18 يوم .. سينما «وش القفص» المصرية تراعي الربح و«السبوبة الثورية»!

الاثنين 10 يوليو 2017 01:07 ص

في الذكرى الرابعة للانقلاب العسكري المصري (3 من يوليو/حزيران 2013م)، وفي يوم الاثنين الماضي فوجيء مرتادو صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المصري بوجود فيلم 18 يومًا الذي تم إنتاجه في مصر  على مواقع التواصل الاجتماعي مجانًا، وهو الذي إصداره في 7 من سبتمبر/أيلول 2011م، وتم تصويره قبلها بفترة بسيطة، بعد تمام التأكد من نجاح الثورة المصرية، كما كانت مجريات الأمور تشي بذلك في ذلك الوقت.

الفيلم شارك فيه كبار نجوم السينما العربية والمصرية من مثل: «يسرا»، «أحمد حلمي»، «منى زكي، «هند صبري»، «باسم السمرة»، «آسر ياسين» وآخرين، وقد تم استقبال العمل الذي أطلق عليه الفيلم السينمائي الأول المُتعلق بثورة 

يناير 2015م باحتفاء شديد على مواقع التواصل الاجتماعي، بخاصة بعد وضع أحد كتاب السيناريو لرابطه «تامر حبيب» بالإضافة إلى الفنان «أحمد حلمي»، على صفحتهما بـ«الفيس بوك»، ذلك بعد أن تم رفعه على موقع «يوتيوب» في تجربة سينمائية عربية لعلها الأولى، إذ تم رفع فيلم على مواقع التواصل الاجتماعي قبل عرضه سينمائيًا.. أي دون تحقيق أرباح تستهدفها الأفلام السينمائية، وإن قيل إنها ثورية من جانب صُنّاعها!

سينما تجارية تحب الصيت

فيلم الظهيرة هو في الحقيقة عبارة عن 10 أفلام سينمائية قصيرة داخل علبة واحدة، شارك في إخراجها من مؤلفي السيناريو المصريين منهم: «شريف عرفة»، «يسرى نصر الله»، «مريم أبوعوف»، و«شريف البندارى»، بالإضافة إلى 8 من كُتّاب السيناريو منهم: «بلال فضل»، «تامر حبيب»، و«أحمد عبد الله السيد» وآخرين.

الفيلم تم إنتاجه، بحسب أحد أبطاله الفنان «عمرو واكد»، ليُشارك في قسم الثورة من مهرجان «كان»، دون دخول المسابقة الفنية، ولكنه بوصفه فيلم سياسي، كما قال «عمرو واكد»، أحد أبطاله، في أحد الحوارات التلفزيونية فور صدوره، كما أوضح أن الهدف الأساسي منه كان مساعدة شهداء وضحايا الثورة في جولتها الأولى في يناير/كانون الثاني 2011م، وهو ما اتضح كذبه فيما بعد، وقد اعترض «واكد» عبر بيان نشره آنذاك على كثير من المشاركين فيه، والذين قال بإنهم لا يحق لهم التحدث باسم الثورة وقد كانوا نجوم عهد الرئيس المخلوع «حسني مبارك» بامتياز .. وإن كان هذا ما سنتاوله في غير هذا الموضع من نقد الفيلم، مع تأكيدنا على عدم نجاح «واكد» في المقياس الثوري الذي وضعه بنفسه بعد مشاركته بعده في عمل درامي (إسرائيلي).

عُرضَ الفيلم  في مصر لمرتين: الأولى بمهرجان الإسماعيلية عام 2013، والثانية بالمركز الثقافى الروسى، وكان من المفترض أن يكون فيلم افتتاح أحد المهرجانات عام 2014، وهو ما رفضته الرقابة وقتها، بحسب «شريف البنداري» أحد مخرجيه في جريدة «المصري اليوم»، المحسوبة على الانقلاب مؤخرًا.

ومن جانبه انبرى الدكتور «خالد عبد الجليل»، مستشار وزير الثقافة للسينما، ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية، ليعرب عن دهشته لما نُشِرَ بالمواقع ووسائل الإعلام عن رفض جهاز الرقابة التصريح بعرض الفيلم الذى تم تصويره منذ 6 سنوات عقب ثورة يناير.

وقال «عبدالجليل»، فى تصريحات صحفية: «الفيلم لم يعرض من الأساس على الرقابة فى الوقت الحالى بعد هذه السنوات لمنحه تصريحا بالعرض بدور السينما».

أي أن السيناريو الذي حاول صُنّاع الفيلم طرحه يخص أنهم جازفوا بالمشاركة فيه ثم لم توافق الرقابة على عرضه، وقالت الأخيرة أنه لم يُعرض عليها من الأساس، وهي تفصيلة لا تهمنا، بقدر ما تهمنا حرية وطن يجفف العسكر جميع منابعها، وأيضًا يستغلها السينمائيون المصريون، فتوقيت إطلاق الفيلم على اليوتيوب في ذكرى الانقلاب يقول بالثورة على منعه والتضحية بقيمته المادية، أو بما سيترتب على عرضه من قبل صُنّاعه، وكان الأساس بحسب أحد الفنانين المُشاركين فيه أن ريعه لصالح ضحايا الثورة، أما الحقيقة فهي أنه تم منذ فترة طرح هذه النسخة من الفيلم  في أحد المواقع الفرنسية، التي تشبه سياستها موقع «أمازون»، حيث تم عرض الفيلم للمشاهدة بمقابل مادي، ولكن ظل الأمر بعيدا عن متناول الجمهور المصري، بحسب «العرب» اللندنية.

أي أن الفيلم الخيري من الأساس تم جمع مقابله المادي، وعوضًا عن عنت طرحه على الرقابة الآن والرفض .. تم اختصار ذلك في خطوة واضحة بطرحه على اليوتيوب .. وقيل إن مصدر الطرح مجهول، خوفًا من البطش العسكري، ثم تم رفع الرابط على صفحة أحد أبطاله وأحد كُتّاب السيناريو؛ وحتى هذا قام «أحمد حلمي» بحذفه بحجة ألفاظ الفيلم الهابطة والسوقية!

10 أفلام وسينما «وش القفص»

الأفلام القصيرة التي احتواها أو تكون منها فيلم 18 يومًا جاءت كالتالي:

1ـ احتباس:

مجموعة من العقلاء مودعون من جانب «أمن دولة مبارك» في مستشفى المجانين منهم ضابط كبير في الشرطة تُذهلهم احداث الثورة فيقررون محاسبة بعضهم، ليثور على القرار الضابط ويقلق عضو جماعة «الإخوان».

2ـ خلقة ربنا:

في حي شعبي في بولاق أبوالعلا تضطر فتاة تبيع الشاي في ميدان التحرير إلى صبغ شعرها لعلها تحصل على فرصة للزواج، فلما تترك عملها وتشارك الثوار تستغفر الله عن صبغ شعرها قبيل استشهادها!

3ـ 19/19:

هذا الفيلم القصير واحد من أبرز فسيفساء الفيلم الخاص بالظهيرة ويؤدي «عمرو واكد» فيه دورًا مهمًا أجاده إذ إنه المواطن «عصام ماهر الشافعي» الذي يعمل في شركة تسويق للحاسب الآلي، ويقوده قدره إلى أمن الدولة أثناء الثورة لتتم محاسبته عن أحداثها، فيما هو لا يدريها، ويأمر الضابط بقتله بعد أخبره بأن ضباط «الغوستابو» أثناء حكم «هتلر»، وكانوا أداته القمعية، كانوا لا يستحمون أمام بعضهم لإنهم لم يكونوا ذكورًا بل أشباهًا .. يعوضون ضعفهم الجنسي بالتعذيب!

4ـ إن جالك الطوفان:

  يروي عن باعة سريحة (متجولين لا مكان دائم لهم) يحاولون استغلال الثورة ببيع أعلام مصر فيفشلون، ثم بمحاولة بيع صور «مبارك» لأعضاء الثورة المضادة فيفشلون، فيقترح عليهم أحد أتباع الرئيس المخلوع سب الأخيرة على نفس ثوره وبيعها للثوار عليه، بحجة أن «مبارك» لو كان مكان الباعة الخاسرين لفعلها!

5ـ حظر تجول:

هذا الفيلم القصير برأينا أبرز أفلام العلبة السينمائية التي نقدمها الظهيرة، وفيه يهبط جد يعاني من أمراض الذاكرة بابنه الشارع في مدينة السويس المصرية أثناء حظر التجوال مع حفيده الذي ادعى وجع بطنه، وفي الطريق يعترض مساره الجيش لمرات مع البلطجية باسم اللجان الشعبية، ويضطر للنوم حتى ينتهي حظر التجوال في سيارته، فيما الجريدة تقول إن الجيش انحاز للشعب كان الجد يقول لحفيدة:

ـ «هل كانت بطنك تؤلمك بالفعل لذلك نزلنا للمستشفى أم كنت تدعي لتنزل الشارع بأي حجة..؟!».

في إشارة بالغة المرارة لما جره الجيش على مصر من وبال بمساعدة الإعلام.

6ـ كحك الثورة:

يُفترض أن «أحمد حلمي» ترزي دكانه في ميدان التحرير، وهو خارج من المستشفى فلا يعرف شيئًا عما يحدث في الميدان، ولخوفه الشديد يظن أن (إسرائيل) تهاجم مصر أو أن حزب الله بمساعدة حماس يغزون ميدان التحرير، ويرفض الخروج من محله لأيام، وفي النهاية يرتدي ثياب فرد في الجيش بشكل عفوي ويخرج، بعد أن يعلن إلى نفسه أنه لا يحب «مبارك» ولكن يخشى أن يخرج فلا يعود (!) ليصطاده الثوار على أنه أمين شرطة، وتكشف الكاميرا عن وجود إعلان عن افتقاده على باب دكانه!

7ـ تحرير 2/2:

سيرة حياة بلطجي «حربي» أو «آسر ياسين» في إشارة إلى معركة الجمل، وفي هذا الفيلم تحديدًا يبدو الشعب المصري مذهولًا في المقاهي والأسواق من حقيقة خلع «مبارك».

8 ـ قرار سيادي:

الأول قصة حب بين فتاة ثورية وجارها المُضاد للثورة «أحمد الفيشاوي»، وحين يسقط «مبارك» يهبط الحبيب إلى الشارع على أنه من الثوار ليلتقي حبيبته تحت الدبابة في ميدان التحرير!

9ـ داخلي .. داخلي:

«منى زكي» وزوجها «آسر ياسين» يُفضلان الانعزال في بيتهم في حماية الكلاب البوليسية عن الثورة حتى تسقط قناعة الزوجة بسلامة فعلها ثم يتبعها زوجها ليلتقيا في الميدان!

10ـ «أشرف سبرتو»:

محام يعمل كحلاق حلاق ترفض زوجته «ناهد السباعي» أو «شيرين» الإنجاب حتى ياتي نجاح الثورة فتعرف بدوره في محله الواقع في قلب ميدان التحرير في إغاثة الثوار إلى جوار طبيب ملتح ..فتقرر الإنجاب الفوري.

هناك اعتراضات على طريقة تسويق الفيلم على أنه لم يدر ربحًا ، بعكس الواقع، وعلى النقيض من الغرض منه، وأيضًا على مشاركة «يسرا»، «أحمد الفيشاوي»، «أحمد حلمي»، «منى زكي»، «شريف عرفة»، وغيرهم من الفنانين والمخرجين، هؤلاء كانوا رموز عصر «مبارك» من قبل؛ وركبوا (مركبة الثورة) دون مشاركة أو حتى تأييد لها، وهو ما كشفت الأيام عنه، «أحمد حلمي» اتخذ موقفًا فيما بعد من الثورة مائعًا في فيلم «على جثتي»، فكيف يتم تقديمه وآخرين على أنهم نجوم الثورة..؟!

أجاد مخرجو الفيلم في الانتقال في المستويات الاقتصادية والأحياء المصرية، وظهر المونتاج والموسيقى التصويرية في حالة جيدة أتاحها التنافس بين المخرجين العشرة، وإن جاء تمثيل «يسرا» و«منى زكي» و«أحمد حلمي» بالغ الفتور فيما يخص الثورة..

وبقي أن الـ10 أفلام يخرج المشاهد منها بنتيجة تراكمية غير سارة بخاصة مع الفيلم الأول والثاني والسابع والثامن ومع فتور آسر ياسين ومنى زكي في التاسع .. تبقى أفلام معدودة قصيرة من الـ10 السابقة تمثل قيمة ثورية بحسب سياسة «وش القفص» السينمائية التي اجتذبت أكثر من 2 مليون و600 ألف مشاهدة على اليويتوب حتى وقت مشاهدة الفيلم في هذه الظهيرة.

  كلمات مفتاحية

سينما وش القفص المصرية ثورة سبوبة السينما المصرية