«ستراتفور»: كيف تطارد هواجس حصار مكة عام 1979 آل سعود؟

الثلاثاء 4 يوليو 2017 11:07 ص

في 23 يونيو/حزيران، أعلنت وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية إحباط محاولة هجوم على المسجد الحرام في مكة المكرمة. وقد أعاد ذلك الخبر ذكريات غير سعيدة حين حوصر المسجد الحرام في نوفمبر/تشرين الثاني عام 1979.

وعلى الرغم من ضخامة هذا الحدث وقتها وزعزعته لاستقرار المملكة، سرعان ما أغلقت السعودية أي حديثٍ عن الأمر حين احتل المسلحون أقدس مكانٍ إسلامي لمدة 15 يومًا.

وكان أحد ركائز آل سعود في حكم المملكة خلال وقتٍ طويل من الزمان علاقتهم بالأصوليين الإسلاميين. منذ الاتفاق الضمني بين رجال الدين الوهابيين (نسبةً للشيخ محمد عبد الوهاب) والملك المؤسس «عبد العزيز بن سعود»، حين ساعدوه على توحيد جزءٍ كبيرٍ من أراضي المملكة بعد الحرب العالمية الأولى وبالتزامن مع اكتشاف النفط والغاز. وفي مقابل ذلك كانت لهم السلطة الدينية على البلاد.

بدء الحصار

ومع دخول عام 1979، شهد العالم الإسلامي عدة أحداث هامة. فقد تآكلت شعبية شاه إيران، وتمكنت الثورة من البلاد وهرب الشاه وصعد «آية الله الخميني» إلى السلطة. وألهمت هذه الثورة الشيعة في منطقة القطيف المضطربة في المملكة، ما دفع الحكومة السعودية إلى قمعهم. وتدخل الاتحاد السوفييتي في أفغانستان لدعم الدولة الاشتراكية، وتم حشد المسلمين من جميع أنحاء العالم لصد الهجوم السوفييتي. ثم في نوفمبر/تشرين الثاني، قام «جيهمان العتيبي» وأنصاره المسلحين باقتحام المسجد الحرام في مكة واعتصموا به وأغلقوه، وأعلن «العتيبي» أن شقيق زوجته هو «المهدي المنتظر»، طالبا البيعة له ما يعني عمليا الإطاحة بآل سعود.

وجاءت استجابة الحكومة السعودية لهذا الحادث بطيئة، وذلك على الأرجح بسبب ضعف الاتصالات، ووجود الشخصيات البارزة في الأسرة الحاكمة خارج البلاد في ذلك الوقت، وهو ما أدى إلى ارتباك وبطء في اتخاذ القرار. وكانت فرق إنقاذ الرهائن السعودية بدائية للغاية، حيث لم يسبق لها مواجهة مثل تلك الأحداث، وواجهت وابلًا من النيران في أول محاولة لدخول المسجد، وارتفع عدد الضحايا وانخفضت المعنويات.

وأثيرت شائعات عن تدخل إيراني بالتزامن مع حراك في الشارع من قبل الشيعة في المملكة، الأمر الذي دفع المملكة لإغلاق الاتصالات وقطعها من وإلى المملكة وكذلك في الداخل. وحدثت أعمال شغب في الشوارع صاحبتها أعمال نهب. وهو ما أثار مخاوف الحكومتين السعودية والأمريكية من أن يكون الخميني وراء تلك الأحداث. لكن في الوقت نفسه، اتهم الخميني الولايات المتحدة بالوقوف وراء هذا الحصار، الأمر الذي دفع غاضبون في باكستان لحرق السفارة الأمريكية، وأسفر ذلك عن مقتل 2 من الموظفين الأمريكيين واثنين من الموظفين الباكستانيين.

تدخل فرنسا للإنقاذ

وخلص وزير الداخلية آنذاك، «نايف بن عبد العزيز» إلى أنّ قواته الأمنية لم تكن بالكفاءة المطلوبة، ودعا نخبة القوات الفرنسية للتدخل. وسافر 4 من رجال القوات الفرنسية سرًا للمملكة لتصميم هجوم يتم به فك حصار المسجد. وشاركت قوات سعودية وقوات الكوماندوز الباكستانية في الهجوم. وتم استخدام القنابل اليدوية بشكل عشوائي، ما أسفر عن معركة دموية قتلت ما يزيد عن 250 شخصًا من الحجاج والمتمردين وقوات الأمن وفق الروايات الرسمية، لكنّ روايات غير رسمية تتحدث عن مقتل 1000 شخصٍ على الأقل.

وبعد 15 يومًا من الحصار، تمكنت قوات الأمن السعودية من تحييد المسلحين وقتل المهدي المعلن. وأبقت الحكومة أخبار الحصار في الغالب مخفية.

وأدت هذه الأحداث إلى تخوف آل سعود من الأصوليين الإسلاميين وأنّهم أصبحوا عاملًا مزعزعًا لاستقرار قبضتهم على حكم البلاد. كما بدأ السعوديون إدراك أهمية تنمية وتطوير الأمن الداخلي، واستثمرت المملكة ملايين الدولارات لرفع مستوى أمن المسجد الحرام. في الوقت الذي قامت فيه بإلغاء بعض الإصلاحات الاجتماعية التي كانت مقررة في ذلك الوقت، في محاولة لتعزيز دعمها بين رجال الدين الوهابيين. وعزم آل سعود على تصدير أيديولوجيتهم الإسلامية لتواجه الخطر الشيعي الثوري الذي يهد حكمهم. لكن ما دام يعتمد آل سعود في حكمهم على دعم الأصوليين الإسلاميين، سيستمر في مواجهة التهديدات لشرعيته حين لا يكون قادرًا على تلبية تطلعات وآمال المتشددين.

 

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

السعودية آل سعود اقتحام الحرم المكي حهيمان العتيبي