«فورين بوليسي»: «عباس» يعاقب حماس بخنق غزة ويدفع نحو حرب جديدة

السبت 8 يوليو 2017 11:07 ص

تقوم إسرائيل والقيادة الفلسطينية في الضفة الغربية بالإضافة إلى العديد من الدول العربية بزيادة الضغط المالي والدبلوماسي على حماس، لكنهم بذلك قد يضعون المنطقة على طريق الحرب.

قطع شريان الكهرباء

بدأ الهجوم المشترك على حماس في أبريل/نيسان، عندما قام رئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس» وهو يتحدث إلى السفراء العرب فيما يبدو أنه مستوحى من مشاهد احتجاجات عشرة آلاف فلسطيني في شوارع غزة على نقص الكهرباء، بإعطاء وعد بأنه سيتخذ «خطوات غير مسبوقة» في التعامل مع حماس، وكانت لهجة مستشاريه أكثر عدوانية، فقد ألقى رجل دين وعضو بارز في فتح خطبا في أبريل/نيسان تحث سكان غزة على الإطاحة بحماس.

تبع ذلك سلسلة من السياسات العدوانية، ففي البداية، قام «عباس» بخفض رواتب عشرات الآلاف من موظفي السلطة الفلسطينية العاطلين عن العمل، والذين استمروا في تلقي المدفوعات منذ أن سيطرت حماس على القطاع في 2007. بعد ذلك قطع «عباس» التمويل عن السجناء التابعين لحماس في (إسرائيل)، ويرجع ذلك جزئياً إلى الضغط من الكونغرس الأمريكي.

ولاحقا، أعلن أن حكومته في الضفة الغربية لن تستمر بعد الآن في ممارستها الاستثنائية لدفع فاتورة واردات كهرباء حماس من (إسرائيل)، (حيث ترفض حماس أن تكون لها أي معاملات رسمية مع إسرائيل، لهذا تعمل السلطة الفلسطينية كوسيط)، وهذا أغرق غزة في الظلام، مع انقطاع تيار كهربائي لمدة 14 إلى 18 ساعة يومياً.

وسرعان ما انضمت (إسرائيل) إلى جهود «عباس»، فقد بدأت الحكومة الإسرائيلية هذا الشهر في تقليل كمية الكهرباء التي توفرها لغزة، وهي الخطوة التي فاقمت أزمة غلق محطة الكهرباء المحلية في أبريل/نيسان، واضطر سكان غزة إلى العيش على بضع سويعات من الكهرباء في اليوم، ويصر رئيس الوزراء الإسرائيلي «ينيامين نتينياهو» على أن قراره بعدم تعبئة إمدادات الطاقة التي قطعتها السلطة الفلسطينية، هو قرار له ما يبرره.

انفراج مفاجئ من مصر

مصر من جانبها تماشت بدايةً مع حملة الضغط على حماس، ففي البداية، طلبت مصر من حماس تسليم 17 عضواً تدعي القاهرة دعمهم لتنظيم الدولة في سيناء، ولكن، بعد أن التقى وفد من حماس مع المسؤولين المصريين، وكذلك فعلوا مع «محمد دحلان» الذي يعد منافساً لعباس؛ أعلنت القاهرة فجأة أنها ستعكس مسارها وتمد القطاع بشحنات الوقود.

هذه الخطوة تقلل من ضغط «عباس» و(إسرائيل) على حماس مع ما يبدو أنه تنازلات ضئيلة من حكام غزة، ولكن من المرجح أنه مجرد تحسن مؤقت. وتأتي إمدادات الوقود يوما بيوم لمحطة الطاقة الوحيدة في غزة، والتي لا يمكن أن توفر إلا 22% من احتياجات الكهرباء للجيب الساحلي.

تحول جذري

تأتي حالة الاقتصاد الملتبس بالريبة في غزة في وقت تغيير جذري في قيادة حماس، ففي فبراير/شباط، أعلنت حماس أن «يحيى السنوار» الذي فاز بانتخابات الحركة الداخلية السرية، قد أصبح أكبر مسؤول لها في غزة، وتبع ذلك إعلان في مايو/أيار، بأن «إسماعيل هنية» سيحل محل «خالد مشعل» رئيساً للمكتب السياسي.

«السنوار»، الذي كان سجيناً سابقاً في (إسرائيل)، والذي احتج على شروط إطلاقه في 2011 وكان مسؤولاً تاريخياً عن اقتلاع وإعدام العملاء، يُعد العضو الأكثر تشدداً في إدارة حماس، أما «هنية»؛ فبالرغم من كونه رئيس وزراء سابق للسلطة الفلسطينية، إلا إنه يعد أقرب إلى الجناح العسكري من سلفه «مشعل»، ويمثل كلا الرجلين تحولاً كبيراً عن القيادة السياسية الموجودة في المنفى للجناح العسكري في غزة.

حصار قطر

ويأتي هذا الضغط المشترك على حماس في الوقت الذي يتعرض فيه أحد أهم رعاتها الأجانب –قطر- لضغوط أكبر من أي وقت مضى، فقد فرضت السعودية والإمارات حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على قطر، كاحتجاج على دعمها لمجموعات إرهابية.

وقد طالبت الرياض قطر على وجه الخصوص، بوقف دعمها واستضافتها لقادة حماس في الدوحة، حيث فر العديد من قادة حماس من البلاد، من بينهم «صلاح العاروري»، وهو العقل المدبر لخطف ثلاثة مراهقين إسرائيليين في 2014.

قد ينتهي الأمر بهذه الخطوة إلى ارتماء حماس مجددا في أحضان إيران بعد سنوات من الابتعاد، حيث تفاقمت التوترات منذ الاختلاف بين الاثنين حول الحرب السورية في 2012، ولكن الجناح العسكري لحماس كان داعماً ثابتاً لإعادة إقامة العلاقات مع طهران، ويُشاع الآن أن «هنية» سوف يسافر إلى طهران قريباً، فيما سيكون زيارته الأولى منذ تفجر الوضع في 2012.

الدفع للزواية قد يؤدي لحرب

قد تؤدي التهديدات المستمرة لشرايين الحياة لحماس إلى دفع الحركة إلى الزاوية، وهو الوضع الذي سبق أن أدى إلى صراع مع (إسرائيل) في الماضي، ففي الفترة التي سبقت حرب 2014 مع (إسرائيل)، وجدت حماس نفسها في وضع مشابه، حيث سقطت غزة في أزمة اقتصادية في ذلك الوقت، و قامت مصر بشن حملة على أنفاق التهريب كما تصارعت السلطة الفلسطينية مع حماس بشأن دفع الرواتب، وقد كانت استجابة حماس آنذاك بتضييق الخناق على المؤسسات المالية، بما في ذلك مرحلة فتح فيها المقاتلون النار على بنوك عديدة في غزة وأجهزة صرافة آلية، بالإضافة إلى الضربات العسكرية.

الآن تجد حماس نفسها أكثر عُزلة وفي وضع اقتصادي أصعب، وقد قال «نتينياهو» منذ أكثر من أسبوعين أنه لا يتوقع اندلاع صراع مع حماس، واصفاً الأزمة بأنها «نزاع فلسطيني داخلي»، في الحقيقة قد يكون هذا صحيحاً، لكنه يخفي حقيقة أوسع: «عباس» مستعد لمعاقبة سكان غزة العاديين في أثناء خنقه لحماس، فما الذي سيجعله يهتم بعواقب ذلك على الإسرائيليين؟

  كلمات مفتاحية

حماس عباس حصار قطر إسماعيل هنية يحيى السنوار