إقرار «رياضة البنات» في السعودية والجدل حول «الإصلاح» المنتظر

الخميس 13 يوليو 2017 11:07 ص

رغم أن خطوة إقرار «رياضة البنات» في المدارس الحكومية السعودية بداية من العام الدراسي الجديد، طال انتظارها والمناداة بتحقيقها، إلا أن القرار لم يَسلَم من الانتقاد والمعارضة من قِبَل جزء كبير من المجتمع المحافظ.

فهناك تيار يرى أن ممارسة المرأة للرياضة، هو «انتهاك للأعراض»، حتى وإن كان ذلك في المدارس التي يتم فيها الفصل الكامل بين الجنسين. إلا أن ذلك الرفض لم يؤثر في شعور المؤيدين للقرار، بالفوز والانتصار.

وقد انتظر ملف الأنشطة الرياضية في مدارس البنات نحو 26 عامًا لإقراره هذا الأسبوع؛ حيث كانت البداية عام 1412 عندما اقترح وزير المعارف الأسبق «محمد الرشيد» -قبل توليه ملف الوزارة- إدخالها في مدارس البنات. في مؤتمر للرئاسة العامة لتعليم البنات تحت عنوان «تعليم البنات بين الواقع والمأمول»، وتلقى المقترح - بعيد النظر حينها- برفض مسؤولي الرئاسة وقتئذٍ.

وفي وقتٍ تُعد رياضة البنات المدرسية هي إحدى أثقل وأضخم ملفات التعليم على مدى عقدين ونصف العقد، لما أحدثته من جدل واعتراضات ومناقشات، واتهامات طالت المنادين بتطبيقه، تحقق مطلب الرياضة المدرسية للفتيات بهدوء وتدرُّج، حينما أعلنتها وزارة التعليم في بيان صحفي قبل يومين، بعيدًا عن المؤتمرات أو التصريحات الصحفية.

قالت الوزارة إن القرار جاء بعد دراسة دامت أكثر من ثلاثة أشهر قام بها فريق متخصص بتكليف من الوزير لمراجعة كافة التوجيهات والتوصيات الصادرة في هذا الشأن وتقييم إمكانية تنفيذ برامج التربية البدنية والصحية في مدارس البنات من حيث الإمكانات الفنية والبشرية، بالإضافة إلى تكاليف إعادة تأهيل الصالات الرياضية في المدارس التي تم إنشاء صالات بها وكذلك تكاليف إنشاء صالات رياضية جديدة وتجهيزها بالأدوات اللازمة.

وقد طالب مجلس الشورى السعودي، وزارة التربية والتعليم في المملكة عام 2014، بدراسة إضافة برامج للياقة البدنية والصحية للبنات «بما يتفق مع الضوابط الشرعية وطبيعتهن والتنسيق مع وزارة التعليم العالي لوضع برامج التأهيل المناسب للمعلمات»، استند فيها إلى فتوى المفتي السابق، الشيخ «عبدالعزيز ابن باز».

الجدل طال القرار الذي تطلع له الكثيرون، بين رأي اعتبره «انسلاخ للمملكة من عبائتها الدينية الملتزمة»، وبين رأي رآه «انتصار للمرأة السعودية، وأولى خطوات تمكينها وتوفير متطلباتها كأي دولة أخرى». حيث قرأوا إقرار مجلس الشورى للقانون الجديد، تحقيق لرؤية ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» الشابة للمملكة.

 

معارضة «رياضة البنات»

وعبر تويتر، الموقع الأكثر استخدامًا في السعودية، انتشرت العديد من الأوسمة التي تبادل النشطاء والمتابعون وجهات نظرهم حولها.

وتداول المعارضون للقرار عبر وسم #رياضه_الطالبات_انتهاك_للاعراض تغريدات مثل: «الإعلام والتعليم أركان بناء أو هدم، ووزير التعليم الذي فرح بتعيينه الليبراليون، من وسائل الهدم وأبنائنا الضحية». وأضاف حساب معارض آخر حمل اسم «عضو هيئة»: «تجاهل للقرآن والسنة ولهيئة كبار العلماء ، وبسبب صمتنا يتم إستهداف بناتنا إراضاء لإعداء الله بالضوابط الغربية». واختتم أخير باعتبار السماح بممارسة الرياضة في المدارس للفتيات أنه:«- تذويب للهوية - تمييع للقضية - وإذلال للرعية - وتمكين للتبعية».

وقد سبقهم إلى الرفض، المفتي السعودي الشيخ «عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ» حينما قال أن المنادي بمطالب «التحاق المرأة بنادٍ رياضي» ليس إلا شخص «غاشٍ للنساء المسلمات، ويلحق الضرر بهن في أخلاقهن وسلوكياتهن».

كما اتفق معه الشيخ «عبدالكريم الخضير» عضو اللجنة الدائمة وهيئة كبار العلماء واعتبره «خطه تغريبية» لإخفاء السمت الإسلامي للمرأة السعودية. علاوة على العديد من الدعاة ورجال الدين السعوديين، والشخصيات العامة.

 

انتصار للمرأة السعودية

المعارضة المعتادة من شريحة ضخمة من المحافظين، لم تؤثر في حماسة المتطلعين للقرار بصدر رحب، متمنين أن يتبعه العديد من الخطوات المماثلة التي من شأنها أن تحقق للمرأة في المملكة المزيد من الحريات والحقوق.

ويقول أحد المنتمين لذلك الفريق إن «قرار #وزارة_التعليم بالبدء في مشروع #رياضة_البنات في المدارس وإن جاء متأخرًا إلا أنه يجعلنا نتفاءل باستدراك كل المغاليق التي تحاصر النساء». فيما انتقد الإعلامي السعودي «أبو عابد الشهري» الرأي المعارض للإقرار والذي رأى تجرُّئًا على الشريعة أو الأخلاق الإسلامية للسعوديات، فقال: كل« ما جاء شى في صالح هالبنات الضعوف قالوا احذروا هذا التغريب، سلامات الرياضة في المدرسة مش في الشارع، عجيب!».

الناشط «حماد الشمري» كذلك قال: «ماراح يطلعون من جو "المؤامرة"، كل الحكاية بنت بتلعب رياضة مع بنت تحت إشراف بنت في مبني خاص بالبنات وسلام ياعم».

 

انفتاح «المملكة»؟

الخطوة سلطت الضوء من جديد على رؤية ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»، الشابة للمملكة، والذي يصعد نجمه باعتباره الجيل الشاب والواعد للحكم السعودي المُقبل.

وفي هذا الصدد يقول الكاتب «محمد المنشاوي» في مقال سابق له بعنوان «حيرة واشنطن بين ابن نايف وابن سلمان» نشر مطلع العام 2016  في جريدة الشروق المصرية: «بعض الأمريكيين يعتقدون أن ابن سلمان يمثل فرصة حقيقية لإجراء تحديث مؤجَّل داخل المملكة ينقلها للقرن الحادي والعشرين على غرار ما ذهبت إليه دولة الإمارات على سبيل المثال».

لكن التعويل على التغيرات الاجتماعية لا يبدو حلًا مثاليًا للمرأة السعودية التي يتصدر موضوع ولايتها، ثم حرية قيادتها وتحركها قائمة مطالبها.

فالمجتمع السعودي مجتمع معروف بتحفُّظه وتشدده، والاعتماد على التغير المجتمعي فكرًا وتركيبةً لا يمكنه أن يؤتي ثماره. وبحسب النظر إلى الصورة ككل من زاوية بعيدة، فإن الطفرة التي طرأت على المجتمع السعودي، بسبب النفط وتغير النمط المعيشي للمجتمع، لم تنل منها المرأة ما يُذكر.

إلا أن عبارة «بن سلمان»، قبيل الإعلان الرسمي عن رؤية 2030، التي قال فيها أن «البلاد لا يمكنها أن تزدهر وهي تحد من حقوق نصف المجتمع»، تحضُر مجددًا لتُطمئن المستبشرين بها. كما أن أسلوب «محمد بن سلمان» في الحوار والتعبير عن رؤيته، يعكس أمل السعوديين في الإصلاحات، وبالتالي يقبل المواطنون التغيير، ولو تدريجيًا.

ربما يكون حق المرأة في ممارسة الرياضة، هو بداية الطريق لحصولها على حرياتها بشكل تدريجي، حيث أبرمت الهيئة العامة للرياضة اتفاقية تعاون مع جامعة الأميرة «نورة بنت عبد الرحمن» واللجنة الأولمبية السعودية، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بهدف المساهمة في رفع معدلات ممارسة المرأة للنشاط البدني. وذلك بالاستفادة من منشآت الجامعة وإشغالها ببرامج مشتركة تستهدف نشر ثقافة الرياضة من أجل مجتمع صحي، بمشاركة كثير من الجهات الحكومية والأهلية من خلال الاستفادة من منشآت هذه الجهات الرياضية.

وهي التطورات، التي يرى المراقبون أنها تحقيق لما ورد في رؤية المملكة 2030 التي نصت على «تمكين الجميع من ممارسة رياضاتهم المفضلة في بيئات مثالية؛ لينعم أفراد المجتمع بنمط حياة صحي». مرددين «أن تأتي متأخرًا أفضل من ألا تأتي أبدًا».

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

السعودية المرأة رياضة المرأة الرياضة النسائية المرأة السعودية نساء رياضة البنات المدارس قرا