سفير قطر في روسيا يكتب لـ«نيويورك تايمز»: صامدون أمام التهديدات

الجمعة 7 يوليو 2017 01:07 ص

تقع بلدي، قطر، تحت الحصار. وفي الشهر الماضي، تم إغلاق حدودها والطرق أمام شركاتها من قبل كتلة إقليمية تتألف من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر. وقد أجبرت السلطات في دول الخليج المجاورة المواطنين القطريين على العودة إلى الوطن، بغض النظر عن السن والصحة.

وقد أصدرت الكتلة قائمة بالاتهامات ضد قطر. وتشمل استضافة الحرس الثوري الإيراني في عاصمتنا الدوحة، وتمويل حزب الله اللبناني الموالي لإيران، ودعم تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي. وهذا أمرٌ متناقضٌ كون حزب الله والدولة الإسلامية عدوان يحاربان بعضهم البعض في سوريا.

وهناك مطالبات زائفة أخرى. وتشمل اتهام قطر بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن. ومع ذلك، حتى بدء هذا الحصار، شاركت بلدي في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وفقدت جنودًا كانوا يقاتلون المتمردين الحوثيين. ويعتبر هذا الاتهام إهانةً لذكراهم.

كما أصدرت الكتلة الخليجية قائمة بالكيانات والأفراد وصفتهم بالإرهابيين، يفترض أن تكون قطر مستضيفة لهم أو ترعاهم. وواحدٌ منهم هو في الواقع زعيمٌ سلفيٌ يمني يعيش في الرياض، العاصمة السعودية. وهناك آخرون لا يقيمون في قطر ولا علاقة لهم بالدوحة.

وكما هو الحال عام 1914، عندما قدمت الحكومة النمساوية المجرية قائمة بمطالب مستحيلة وغير مبررة كذريعة لمهاجمة صربيا، فقد أعطت السعودية والإمارات ومصر والبحرين لبلدي قائمة مُهينة من الشروط لابد أن تتحقق لرفع هذا الحصار الذي لا مبرر له.

ولم تتلق قطر أي إشعارٍ سابقٍ بهذه الطلبات. وعلى الرغم من عضويتنا في مجلس التعاون الخليجي، لم يُطلب منا حتى مناقشتها. ومع انتهاء مهلة الكتلة، يهدد التحالف السعودي بفرض عقوباتٍ إضافية.

وقد تأثر الآلاف من المواطنين القطريين بالأزمة. وكانت والدتي تقوم بالعمرة في مكة المكرمة، عندما بدأ الحصار، واضطرت للعودة إلى الدوحة بطريقة مُهينة وغير مريحة. ونظرًا لما هو مفترض من حماية المملكة للأماكن الإسلامية المقدسة والزائرين لها، يعتبر استبعاد الحجاج جريمةً في حق العالم الإسلامي.

ومن بين الشروط التي تحاول الكتلة فرضها على قطر، إغلاق عددٍ من المؤسسات الإخبارية القطرية، بما في ذلك قناة الجزيرة الفضائية الحائزة على عدة جوائز، فضلًا عن غيرها من المنافذ التي يقع مقرها في لندن. وموقف قطر واضح، فنحن نؤيد حرية الصحافة، وهذه المنافذ حرة في نشر محتوىً ينتقد قطر نفسها، بما في ذلك ما يتعلق بهذا الحصار، ومطالبة الكتلة بإغلاق هذه المنافذ أمرٌ غير مقبول.

وقد نجحت الجزيرة في الحصول على الاعتراف الدولي بتقاريرها في الشرق الأوسط، حيث أنّ معظم الوسائل الإعلامية الأخرى إما أن تكون موالية للنظام أو تخضع لرقابة شديدة. وخلال الربيع العربي، عرضت وسائل الإعلام في بلدان الكتلة، عادةً، مشاهد هادئة وسلمية في المدن، وأعلنت أنّ قوات الأمن قد سيطرت على الأمور. وقد عملت هذه البلدان على التعتيم الإخباري الظاهري ضد حركاتها المؤيدة للديمقراطية، والآن لا يمكنها أن تغفر لنا إطلاع مواطنيها على ما تقدمه الجزيرة من الحقيقة والمعرفة والوعي.

واليوم، تدعو البرامج الحوارية ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لوسائل الإعلام المدعومة من الدولة في مصر والسعودية والإمارات لتغيير النظام في قطر. وقد طالب بعض مضيفي البرامج الحوارية وضيوفهم بتنفيذ هجماتٍ إرهابية على الأراضي القطرية. وقد تعرض كبار المسؤولين القطريين للإهانات الشخصية والاغتيالات المعنوية. وفي السعودية والإمارات، تم تجريم المعارضة، وقد يواجه أي شخص يتكلم عبر الإنترنت بالخير في حق قطر المحاكمة، وقد تصل عقوبته إلى 15 عامًا في السجن.

وقد تم تنظيم هذه الحملة من الأعلى. وقال وزيرٌ سعودي والمستشار الإعلامي لولي العهد الجديد «محمد بن سلمان» على تويتر أنّه يأمل ألا يقبل القطريون هذه المطالب. وازداد التوتر بشكلٍ متعمد حتى وصل إلى التهديد باحتلال قطر، حيث قال نائب رئيس شرطة: «كانت قطر دائمًا جزءًا من دولة الإمارات، ولا يمكن تؤخذ منها».

ولكي نكون أكثر وضوحًا، علينا أن نعترف أنّ قطر تعاقب لأنّ الجهات الفاعلة المحافظة في الكتلة، التي جسدتها التغيرات في التوازن الجيوسياسي في المنطقة، ترى فرصةً لتوجيه رسالة إلى الناس في العالم العربي، أنّه إذا كنت تجرؤ على حلم التغيير، فإنّ الأنظمة الاستبدادية سوف تحطمك. لكنّ قطر لن تتراجع عن هذا الهجوم المستفز.

وقطر دولة ذات سيادة، تفخر بأن تكون في طليعة التنمية في العالم العربي. وهي تتقبل التغيير وتشجع النقاش وتدعم أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة، أيًا كانت خلفياتهم العرقية أو الدينية. وعندما جاء الربيع العربي، لم تفعل ذلك لأجل دينٍ أو طائفة واحدة، ولكن لجميع المواطنين في المنطقة.

وإلى جانب مشاركة قطر في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، نحن أيضًا عضوٌ نشطٌ في التحالف متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة ضد الإرهاب. وتنطلق من قاعدة العديد في قطر الضربات الجوية للقوات الجوية الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وضد الجماعات الإرهابية في أفغانستان. وتعد قطر مركزًا لوجستيًا رئيسيًا في مكافحة الإرهاب الدولي، وقد قدمنا ​​لهذه القضية دعمًا ماليًا وسياسيًا كبيرًا. ونشعر بالرضا في هذا السجل.

وعلى النقيض من العديد من الأنظمة في المنطقة، فقد دافعت قطر عن القيم العالمية، بما في ذلك الحكومة الدستورية، وحرية التعبير وحقوق الإنسان. ويجب على إدارة «ترامب» تقديم المشورة لحلفائها الخليجيين لتغيير المسار. وإذا استمرت الولايات المتحدة في الوقوف إلى جانب العمل العدواني الذي تقوم به الكتلة ضد قطر، والذي يمكن أن يسحب منطقتنا إلى أعماق الانقسام وعدم الاستقرار، ستتعرض المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط بالتأكيد للخطر.

*فهد بن محمد العطية، السفير القطري في روسيا

  كلمات مفتاحية

السعودية قطر حصار قطر قناة الجزيرة

روسيا تدعم قطر ضمنا في الأزمة الحالية