ترويج لـ«إنجازات السيسي» للمرأة المصرية .. وتجاهل للواقع المغاير

الأحد 2 يوليو 2017 03:07 ص

انعقد مؤتمر «مصر تستطيع بالتاء المربوطة»، اليوم الأحد، بحضور المهندس «شريف إسماعيل»، ووزيرات الهجرة، «نبيلة مكرم»، والتعاون الدولي والاستثمار، «سحر نصر»، والتضامن الاجتماعي، «غادة والي»، والتخطيط، «هالة السعيد».

وقد تحدثت في الجلسة الأولى للمؤتمر الوزيرات الأربع، وتناولت كل منهن طرح تجربتها وكيفية مشاركتهن فيما وصفنه بـ «صناعة القرار» من خلال مهام عملهن.

ويأتي هذا المؤتمر في الوقت الذي يشيد فيه الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» بـ«المرأة المصرية وصبرها، وتحملها تكاليف الإصلاح الاقتصادي، ودورها في (ثورة 30 يونيو)، وفي الحفاظ على الدولة المصرية، وتضحياتها من أجل حماية الوطن»، على حد تعبيره في العديد من اللقاءات والمؤتمرات الرسمية.

ومن ضمن ما يعتبره الإعلام المصري من «مكتسبات المرأة تحت حكم السيسي»، حصول النساء على «أعلى نسبة تمثيل في تاريخ البرلمان المصري»، حيث حصلن على 14.59% من المقاعد، فيما عيّن الرئيس 14 سيدة ضمن نسبة الـ5%، ليبلغ عددهن في البرلمان 90 نائبة.

وفي الوقت الذي يراهن فيه الرئيس على المرأة المصرية في كل خطاباته، يعبّر حال المرأة على أرض الواقع، بمستوى مختلف، مغاير لما يتم ترويجه، وبتوثيق من التقارير الرسمية والدراسات الأخيرة.

 

مشاكل نفسية

ففي أحدث دراسة له صدرت منذ أيام، أكد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء في العدد رقم (94) من المجلة النصف سنوية - السكان - بحوث ودراسات، أن 86% من النساء، عانين من مشاكل نفسية نتيجة تعرضهن للعنف على يد الزوج خلال الاثنى عشر شهرًا السابقة على المسح، وتشير الدراسة أيضًا إلى أن المرأة والأسرة تتكبد بشكل عام 1.49 مليار جنيه فى العام من جراء عنف الزوج فقط منها 831 مليون جنيه تكلفة مباشرة، و662 مليون جنيه تكلفة غير مباشرة.

 

تحت خط الفقر

وفي مايو/أيار 2017 أكد المجلس القومي للمرأة، أن نسبة المرأة العاملة تحت خط الفقر بلغت 26.3%، ونسبة مشاركة المرأة فى قوة العمل 24.2%، ومعدل البطالة بين الإناث 24%، ونسبة النساء فى الوظائف الإدارية 6%، ونسبة النساء في وظائف مهنية 38%، وأن نسبة مشاركة النساء فى النشاط الاقتصادى منخفضة جدا.

وفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016، أظهرت نتائج دراسة أصدرها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن النساء من أكثر الفئات التي تعاني الفقر حيث إنهن أقل حظًا فى التعليم والتدريب والإعداد والتأهيل والحصول على فرص العمل والأجور فى ظل ظروف لا توفر لهم الإحساس بالأمان الاجتماعي والاقتصادي.

وأشارت الدراسة إلى أن 28% من إجمالي عينة الدراسة مطلقات وأرامل يتحملن إعالة الأبناء والإنفاق عليهم ورعايتهم منذ أكثر من عشر سنوات، وهناك نسبة 15% من الأسر تنفق عليها الزوجة فقط بمفردها، وربما يكون الزوج نفسه هو أحد من تنفق عليهم الزوجة إما لمرضه أو تعطله عن العمل، وتزداد النسبة فى الحضر عن الريف وذلك قد يرجع إلى تنوع فرص العمل المتاحة للنساء.

كما أكدت الدراسة أنه من أكثر الأسباب لوقوع المرأة فى الفقر، هي الأسباب الاقتصادية، حيث إن معظم أفراد الأسر يعملون فى أنشطة هامشية أو موسمية ذات أجور منخفضة، أو أنهم لا يعملون ومعظمهم أميون، ما يؤدي بهم إلى تدهور الحالة الاقتصادية.

وقالت الدراسة، إن البحث عن عمل يمثل أكثر البدائل التي قد تلجأ لها المرأة الفقيرة إذا امتنع الزوج عن الإنفاق على الأسرة بنسبة 53.9%، ونوهت الدراسة إلى المعاناة والمخاطر التي تتعرض لها المرأة من غياب التنظيم والاستقرار والشروط التعسفية وغير الآدمية لأداء العمل، ويأتى البديل الثاني هو اللجوء للأهل طلبا للدعم الاقتصادي بنسبة 26.3%.

أكدت الدراسة أيضًا، أن المرأة تتحمل كافة الأعباء المنزلية بمفردها بنسبة 69.1%، مقابل نسبة ضئيلة من الأزواج تقدم مساعدة فى أعمال المنزل ومسئوليات رعاية الأبناء بنسبة 1.7%.

الدراسة كشفت كذلك، أن هناك عددًا من الأسباب تدفع المرأة للقبول قسرًا بالنزول للعمل والقبول بشروطه التعسفية لتحافظ على الوجود الإجتماعي والاقتصادي للأسرة، وتأتي النسب كالتالى: العجز عن سداد مصروفات الدراسة للأبناء 82%، العجز عن تدبير إيجار السكن 52%، الزوج لا ينفق على الأسرة لأسباب مختلفة 45%، 54% تعلم أنها سوف تضطر للنزول لسوق العمل يومًا مًا.

وأشارت الدراسة إلى أن التحدى الاقتصادى هو الأكبر لدى السيدة التى تتحمل بمفردها مسئولية إعالة أسرتها بنسبة 76%، يليه التحدي الاجتماعي والمتعلق باضطلاع المرأة بمسئولية تربية الأبناء ورعايتهم ماديًا.

وأكدت الدراسة أنه من غير المتوقع أن تتحقق لشريحة الفقراء من النساء الخروج من دائرة الفقر بمجرد تطبيق البرامج التي توجه إلى المحتاجين، بل إن هناك ضرورة حتمية لمراعاة الاحتياجات النوعية للمرأة الفقيرة ومحاولة تضييق الفجوات الفعلية بين الرجال الفقراء والنساء الفقيرات فى مستويات الفقر والتدريب والعمل والبطالة.

 

التحرش الجنسي

وهي تعتبر من رحدى القضايا الأبرز في المجتمع المصري، حيث ما زالت مصر تحتل المركز الثاني عالميًا في نسبة التحرش الجنسي بعد أفغانستان، فوفقًا لتقارير دولية، هناك أكثر من 64% من السيدات في مصر يتعرضن للتحرش والاعتداء الجنسي.   

ففي مارس/أذار 2017، تعرضت طالبة جامعية في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية لتحرش جماعي بعد خروجها من حفل زفاف إحدى صديقاتها، حيث ذكر شهود عيان أن عددًا كبيرًا من الشباب طاردوا فتاة في حي القومية بالزقازيق وتحرشوا بها لفظيًا وجسديًا، بحجة ارتدائها «ملابس مثيرة»، وقال الشهود إن الأهالي حاولوا إبعاد المتحرشين إلا أنهم فشلوا، فقامت الفتاة بالهرب واحتمت بأحد الكافيهات الشهيرة للهروب منهم، إلا أنهم لاحقوها واحتشدوا مرة أخرى أمام الكافيه وسببوا أزمة مرورية بالمنطقة، حتى جاءت الشرطة وأطلقت النيران لتفريقهم، وقاموا بإخراج الفتاة وتوصيلها لمنزلها في سيارة الشرطة والقبض على عدد من المتحرشين.

وتشير الكثير من الدراسات إلى أن «المرأة المصرية هي أكثر نساء العالم عرضة للتحرش، وليس هناك تمكين للمرأة بمراكز صنع القرار، فضلًا عن عدم وجود تفعيل لنصوص المساواة بالدستور المصري، ويلفت الخبراء إلى أن المرأة بالأُسر المصرية الفقيرة تتحمل مسئولية الإنفاق مع الرجل مقارنة بالأسر الغنية، وأن المرأة المصرية تعاني من أوضاع اجتماعية صعبة نتيجة الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تعاني منها، كما يؤكد الخبراء على أن المرأة المصرية مظلومة، وأن الظلم الذي تعيشه المرأة المصرية أصبح أسلوب حياة وثقافة موروثة».

ويشير خبراء الإجتماع إلى أن المرأة المصرية تتحمل نسبة كبيرة من تبعات الأوضاع الاقتصادية السيئة، وزيادة نسبه الفقر، والأمية، بشكل كبير.

 

أكثر النساء قهرا

وفي مارس/أذار الماضي أيضًا، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، «أنطونيو غوتيريش»، في كلمة له بمناسبة يوم المرأة العالمي، أن الدراسة التي أجرتها المنظمة أوضحت أن «أكثر نساء العرب قهرًا هن المصريات والسوريات»، مشيرًا إلى أن السيدة المصرية تصادفها صعوبات وعراقيل اجتماعية واقتصادية، إضافة إلى انتشار بعض الموروثات الثقافية التي ما زالت تصر على تحديد أدوار معيّنة للنساء في المجتمع المصري، لافتًا إلى أن «نسبة الفتيات المتعلمات في مصر لم تتجاوز 45% في العام 2016»

 

إعلام مسيء

انتشرت في الآونة الأخيرة إعلانات تلفزيونية وفي الشوارع تسيء للمرأة المصرية، فإحدى الحملات الإعلانية كانت تروج لإحدى السلع، إلا أنها استخدمت لوحات للترويج لمنتجها تحت عنوان «إنتي ‏عانس.. لم تتزوجي»، وتحمل اللوحة صورة حزينة لامرأة، وهاشتاج «إنتِ المثل»، تحث الفتيات لإرسال ‏قصصهن ومعاناتهن مع العنوسة.‏

كما قامت إحدى الشركات الشهيرة ‏بتشبيه سيدات مصر بـ«الكمثرى»، تحت شعار «ليس هذا شكلًا لفتاة»، اعتبرها كثيرون بمثابة عنصرية ‏ضد الفتيات في مصر.‏

وقامت إحدى شركات المشروبات الغازية الشهيرة، بنشر إعلان يظهر فيه‏ شابان يتحدثان عن فستان، فرد أحدهما على الآخر قائلًا: «مش المهم الفستان المهم اللي جوا ‏الفستان»، واعتبر كثيرون وقتها أن الإعلان بمثابة دعوة علنية للتحرش بالنساء.‏

علاوة على توقيف إعلان الفنانة «دلال عبد العزيز» الخاص بالمياه الملوثة، التابع لـ«بيت الزكاة والصدقات المصري»، بعد تدخل شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب»، حيث اعتبر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن الرسالة التي يحملها الإعلان أساءت إلى الدولة في جهودها المستمرة لتحسين مياه الشرب التي تصل الآن إلى النسبة الغالبة من المصريين، خاصة أن الإعلان لم ينقل الرسالة المطلوبة منه بل أظهر أن نساء مصر يشرب مياهًا ملوثة.

 

قوانين قاصرة

وفي حال التطرق إلى حقوق المرأة المصرية وحرياتها التي تكفلها لها الدولة، لا يمكن اغفال النصوص القانونية في الدستور في هذا الإطار.

ورغم أن الدستور المصري ينص في المادة (11) على «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا فى المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها».

وتلتزم الدولة بـ«حماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا».

وكذلك المادة (51) التي تنص على: «الكرامة حق لكل إنسان ولا يجوز المساس بها وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها»، والمادة (53) التي تنص على: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء علي كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا"، والمادة (93) التي تنص على: "تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة».

ومع كل هذه المواد إلا أن المرأة المصرية - بحسب خبراء - تُعتبر من أكثر الفئات التي تتعرض للإقصاء والتهميش على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والقانونية.

ويقول الخبراء إن القانون المصري هو أحد أهم الأسباب الرئيسية التي أوصلت المرأة إلى «أوضاع متردية»، حيث لا يزال هناك العديد من القوانين التي تكرس التفاوت وسياسة التمييز بين الرجل والمرأة في كثير من القضايا والحقوق، ومن تلك القوانين موضوع الحماية الجنائية، وقضايا الأحوال الشخصية، والشهادة في المحاكم، وكذلك القوانين العقابية التي مازالت تجيز تأديب الزوج لزوجته بحجة استعمال الحق، بالإضافة إلى استخدام مبدأ الرأفة مع الرجل في جرائم القتل التي يقوم مرتكبوها بتغطيتها تحت مسمى جرائم الشرف، والتي بناء عليها تتم الانتهاكات الممنهجة لحقوق المرأة الضحية فيها.

وقد أقر البرلمان المصري قانونًا يشدد عقوبات ختان الإناث من الحبس سنتين إلى 15 سنة حدًا أقصى حال وفاة الضحية أو التسبب بعاهة مستديمة لها.

كما أعلنت الحكومة أنها أعدت مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، وتم عرضه على مجلس الدولة ومراجعته بقسم التشريع، ويضع عقوبات على من يمتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث.

ومن أهم القوانين التي تطالب سيدات مصر بإصدارها، قانون العنف ضد المرأة، وقانون الأسرة، وقانون تعيين السيدات في الجهات القضائية، وقانون مناهضة الزواج المبكر، وكذلك القوانين التي تحمي حقوق النسب للمرأة.

 

ضرب وتمييز وزواج قسري

وفي 2015 كشف تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن مصر تأتي ضمن أسوأ 10 دول في مجال المساواة بين الجنسين.

كما تصدَّرت مصر قائمة الدول العربية الأكثر ممارسة للعنف ضد المرأة في العالم العربي خلال عام 2015، طبقًا لأحدث الدراسات الاجتماعية الصادرة عن مؤسسة «تومسون رويترز».

وأشارت الدراسة، وهي الرابعة التي تجريها المؤسسة البريطانية عن وضع المرأة منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في مصر، إلى انتشار التحرش الجنسي وختان الإناث والزواج القسري وتصاعد ظاهرة استغلال النساء، بفضل الفهم الخاطئ للعقائد الدينية والقوانين العنصرية التي تميز بين الرجل والمرأة.

كما كشف تقرير رسمى صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن أقل من 1% فقط من السيدات ممن تعرضن للعنف الجسدي سعين للحصول على طلب المساعدة لوقف العنف من الشرطة أو المؤسسات التي تقدم خدمات اجتماعية للمرأة.

وأظهرت الإحصائيات أن 35 % من السيدات المصريات المتزوجات تعرضن للضرب من قبل أزواجهن على الأقل مرة واحدة، فيما تعرضت 69 % من الزوجات للضرب فى حالة رفضهن معاشرة الزوج، أو تم ضربهن فى حالة الرد على الزوج بـ«لهجة لا تعجبه».

  كلمات مفتاحية

المرأة المصرية امرأة مصر عنف اضطهاد تمييز فقر إنجازات السيسي 2017 حقوق وحريات

ثلث الأسر المصرية تعولها المرأة .. و50% من المجتمع سيدات