استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تفاهمات حماس- دحلان.. عباس والأردن

الأربعاء 5 يوليو 2017 09:07 ص

تصريحات أحمد يوسف، القيادي المعروف في حماس أول أمس تكشف جوانب مهمة وأساسية في حيثيات التفاهمات بين حركة حماس ومحمد دحلان، القيادي الفتحاوي المنشق، وخلفيتها، والمسارات المرتبطة بها.

باختصار التفاهمات تعني عودة جناح محمد دحلان، الذي أقصي من فتح، إلى غزة، بعد عشرة أعوام مما سمي "الحسم العسكري"، الذي سيطرت بعده حماس على غزة وبدأت عملياً في حكمها، وحدث الانفصال السياسي الراهن بينها وبين الضفة التي تسيطر عليها حركة فتح.

ثمّة جوانب إقليمية ومحلية فلسطينية عديدة مهمة تستدعي القراءة في جوانب هذا الاتفاق، وتطرح أسئلة كبيرة، سنكتفي بالإشارة إليها في هذا المقال، لأنّها تتطلب تحليلاً مطوّلاً ومعمّقاً..

أولاً؛ على صعيد علاقة حماس بقطر، فمن المعروف أنّ محمد دحلان حليف القاهرة والإمارات، وإحدى "الأدوات" التنفيذية لحلف المقاطعة في مواجهة الإسلام السياسي، أي الطرف النقيض لقطر، فهل يعني ذلك أنّ حماس تخلّت عن قطر، بعدما كانت في مرحلة سابقة أحد أهم الأسباب التي دفعت بـ"المعسكر المحافظ" إلى اتهام قطر بالإرهاب والهجوم عليها؟

الزميل د. أحمد جميل عزم (في مقالته أمس عن الموضوع نفسه) التقط ملاحظة مهمة جداً تتمثل بغياب حماس عن الأزمة الخليجية، وعدم ذكرها من قبل حلف المقاطعة، ما يشي بإنتاج ديناميكيات جديدة للتفاهمات الحالية، وبانتقال القيادة اليوم من قطر (بعد انتهاء زعامة خالد مشعل للحركة) إلى داخل غزة، ما يجعل من العلاقة مع القاهرة قضية جوهرية في تفكير الحركة واستراتيجياتها.

ومن المعروف أنّ حركة حماس استبقت هذه الخطوة بإصدار وثيقة سياسية تجديدية مهمة، قبلت فيها إقامة دولة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وامتازت بدرجة أساسية بالانتقال إلى البراغماتية الواضحة، ووصفتُها حينها بأنّها تؤشر إلى "تسييس" البناء الأيديولوجي للحركة، بصورة كبيرة.

لكنّ الإشارة حينها كانت إلى أنّ الضغوط الممارسة على الحركة هي من قطر، من أجل تسويق الحركة وتطبيع قبولها دولياً وإقليمياً، فهل نفهم أنّ ما يحدث انقلاب على قطر أم تفاهم معها من أجل تخفيف أعبائها وأحمالها، أم هو مرونة من الحركة فائقة في اللعب في المساحات المتاحة والممكنة في ظل الضغوط الشديدة التي تتعرض لها؟

في المقابل كان واضحاً أنّ ارتباكاً شديداً أصاب أنصار حركة حماس ومؤيديها والجماهير المتعاطفة معها، وهم يتابعون تسريبات اللقاءات مع دحلان، التي جرت بإشراف من المخابرات المصرية، بين من يبرر للحركة ويجادل عن قرارها ومن يبدي استياءه وإنكاره لهذه الخطوة غير المتوقعة مع خصم الحركة اللدود، الذي شيطنها وشيطنته خلال الفترة الماضية.

وأظن، على وجه قريب من اليقين، أنّ الارتباك سيكون أكبر وأشد بين كوادر الحركة في الداخل والخارج، بخاصة جناح عز الدين القسام، الذي قام بعملية الحسم، ويعتبر قادته من صقور الحركة، الذين يشعرون بالقلق مما قد يترتب على الاتفاق من تداعيات وتفاهمات أخرى، ومن دخول الحركة في طور جديد يحجم أكثر وأكثر نفوذ الجناح العسكري ودوره في القطاع.

من وجهة نظري، فإنّ الاتفاق ليس اختيارياً، بل اضطراري، فكل المنافذ أغلقت أمام الحركة، حتى قطر التي كانت تدعمها، دفعت ثمناً كبيراً، والمجال الوحيد للتنفس لدى السكان والحركة في مصر تم إغلاقه والتضييق عليه، فالحركة والقطاع يعيشان في سجن كبير منذ أعوام، والعلاقة مع إيران وسورية التي كانت تمثّل أفقاً آخر انكسرت، والمؤشرات القادمة كانت تنذر بما هو أسوأ!

ثانياً- على الطرف الآخر، من التفاهمات، فإنّ التساؤل الآخر، الذي لا يقل أهمية عمّا سبق، هو وضع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي دخل في "تكسير عظم" مع محمد دحلان ومجموعته، ولم تنجح جهود الوساطة ولا الضغوط الشديدة من قبل مصر والإمارات عليه من أجل المصالحة مع محمد دحلان، وكاد هذا الملف أن يعصف سابقاً بعلاقته مع كل من مصر والإمارات، لولا تدخّل الأردن وتأجيله ملف دحلان إلى حين النظر في موضوع التسوية السلمية.

الآن، ومع هذه التفاهمات، فإنّ الرئيس عباس سيشعر، بالضرورة، بقلقٍ شديد، من أن ذلك فرض لمحمد دحلان، من بابٍ آخر، وستوتّر هذه التطورات علاقته مرّة أخرى بالدول العربية.

لا أحسب أنّ الرئيس عباس سيشتري قصة أنّ عودة دحلان هي إلى غزة في سياق ترويض حماس، فهو يعلم تماماً أنّ دحلان أصبح أكثر قرباً من مصر، وهو الفتى المدلل في بعض دول الخليج، الذي يتم الاعتماد عليه، ليس فقط فلسطينياً، بل إقليمياً أيضاً في مواجهة الإسلام السياسي.

المفارقة أنّ عباس واجه "فيتو" عربياً في خططه للمصالحة مع حركة حماس، بينما تمهّد تلك الدول لدحلان عقد التفاهمات، ويتم الالتفاف على السلطة الفلسطينية بصورة كبيرة.

ثالثاً- الموقف الأردني، إذا كان صحيحاً أنّ الأردن يحرص دوماً على ترك إدارة الملف الفلسطيني، بدرجة كبيرة، لمصر، ولا يودّ تقديم رسائل بمزاحمته لها، إلاّ أنّ مثل هذا التطور سيدفع بالضرورة جملة من الأسئلة لدى "مطبخ القرار" في عمان، الذي لم يكن شريكاً في هذه المفاوضات، على الأقل عن قرب!

التساؤل الرئيس والمحوري مرتبط بدلالات هذه التفاهمات على صعيد "وحدة" القضية الفلسطينية، وبروز رأس المخاوف الأردنية من مشروع "إحالات" إقليمية للحل النهائي، تقوم على إلحاق غزة بمصر والضفة بالأردن، عبر صيغة كونفدرالية فضفاضة، ذلك أنّ مثل هذه الخطوة قد تكون مقدّمة ليس لما يسمى "دولة غزة"، بل إنهاء حلم الدولة الفلسطينية الواحدة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.

هذا وذاك يعيد طرح سؤال "المصلحة" في إضعاف محمود عباس والسلطة في رام الله، في هذه اللحظة الدقيقة من عمر القضية الفلسطينية، ما سينعكس على علاقة دحلان بمصر والدول العربية الأخرى ومستوى التنسيق المطلوب في المرحلة القادمة، وهو الموضوع الأكثر أهمية وإلحاحاً بالنسبة للأردن، بخاصة مع التعامل مع إدارة أميركية يصعب التنبؤ بما تحمله في جعبتها من أفكار ومواقف!

هذه وتلك من التساؤلات ما تزال قيد الاتفاق النهائي بين الطرفين (حماس من جهة، دحلان ومصر من جهةٍ ثانية)، وعملية التطبيق العملي لها، وهي عملية ليست بسيطة، بخاصة مع "غياب الثقة" بينهما، وقناعة كل طرف من الطرفين بأنّه يستدرج الطرف الآخر، أو يستفيد منه بصورة أفضّل، لأنّ هذه التفاهمات هي زواج مصلحة، أو متعة بتعبيرٍ أدق، ليس عن قناعة حقيقية وعن رضى، ولا أظنّ أنّ أحداً يزعم ذلك!

* د. محمد أبورمان باحث أكاديمي بـ«مركز الدراسات الاستراتيجية» بالجامعة الأردنية.

  كلمات مفتاحية

تفاهمات حماس- دحلان أحمد يوسف حركة حماس جناح محمد دحلان الانفصال السياسي قطاع غزة الضفة حركة فتح علاقة حماس بقطر مواجهة الإسلام السياسي