مظاهر جديدة للثأر بصعيد مصر.. خالفت التقاليد وتأثرت بالإعلام

الثلاثاء 4 يوليو 2017 09:07 ص

كشفت دراسة اجتماعية حديثة، أن مظاهر الثأر في صعيد مصر (جنوبي البلاد)، بدأت تأخذ منعطفا جديدا وتكتسب مظاهر جديدة لم تكن مألوفة من قبل، مثل قتل النساء، وحلق الشوارب والتجريس.

واستندت الدراسة، الصادرة عن مؤسسة «ميدان الجنوب» للتنمية والإعلام، إلى مقتل وإصابة 4 نساء في حادث ثأري، وقع بقرية الحجيرات، بمحافظة قنا، في يونيو/ حزيران الماضي، وذلك بالمخالفة لأعراف وتقاليد قبلية، تحذر قتل النساء في حوادث الثأر.

وعرفت مصر حوادث الثأر، منذ عصور الفراعنة، عندما دفعت «إيزيس» ابنها «حورس»، للأخذ بثأر أبيه من عمه، فيما يعرف بأسطورة «إيزيس وأوزيريس»، وبدأ المصريون يتوارثونه جيلا بعد جيل.

ويعد صعيد مصر، من أكثر الأقاليم المصرية، تمسكا بعادة الثأر، وقد شهدت معظم محافظاته، وقائع ثأرية ومعارك قبلية راح ضحيتها العشرات.

وسبق ظاهرة قتل النساء وإطلاق النيران عليهم، تحت راية الثأر، ظهور حوادث ثأرية أكثر غرابة، ووفقا للدراسة التي نشرت مقتطفات منها الوكالة «الألمانية».

وحسب الدراسة، فإن أشكال الثأر تعددت في السنوات الأخيرة، وباتت أقرب إلى مشاهد السينما ومن أبرز تلك الأشكال ما يسمى اليوم بـ«التجريس» مثل ما حدث في محافظة الفيوم مؤخرا، إذ تم اختطاف شخص من أحد القبائل وإجباره على ارتداء قميص نوم، والسير به في شوارع القرية، وردت العائلة عليهم باختطاف شخص أيضا وإلباسه قميص نوم، والسير به في الشوارع.

وفي قرية بمحافظة الأقصر، أدى الثأر لإساءة لفظية لأحد القبائل، من قبل شخص بقبيلة أخرى، إلى اختطاف ذلك الشخص، وقطع عضوه الذكري.

حلق شوارب

«حلق الشوارب»، على غرار ما يجري في الأفلام السينمائية، كان أحد المشاهد غير المألوفة في الثأر، حيث ابتكرت عائلة في إحدى القرى بمحافظة قنا وسيلة جديدة وطريفة للثأر، وذلك بحلق شوارب وحواجب وذقون ورؤوس خصومهم بدلا من قتلهم، بحسب الدراسة.

الابتكار الجديد، شهدته قرية المحروسة غرب قنا، حيث قامت إحدى العائلات باحتجاز أحد رجال عائلة أخرى بسبب خصومة بينهما وقامت بحلق شعر رأسه وشاربه ولحيته وحاجبيه، ثم أطلقت سراحه، ليعود إلى عائلته التي اعتبرت تلك الفعلة الفريدة والجديدة من نوعها إهانة لا تغتفر.

وردت العائلة باختطاف أحد رجال العائلة الأخرى، وفعلت به ما فعلته برجلها، فحلقت له شعر رأسه وشاربه ولحيته وحاجبيه، ثم أطلقت بعض الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجا بأخذ الثأر.

والطريف في الأمر أن أياً من الطرفين لم يذكر أي شيء عن واقعة حلق الشوارب في المحضر الذي تحرر بالواقعة، وخرج الجميع من ديوان مركز شرطة قنا متحابين بعد أن سجلوا أطرف وسيلة للأخذ بالثأر في صعيد مصر.

لكن البعض يرى أن الثأر سيظل باقيا وحاضرا وأكثر سطوة ونفوذا في كثير من قرى مصر، عبر القتل بالأسلحة الآلية، وأن ما يجرى من حلق للشوارب، أو تجريس بإلباس رجال ملابس النساء، ما هو إلا ظواهر وقتية لن تبقى، وأن القضاء على ظاهرة الثأر يحتاج لسنوات وسنوات من الجهد الحكومي والشعبي.

ظاهرة متجذرة

ولا تزال هذه ظاهرة الثأر، منتشرة رغم عزم القادة الأمنيين والسياسيين القضاء عليها، نظرا لغياب القانون وقوة الدولة وادعاء رجال الأمن المشرفين على مناطق انتشار الثأر بأنهم سيقضون على هذه الظاهرة.

وتعتبر ظاهرة الثأر من أخطر الظواهر الاجتماعية التي عانت منها المجتمعات البشرية، وتعتبر من أخطر ما يهدد سلامة وأمن وسكينة المجتمعات، كما تعتبر العدو الأول للتنمية والتطوير، وهذه الظاهرة من أعقد وأصعب الظواهر التي تؤثر في حياة المجتمع المصري.

وتحولت هذه الظاهرة، بفعل السنين إلى ثقافة راسخة في عقول المجتمعات التي تسكن منطقة الصعيد المصري بشكل عام، وتحولت بذلك إلى هاجس يسكن السلطة السياسية التي لم تتمكن منذ بناء الدولة المصرية الحديثة من اقتلاع جذور هذه العادات وتذويب الخلافات بين العائلات.

وتعتبر هذه العادة إحدى علامات النفوذ والهيمنة في صعيد مصر، ويختار الشخص الذي ينوي القصاص وفق تلك العادة المنبوذة ضحيته بعناية فائقة، وينطلق هذا الاختيار من اعتقاد أشبه بالقانون بأنه يجب استهداف «أكبر رأس» وأفضله في العائلة المطلوب الثأر منها، وفي أحيان كثيرة تكون «رؤوس عدة» في مقابل رأس واحد.

وقد لاحظ الباحثون في السوسيولوجيا، أن جرائم الثأر في مصر تزداد خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب بنسبة 35%، مع ارتفاع أعواد الذرة في الحقول، وبنسبة 26% في شهر أبريل/ نيسان مع بداية موسم الحصاد، لأن الفلاحين يبيعون المحاصيل ويستطيعون بثمنها شراء الأسلحة الأوتوماتيكية، وتوكيل المحامين للدفاع عن أبنائهم بعد ارتكاب الجريمة.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

الثأر صعيد مصر مظاهر عادات وتقاليد الإعلام