سفير الدوحة بأنقرة: كسبنا المعركة الأخلاقية وسنواجه تصعيد الحصار

الأحد 2 يوليو 2017 03:07 ص

قال السفير القطري في تركيا «سالم بن مبارك آل شافي»، إنه ليس هناك أي مبرر للتخوف من العلاقات الدفاعية المشتركة بين بلاده وتركيا، مؤكدا أنهم قادرون على تحمل الحصار المفروض، خاصة وأن أمريكا أصبحت ترفض إجراءات الحصار.

واعتبر السفير القطري، في حوار مع الأناضول، أن مطالبة دول الحصار بإغلاق القاعدة التركية في بلاده غير منطقي، قائلا: «بعض الدول إنفاقها الدفاعي يكاد يساوي إنفاق دول نووية كبرى مصنّعة للسلاح كروسيا، ومع ذلك فهي غير قادرة على التعامل بمفردها مع بعض الحالات التي تهدد أمنها، وتضطر إلى الاستعانة بحلفاء، وهذا أمر طبيعي، لكنّهم يريدون منا في المقابل أن نقطع علاقاتنا الدفاعية مع تركيا، وهذا أمر غير منطقي بطبيعة الحال».

وأضاف «ليس هناك أي سبب وجيه أو مبرر للتخوّف من علاقاتنا الدفاعية المشتركة (مع تركيا)، وليس هناك لأحد الحق في أن يتدخل بها أو أن يعلّق عليها، سواء تسارعت أو تباطأت أو كبرت أو صغرت».

وتابع «هذا شأن سيادي يتعلق بالبلدين. وكما سبق وذكرت، لا يوجد مبررات لإثارة زوبعة حول الموضوع، إلا إذا كان هناك نوايا غير سليمة لدى بعض الدول الإقليمية تدفعها لأن تنظر إلى مثل هذا التعاون بين قطر وتركيا على أنّه عائق أمامها، ونأمل أن نكون مخطئين في هذا الصدد».

السفير «بن مبارك»، أوضح أن قطر لديها «تعاون دفاعي مع عدد من الدول في المنطقة وحول العالم، ولا نرى أي مانع من أن يكون هناك تعاون دفاعي مع تركيا. بل على العكس، الظروف التي تمر بها المنطقة تفرض علينا أن نتعاون بشكل مكثّف وفعّال في هذا المجال».

وأشار إلى أن التعاون الدفاعي القطري مع تركيا «يعود لسنوات إلى الوراء ويستند بشكل أساسي إلى الاتفاقيات الدفاعية الثنائية التي تمّ التوقيع عليها بين البلدين لاسيما تلك التي جرى التوقيع عليها منذ 2014».

 واعتبر السفير القطري أن «التعاون الدفاعي مع تركيا، جيد للغاية، لكن سقف طموح البلدين أكبر، ولذلك نسعى إلى تطويره وتمتينه من خلال العمل الدؤوب لوزير الدولة لشؤون الدفاع خالد العطية، ونظيره التركي فكري إيشيق، ولوزارتي الدفاع في البلدين وكذلك للمؤسسات الرسمية والخاصة ذات الصلة».

واعتبر أن هذا التعاون شأنه شأن التعاون الدفاعي مع دول أخرى صديقة كالولايات المتحدة، الهدف منه تطوير قدراتنا الذاتية التي لا تزال متواضعة جداً مقارنة بغيرنا، وتأمين الأمن القومي للبلاد، في ظل المخاطر والتهديدات التي تأتي من جهات مختلفة، والمساعدة على محاربة ومكافحة الإرهاب، وهذه كلها أمور تصب في صالح أمن واستقرار بلدنا والمنطقة».

العلاقات مع أمريكا

وبخصوص العلاقات مع الولايات المتحدة، أشار السفير القطري إلى أنه «في بداية الأزمة كان هناك تشويش على الإدارة الأمريكية، لكن الموقف أصبح متوازنا شيئا فشيئا، والآن واشنطن ترفض إجراءات دول الحصار، وتطالب كذلك بمطالب واقعية وقابلة للتنفيذ، وتدعو إلى دعم الوسيط الكويتي وإلى الحوار والتفاوض لحل الأزمة».

واعتبر المواقف الأمريكية الأخيرة من الأزمة الخليجية «متطابقة تماما مع موقفنا الرسمي، ومواقف عدد كبير من دول العالم كألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان وروسيا وتركيا وباكستان وغيرها من الدول».  

ولفت إلى أن «هذه المواقف تعني أنّ من يحاول فرض حصار علينا، يقوم بعزل نفسه عن المجتمع الدولي شيئا فشيئا».

وأشار إلى أن علاقاتنا مع الولايات المتحدة علاقات قوية ومتينة وقادرة على الصمود في وجه التحديات”.

وأضاف لدينا شراكة راسخة في عدد من المجالات أهمّها في مجال مكافحة الإرهاب، وأعرب كبار المسؤولين في هذه الإدارة (الأمريكية) عن تقديرهم للعلاقة الاستراتيجية مع قطر، بما في ذلك دعمنا للتحالف الدولي ضد داعش، من خلال قاعدة العُديد، التي نحتضنها، وهي أكبر قاعدة أمريكية لمكافحة الإرهاب في المنطقة برمّتها».

واستطرد قائلا: «علينا أن لا ننسى أنّنا احتضنا هذه القاعدة عندما فضّل آخرون التخلي عنها وطلبوا من القوات الأمريكية المغادرة، وهذا يدل على أنّنا شريك يحظى بالمصداقية المطلوبة وبالاستقرار المطلوب داخليا، وكذلك في عملية صنع القرار، على عكس الدول الأخرى».

وأضاف «الإدارة الأمريكية أشادت بالعلاقة مع قطر، وكذلك الأمر خلال لقاء كل من وزير الدفاع (جيمس ماتيس)، ووزير الخارجية (ريكس تيلرسون)، بسمو الأمير (تميم بن حمد آل ثاني)، ولهذا تقوم الولايات المتّحدة بتزويدنا بأسلحة متطورة مؤخراً، فهذا لا يمكن أن يتم إذا كنّا ندعم الإرهاب فعلا كما يدّعون».

 وأكد السفير القطري أن «علاقاتنا مع واشنطن، غير قابلة للتخريب من قبل سفير هنا أو هناك، أو من قبل لوبي هنا أو هناك».

 وعن الأسباب الحقيقية وراء فرض الحصار على قطر، قال السفير «نحن كما غيرنا من دول العالم، محتارون حقيقةً فيما يتعلق بالسبب الحقيقي الذي دفع دول الحصار إلى اختلاق هذه الأزمة. هناك الكثير من الذرائع التي يلقونها في الإعلام، وكلها متضاربة ومتناقضة، تارة حول مزاعم تتعلق بدعم الإرهاب، وطورا حول ما يقولون أنّه تراكم لخلافات تعود إلى 20 عاماً إلى الوراء».

وأضاف «يدعون أن الأمر يتعلق بالأمن القومي، وعندما تراجع ما يسمى قائمة المطالب تجد أمورا تتعلق بإغلاق موقع إلكتروني هنا أو موقع إخباري هناك. يقولون إن المستهدف هو إيران وميليشياتها ثم يطالبون بقطع علاقتنا الدفاعية مع تركيا. يقولون إنّ التراكمات تعود إلى 20 سنة ثم يدرجون أمورا وجدت خلال الأزمة في أقل من 20 يوما».

واعتبر أن هذا الأمر ليس سلوكاً ناضجاً بالتأكيد، ويدل على حالة تخبّط، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتحمّل مثل هذا العبث طويلاً. نحن نرى الآن بشكل واضح أن الهدف هو إخضاع قطر من خلال الحصار، وفرض الوصاية عليها من خلال لائحة المطالب».

وتابع «هناك من يقول إن لا حصار على قطر، وإن الحصار يتم فقط بقرارات الأمم المتحدة. هذا الكلام غير صحيح بطبيعة الحال، وأبرز مثال على ذلك الحصار المزمن الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين في غزة، والذي يستمد قوته من مواقف بعض الدول العربية للأسف. مثل هذه التفسيرات تمهّد الطريق لشن عدوان جديد على غزة، ثم تقوم هذه الدول العربية بمطالبة الفلسطينيين بأن يصمتوا حيال ذلك».

وشدد على أنهم قادرون على تحمل الحصار المفروض علينا. لقد باغتونا في بداية الأمر لأن الإنسان يأمن جانب أخيه وصديقه ولا يتوقع منه هذا العمل، لكن أمورنا تسير على ما يرام الآن، وقمنا بتعويض خطوط النقل والإمداد ومراكز التجارة، وسنعمل على توسيعها مع الوقت لتصبح بديلاً دائما».

ولفت إلى أن الحصار ساعد القطريين على تعلّم أهمّية تنويع العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية مع دول أخرى، وفي الوضع الحالي منفعة مشتركة لنا ولهذه الدول، سنحرص على أن تكون مستدامة».

أزمة مفتعلة

وعبر السفير القطري، عن اعتقاده بأن هذه الأزمة المفتعلة أضرت كثيرا بصورة ودور دول الحصار أولاً، وهي تعطّل التركيز الأساسي على عملية مكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة، وتجرنا إلى معارك داخليّة وبينيّة لا تفيد إلا الأعداء والخصوم».

وأضاف «من يحاول إدامة هذه الأزمة لا يعي على ما يبدو التداعيات السلبية لها على مستوى المنطقة والعالم الاسلامي والعلاقات الدولية».

وأشار «بن مبارك»، إلى أن محاولات الابتزاز السياسي والدبلوماسي والاقتصادي التي مورست بحق دول من أجل اتخاذ مواقف ضدنا، أدت إلى تشققات داخل الجسم العربي والإسلامي. كما أن تخيير الدول بين الوقوف معهم أو ضدهم سيؤدي إلى خسارتهم لدول إقليمية ذات شأن، وكذلك الأمر على المستوى الدولي، وهذا سيكون له انعكاسات سلبية مستقبلية أيضا».

وقال السفير القطري: «نحن كسبنا المعركة الأخلاقية والمعركة الدبلوماسية، ويحاولون (دول الحصار) الآن البحث عن وسائل جديدة للتصعيد والتهديد بما يخالف القانون الدولي وأسس العلاقات الدولية، لكننا نعتقد أنّ ذلك سيرتد عليهم في نهاية المطاف”.

ولفت إلى أن محاولات تعطيل دور الوسيط الكويتي من خلال رفض التفاوض على المطالب هي مؤشر إضافي على أنّ هذه الدول لا تبحث عن حل، ولا تريد للوسيط أن ينجح، إنما تريد منه أن ينقل الرسالة فقط، في وقت تشدد فيه الدول المسؤولة مثل تركيا والولايات المتّحدة وبريطانيا وألمانيا على ضرورة دعم الوسيط الكويتي وإنجاح مهمته».

وبخصوص وصف وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير»، حركة حماس بالإرهابية، في بداية يونيو/ حزيران المنصرم، اعتبر السفير القطر أن هذا أمر محيّر حقيقة، فاعتبار حركة مقاومة على أنها تنظيم إرهابي أمر خارج العقل والمنطق ولا يوجد أي مسوّغ مقبول له.

وقال إنّهم «يبحثون من خلال تصنيف حماس، كمنظمة إرهابية، عن إرضاء أجندات دول أخرى لها مصلحة في بقاء الاحتلال والعدوان والحصار ضد الفلسطينيين، نحن لا نعرف ما هي مصلحة هذه الدول في فعل مثل هذا الأمر.

وأضاف «دول الحصار أثبتت على مدى عقود طويلة أنّها عاجزة عن الدفاع عن الفلسطينيين حال تعرّضهم لعدوان، وعاجزة عن مساعدتهم حال تعرَضهم لحصار، وعاجزة عن تحقيق السلام والأمن لهم في الوقت الحالي، ومع ذلك تريد منهم الاستسلام لتعويض الشعور بالنقص وضعف الحيلة، وتعمل على تصنيف من يقاوم منهم كمنظمة إرهابية».

وأكد أن «هذا أمر لا تقبله الشعوب العربية والإسلامية والشعوب الحرة حول العالم. هم يعرفون ذلك تماما، ولذلك يحاولون تكميم الأفواه، لكننا نعلم من خلال تجربة السنوات القليلة الماضية الى أين يؤدي تكميم الأفواه والضغط على الشعوب، ونأمل أن يتفادوا هذه النتيجة لما فيه مصلحة بلدانهم والمنطقة بأسرها». 

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

قطر تركيا السعودية أزمة قطر العلاقات القطرية التركية