انقطاع للكهرباء وأمراض وتلوث.. الحر يفاقم معاناة أهل غزة

الخميس 6 يوليو 2017 08:07 ص

زادت المعاناة الإنسانية لسكان أهل غزة، مع موجة الحر التي تضرب المنطقة منذ بداية الأسبوع الجاري والمصحوبة بنسب مرتفعة من الرطوبة، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لمدة 20 ساعة في اليوم.

ويحاول المواطنون الغزيون التخفيف من تأثير موجة الحر عليهم عبر الخروج للتنزه في الأماكن العامة وخاصة شاطئ البحر، رغم تحذيرات «سلطة البيئة » من السباحة فيه بسبب تلوثه بالمياه العادمة جراء توقف عمل محطات المعالجة.

ويعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو مليوني نسمة أزمة كهرباء حادة في الوقت الراهن، إذ تصل ساعات قطع التيار الكهربائي إلى نحو 20 ساعة يوميا.

الهروب إلى شاطئ البحر

وتهرب الفلسطينية «سلوى أبو عميرة» (62 عاما) من سكان مخيم الشاطئ غربي قطاع غزة، برفقة عائلتها من الرطوبة التي تقول إنها تملأ منزلها جرّاء ارتفاع درجة حرارة الجو إلى شاطئ البحر.

وأكدت أن موجة الحر التي تتزامن مع أزمة الكهرباء تفاقم من معاناتها، خاصة وأنها مصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم إلى جانب «السكري»، كما أنها تعاني نزيفا داخليا في شبكية العين.

وأضافت «الحرارة والرطوبة لا تناسب شخصا مصابا بهذه الأمراض وقد تتسبب له بمضاعفات صحيّة».

كما تسببت موجة الحر في إصابة الأطفال المتواجدين داخل منازلهم بالأمراض الجلدية كالحساسية وارتفاع درجة الحرارة السخونة.

وتبيّن «أبو عميرة» أن أحفادها أيضا لم يسلموا من الأمراض التي يتسبب بها الحر، خاصة في ظل انعدام القدرة على تشغيل أجهزة التهوية الكهربائية.

ولم تجد «أبو عميرة» مكانا يوفر لها جوا مناسبا يقيها حر الجو غير البحر، رغم تلوثه بمياه الصرف الصحي نتيجة توقف محطات المعالجة جرّاء أزمة الكهرباء، منذ منتصف أبريل / نيسان الماضي.

وقالت «نبحث عن أخف الضررين، نخرج لشاطئ البحر كي لا نموت من الرطوبة في المنازل، لكننا نمنع الأطفال من النزول للسباحة خوفا عليهم من الإصابة بالأمراض نتيجة تلوث البحر».

واعتبرت الخروج من المنزل للتنزه بسبب أزمة الكهرباء وارتفاع درجة حرارة الجو أمرا مكلفا ماديا، ويضيف أعباء اقتصادية جديدة على عاتق الأسرة.

وأضافت «مثلا، نحتاج للجلوس على طاولة تطل على شاطئ البحر لدفع 10 شواكل (ما يقارب 3 دولارات)، عدا عن تلبية احتياجات الأطفال».

فساد الاطعمة

وفي السياق ذاته، تعاني «أبو عميرة» فساد الأطعمة في أجهزة الثلاجات جراء تزامن أزمة الكهرباء مع ارتفاع درجة الحرارة.

وتابعت «حتى الطعام بتنا نشتريه من الأسواق بشكل يومي، لأنه يفسد لو بقي لمدة يوم كامل داخل المنزل بسبب توقف عمل الثلاجات».

وداخل أحد محال المرطبات في مدينة غزة، يقف «أشرف أبو شعبان» يتابع طلبات الزبائن المتزايدة خلال موجة الحر على المرطبات والمثلجات.

ويقول «أبو شعبان» صاحب محال مرطبات «كاظم » «يزداد إقبال الناس على البوظة والبراد (مشروب مثلج بنكهات مختلفة)، بشكل طارئ خاصة في ظل انقطاع الكهرباء في المنازل».

ويرى أن استمرار أزمة الكهرباء بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة تدفع الناس للخروج إلى «الهواء الطلق»، محاولين إيجاد متنفس لهم ولو كان بسيطا من خلال التواجد في الأسواق وتناول المرطبات، على حدّ قوله.

وأشار إلى أن استمرار أزمة الكهرباء يؤثر على المنشآت الخاصة بتصنيع "المثلّجات" والتي تعتمد بشكل كامل على التيار الكهربائي.

وتابع: «نضطر آسفين لاستخدام المولدات الكهربائية لمدة 24 ساعة يوميا، لأن التيار الكهربائي في حال وصله يكون ضعيفا، وتنعدم قدرته على تشغيل الآلات والثلاجات الكبيرة».

وأوضح أن تشغيل المولد الكهربائي يضيف أعباء مالية عليهم بسبب غلاء أسعار الوقود، إذ تصل تكلفة شراء الوقود 60 - 70 % من قيمة إجمالي الأرباح.

التأثير على كافة الفئات العمرية

بدوره، قال «علي كايا» أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة فلسطين بغزة، إن تفاقم أزمة الكهرباء ووصول ساعات فصل التيار لأكثر من 20 ساعة يوميا، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، يؤثر على كافة الفئات العمرية في قطاع غزة لاسيما الأطفال.

وتابع «الوضع الإنساني، في ظل هذا الجو الحارق بات لا يطاق».

وذكر أن ساعات وصل التيار الكهربائي من قبل الشركة المزوّدة لا تكفي لشحن البطاريات المشغّلة للإضاءة والتهوية.

وقال إن «أجهزة التهوية التي تعمل على شحن الكهرباء غير مجدية في ظل هذه الأزمة، كما أن لمبات الإضاءة الموفرة الليد، لا تؤدي الغرض».

وأكد أن تأثير أزمة الكهرباء انعكس على كافة تفاصيل الحياة في القطاع، مضيفا: «في كل منزل تجد الثلاجات متوقفة عن العمل، والطعام يتم تحضيره أولا بأول بسبب انقطاع الكهرباء».

وأزمة الكهرباء في قطاع غزة الفقير ليست جديدة، لكنها تعود لأسباب عدة منها النقص في قدرة التوليد حيث يوجد في القطاع محطة وحيدة قامت (إسرائيل) بقصفها سابقا.

وتوقفت المحطة عن العمل في أبريل/ نيسان بسبب نفاد الوقود وخلافات بين «حماس»، والسلطة الفلسطينية بشأن الضرائب والجباية، فيما لم يعوض استيراد الكهرباء من (إسرائيل) ومصر النقص القائم.

وكانت صحف عبرية، قد قالت مؤخراً، إن السلطة الفلسطينية أبلغت (إسرائيل) رفضها دفع قيمة التيار الكهربائي الذي يستهلكه قطاع غزة.

وسبق للرئيس الفلسطيني «محمود عباس»، أن أعلن أنه بصدد تنفيذ «خطوات غير مسبوقة بغرض إجبار حركة حماس على إنهاء الانقسام، وتسليم إدارة قطاع غزة، لحكومة التوافق الفلسطينية».

ونقل الموقع الالكتروني لصحيفة «هآرتس»، عن مسؤول (إسرائيلي) في الاجتماع قوله، إن الوزراء «قبلوا توصية الجيش الإسرائيلي بعدم التساهل مع حماس، وتقليص تزويد الكهرباء إلى غزة تلبية لطلب السلطة الفلسطينية».

ويعاني قطاع غزة من أزمة كهرباء متدحرجة منذ أكثر من عشر سنوات، وقد بلغت ذروتها في السنتين الماضيتين في ظل منع كل المشاريع التي تساهم في زيادة كمية الطاقة الكهربائية المتوفرة في القطاع.

  كلمات مفتاحية

قطاع غزة موجة الحر تلوث المياه انتشار الأمراض المعاناة الإنسانية