثل «عمر» وكثير من المتهمين الآخرين: «من وجهة نظري المهنية، بصفتي محاميا، فإن 80%من المتهمين بريئون».

وفي مذكرة اعتقال «عمر»، المؤرخة في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2015 والتي اطلعت عليها صحيفة الغارديان، فإن المساحة تحت بند التهم كانت فارغة. وبعد ذلك أضيف «عمر» إلى القضية 247، متهما بالانتماء إلى تنظيم الدولة وتمويله.

تقول «أماني»: «إنه لا يزال يحصل على مصروف الجيب مني، لذا لا أعرف كيف يملك المال لتمويل داعش».

واتهم ابنها في الوثائق بأنه «قيادي» يقدم الدعم المادي للتنظيم بما في ذلك المال والأسلحة.

وتضيف: «نحن عائلة مصرية محافظة متوسطة، ولسنا متشددين على الإطلاق. أنا لا أرتدي النقاب، وزوجي ليس متدينا».

زتقول العائلات التي يحتجز أبناؤها إن الاعتقالات اتبعت النمط التالي: سيتم سحب شاب واحد والضغط عليه لإعطاء أسماء أصدقائه. ومن ثم سيتم اعتقال أصدقائه، وغالبا يكون الطلاب في نفس الجامعة أو من شبكة اجتماعية طويلة، بعد ذلك بوقت قصير. والنتيجة هي مجموعة من الاعتقالات في المناطق المرتبطة بدعم جماعة الإخوان المسلمين.

وتقول «أماني» أنه رغم ذلك يبدو أن الاستراتيجية عشوائية بشكل ملحوظ. «في العيد الأخير، اقتحم أمن الدولة منزلنا في الثانية صباحا، بعد فترة طويلة من اعتقال أبنائنا». «سألني ضابط الشرطة أين أبنائك. أجبت:أين أبنائي؟ أخذتم واحد قبل عام والآخر أخذتموه الأسبوع الماضي!».

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

مصر تنظيم الدولة الإسلامية قمع السيسي السيسي