«القدس العربي»: أربع سنوات على حكم «السيسي»

الأربعاء 5 يوليو 2017 10:07 ص

بحلول الثالث من يوليو/تموز الجاري تكون أربع سنوات قد مرّت على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي فماذا كانت الحصيلة؟

هذا النظام، بداية، هو محصلة فشل النخب المصريّة المدنية، فهذه النخب، وبدلاً من الحفاظ على مؤسسات الحكم المدني المنبثقة عن ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011 فقد شارك أغلبها في تحريض الجيش للاستيلاء المباشر على السلطة مجدداً، وساهم هؤلاء، عمليّاً، في تمرير وإنجاح الثورة المضادّة التي لم تكتف فقط باعتقال الرئيس المنتخب، ومطاردة جماعة «الإخوان المسلمين»، ولكنّها قامت فعلياً بالانقلاب على كل القوى الحزبية والسياسية والمدنية التي ساهمت في هذا المخطط.

وصلت حالة الاعتذار والندم مؤخراً إلى حركة «تمرد» الطلابية، التي كانت إحدى أكثر المساهمين والمحرضين للجيش في الهجوم على الشرعيّة المنتخبة، حيث قام أحد قادتها بإعلان اعتذاره علنيّا بقوله إنه لم يطالب بدم ولا بإقصاء ولا بدكتاتورية جديدة ولا كان مع الردة على ثورة 25 يناير ولا طالب بحبس أحد ولا برر القمع ولا الفقر ولا الفساد ولا الدم «لقد عارضت حكم الإخوان وهذا حقي. غير ذلك لا شيء يمثلني مما حدث».

لم يكتف النظام العسكري الجديد بافتراس قادة وكوادر حركة «الإخوان المسلمين» ومحاولة إقصائها من المشهد السياسي، وبالتنكّر للأحزاب والتيارات والقوى التي ساندت حركته، وبتبرئة رموز نظام مبارك وإطلاق سراح مسؤوليه الكبار، بل صنّع قوانين جديدة للتوقّي من أي ثورة جديدة عبر قانون منع التظاهر، ونفّذ انتقاماً مستمراً من المشاركين في الثورة، وفرض قانون الطوارئ.

ومع اشتداد قبضته على مؤسسات البرلمان والقضاء، بدأ بإصدار أحكامه العنيفة، التي كان آخرها قرار قضائي أول أمس بإعدام عشرين شخصًا، وقراراته الاقتصادية القاسية، ومنها رفع أسعار المحروقات مؤخرا، ناهيك عن قراره بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وهو قرار هزّ فئات واسعة من الشعب المصري التي اعتبرته تنازلا عن أراض مصريّة إلى السعودية مقابل المال.

أعطى إقصاء الانقلاب العسكري للإخوان أسباباً كبرى لانتشار التطرّف السلفيّ المسلّح الذي تحتقر تشكيلاته طرائق عمل الإخوان السياسية وتعادي الديمقراطية «الكافرة» وأساليب العمل السياسي المدنيّ من انتخاب ونقابات وأحزاب، وانعكس هذا بعمليّات إرهابية ضد قوّات الأمن والجيش والقضاء والسياحة والأقباط.

وكان ردّ الجيش والأمن عمليّات يختلط فيها العمل الأمني بالإرهاب ضد مدنيي رفح وسكان سيناء وطالت عمليّات القتل سياحاً مكسيكيين وطالباً إيطالياً وقادة ومسؤولين وعناصر من الإخوان وناشطين مصريين وكثيرين لا ناقة لهم في السياسة ولا جمل.

إضافة إلى هذا الخطّ الانتقاميّ القمعيّ المتشدد في داخل مصر فقد دخل النظام في حلف إقليميّ مع دولة الإمارات العربية المتّحدة وبدأ تدخّلاً عسكريّاً مكشوفاً في ليبيا عبر دعم الجنرال خليفة حفتر، كما انعكس هذا التحالف المستجدّ الغريب في ساحات عربية أخرى وكان حصار قطر الأخير أحد تجلّياته المشينة.

استنبط النظام معادلة لبقائه تتمثّل، داخليّاً، باستيلاء الجيش على أركان السلطات وتجميد حركيّة المجتمع بالقوّة الغالبة والقوانين القمعية مستعيناً بخبرات أجهزة الأمن والتحالفات العابرة مع رجال الأعمال القادرين على الدفع، كما هو الحال مع هشام طلعت مصطفى المدان بجريمة قتل مطربة لبنانية (سوزان تميم) والذي حصل على عفو رئاسي بعد دفع شركته ما قيمته 4,4 مليار جنيه في مشروع فاشل للدولة، فيما تتوالى آلاف الأحكام المشددة للناشطين المحكومين في قضايا التظاهر والاضراب والنشر الالكتروني وغيرها من «جرائم» في عرف النظام العسكري القائم.

أما المعادلة الخارجية لبقاء النظام فتقوم على موضعته إقليميّاً وعالميّاً ضمن المنظومة الرائجة للعداء لأي تيارات تحمل طابعاً إسلاميّاً، حتى لو كانت ضد الإرهاب بكافة أشكاله وتؤمن بالانتخابات والتصويت وتناضل للحقوق المدنية، وقد أضاف نظام السيسي ركناً آخر لنظامه، يقارب تعامله مع قضية هشام طلعت مصطفى، حيث يقوم بعرض خدماته السياسية والأمنية والسيادية لمن يستطيع الشراء.

تبخّرت وعود السيسي عن رخاء يعمّ بلاده «خلال سنتين» وأن مصر ستصبح «قد الدنيا» ودخلت البلاد استعصاء سياسيا واقتصاديا مريراً سيحاول النظام إعادة تدويره إلى أن تتمكن النخب السياسية والمدنية (وربما العسكرية؟) من تقديم آليّة تكسر هذه الدائرة المظلمة.

  كلمات مفتاحية

مصر نظام السيسي عبد الفتاح السيسي النخب المصريّة المدنية الحكم المدني ثورة 25 يناير تحريض الجيش الاستيلاء على السلطة الثورة المضادة اعتقال الرئيس المنتخب جماعة «الإخوان المسلمين» الانقلاب على كل القوى حركة «تمرد» الطلابية الشرعيّة المنتخبة القمع الفقر الفساد النظام العسكري