استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ليتوقف هذا التراشـق البذيء فـورا

الخميس 6 يوليو 2017 05:07 ص

كنت أتمنى لو أن الأزمة الخليجية التي يعيش أبناء الخليج، بل والعرب كلهم، فصولها المريرة منذ شهر، كانت مجرد مسلسل تراجيدي في شهر رمضان، كالمسلسلات التي تابعناها بشغف، انتظارًا للحظة التنوير الدرامي، في انتصار الخير على الشر بطريقةٍ ما، وظهور الحق وزهوق الباطل في الحلقة الأخيرة كالعادة.

لكن رمضان انتهى، وانتهت معه مسلسلاته بنهاياتها السعيدة، وبقيت أزمة الخليج حقيقةً موجعةً، نتابع مجرياتها لحظة بلحظة، ونشرة بعد نشرة. ويبدو أن "المخرج" هذه المرة لم يهتم كثيراً لا برغبة الجماهير، ولا بتوقعاتهم نهايةً سعيدةً سريعةً، حيث استمرت حلقات مسلسله الافتراضي، وتوسعت الأحداث بعد انضمام عناصر جديدة بدرجة رؤساء دول ووزراء خارجية، ما نزع عنه خصوصيته الخليجية، وأضفى عليه سمات دولية، خلطت المشاهد ولا حل. 

ورغم أن الأزمة سياسية منذ بدايتها، إلا أن شعوباً خليجية كثيرة، ولأسبابٍ عديدة، انزلقت إلى عمقها، لتكون جزءًا منها، رغم أن أحدا من السياسيين، على اختلاف أدوارهم وأسبابهم ومنطلقاتهم فيها، لم يستشر فرداً واحدا من الشعوب، قبل أن يتخذ قراره فيها. 

من الطبيعي جدا أن يمارس الناس حقهم في الأخذ والرد والنقاش تجاه كل القضايا المطروحة أمامهم، وبالذات لو كانت تمسّهم حتى العمق، كهذه القضية التي طاولت علاقاتهم مع أشقائهم في البلدان الخليجية المجاورة، وأثرت على نمط معيشة بعضهم، وتسبّبت في تغيير الخطط الحياتية لفئة غير قليلة منهم.

وبالتالي، لا يمكن أن ينأوا بأنفسهم بعيداً عن هذه الأزمة، ولا يستطيع أحد أن يلومهم على ذلك الانغماس في تفاصيلها، حتى وهو يعرف، وهم يعرفون، أنهم كانوا آخر من يعلم الأسباب الحقيقية التي دهورت الأوضاع الخليجية بهذه السرعة الشديدة، وبهذا الشكل المفاجئ. 

لكن المزعج حقا في ذلك الانغماس الجماهيري الشديد بتلك الأزمة هو الأسلوب الذي بدا، في أحيانٍ كثيرة، غريباً وغير معتاد بين شعوب البلدان الخليجية الذين ينتمي كثيرون منهم إلى الخلفيات القبلية نفسها، بل إن أسرًا كثيرة، وليس مجرد قبائل، يتوزع أبناؤها بين جنسيات بلدان الخليج، من دون أن يشكل ذلك أمرا غريبا، لكن هذا التشابك العائلي والقبلي، ودعك من التشابكات الوثيقة المعتادة الأخرى، بين أبناء البلدان المتنازع سياسيوها في ما بينهم، لم يمنع بعضَهم من المغالاة في الهجوم بعضهم على بعض، مستخدمين عباراتٍ وتوصيفاتٍ واتهاماتٍ غير لائقة.

فتحولت الحوارات إلى مجرد شتائم، تعدت حدود البلاد المتخاصمة، ليتأذى منها حتى المحايد الذي يحاول التوفيق وتقريب وجهات النظر بينهم.

حتى لقد تصور بعضهم أنه، بهذا السلوك المتنمر تجاه الآخرين، إنما يدافع عن وطنه، وأن وطنيته ستتعزّز أكثر وأكثر، كلما علا صوته بالشتائم والألفاظ البذيئة للمختلف معه، متجاهلا أن سلوكا قميئا كهذا لا يدل على وطنيته، ولا على حبه وإخلاصه لوطنه، بل يدل فقط على سوء تربيته وعجزه عن الدفاع عن فكرته الوطنية بما يليق بها. 

أصبح كثيرون من هؤلاء الذين امتلأت بشتائمهم وسائل التواصل الاجتماعي وقودًا للأزمة، بدلا من أن يكونوا جزءًا من الحل، ذلك أنهم استمروا في تعميق النفق المظلم بالإصرار على الحفر فيه، بدلا من أن يتلمسوا الطريق إلى الضوء في آخره. 

هل يفعل الفاعلون ذلك عن وعيٍ بما يفعلون؟

هل يظنون أنهم يؤدون جزءا من واجبهم الوطني بهذا الشكل القميء؟

هل استخدمهم آخرون عبر الإيحاء والتأثير، ليكونوا مجرّد أداةٍ من أدواتٍ تهدف، في النهاية، إلى الإضرار بالكيان الخليجي، من دون أن يدركوا خطورة ما يقومون به؟ 

كل شيء جائز وقابل للنقاش والبحث، لكن المهم الآن، وقبل كل شيء، وحتى قبل نهاية الأزمة، أن يتوقف هذا التراشق البذيء فوراً، وهي مسؤولية من يستشعر الخطر الذي يتجاوز الخطر السياسي، ليحفر في عمق علاقتنا الاجتماعية الإنسانية في الخليج العربي، ليحذّر ويحاول التغيير بكل ما يملك من إيمان.

* سعدية مفرح شاعرة وكاتبة وصحفية كويتية

  كلمات مفتاحية

الأزمة الخليجية الانغماس الجماهيري التنوير الدرامي الخطر السياسي التراشق البذيء