استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

السيسي وترامب وكوريا الشمالية

الجمعة 14 يوليو 2017 04:07 ص

أعتقد أن المكالمة الهاتفية الأهم بين الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب ونظيره المصرى عبدالفتاح السيسى جرت يوم الخامس من يوليو الحالى من داخل الطائرة الرئاسية الأمريكية حيث كان ترامب فى طريقه للمشاركة فى قمة دول العشرين بألمانيا.

البيان الرسمى الصادر من البيت الأبيض حول المكالمة أشار لموضوعين اثنين تم الحديث حولهما: الأول يتعلق بالأزمة الخليجية؛ حيث أشار ترامب إلى ضرورة تبنى التفاوض البناء كوسيلة لحل الأزمة الخليجية، مشددا على ضرورة «مواصلة جهود التصدى للإرهاب ووقف تمويله، وتقويض الأساس الأيديولوجى للفكر الإرهابى»، كما أشار البيان إلى أن ترامب أكد على «دعم الولايات المتحدة الكامل لمصر فى حربها ضد الإرهاب».

وجاءت مكالمة ترامب قبل ساعات من عقد اجتماع مهم بالقاهرة بين وزراء خارجية دول الحصار الأربع السعودية والإمارات والبحرين ومصر ضد قطر. 

تحدث الجميع عن موضوع مكالمة ترامب والسيسى الأول المتعلق بقطر، فى حين صمتت أغلب وسائل الإعلام المصرية والعالمية تجاه القضية الثانية التى تحدث حولها ترامب مع السيسى وتتعلق بكوريا الشمالية!

نعم تحدث ترامب مع السيسى حول كوريا الشمالية، وذكر بيان البيت الأبيض أن ترامب ناقش أيضا التهديد النووى الذى تشكله كوريا الشمالية. وطالب ترامب «بعمل جميع دول العالم على تنفيذ قرارات المقاطعة المفروضة من مجلس الأمن الدولى ووقف استضافة عاملين من كوريا الشمالية أو إمدادها بحوافز اقتصادية أو عسكرية».

ولم يلتفت لهذا الجزء من البيان الأمريكى سوى عدد قليل من وسائل الإعلام الأمريكية، فى حين تجاهله نظراؤهم المصريون. وعلقت صحيفة Washington Examiner القريبة من إدارة ترامب قائلة إن ترامب «طلب من نظيره المصرى الالتزام بمقاطعة كوريا الشمالية».

وأشارت إلى صبر إدارة ترامب تجاه خروقات متكررة تقوم بها بعض الدول للعقوبات المشددة التى تبناها مجلس الأمن تجاه كوريا الشمالية. ومن الجدير بالذكر هنا أن أذكر أن مصر هى أحد أعضاء مجلس الأمن حاليا وحتى نهاية العام 2017، وشاركت فى التصويت على عدة قرارات تتعلق بعقوبات تُفرض على كوريا الشمالية. 

وخلال عدة مناسبات سابقة ذكرت سفيرة الولايات المتحدة فى الأمم المتحدة نيكى هيلى أن واشنطن ستراقب وتحاسب الدول بناء على نمط تصويتهم داخل المجلس، وعلى التزامهم بمقاطعة كوريا الشمالية.

* * *

من المهم هنا طرح سؤال حول طبيعة وعمق علاقات القاهرة مع بيونج يانج خاصة. فعلى الرغم من العلاقة العسكرية الوثيقة بين القاهرة وواشنطن، فإن مصر كانت دوما تحاول الحصول على أسلحة كورية شمالية، تتواءم مع ترسانة روسية سوفيتية قديمة فى مصر. 

يجمع المؤسستين العسكريتين المصرية والكورية الشمالية تاريخ مشرق، وصلت معه لدرجة أنه وخلال حرب أكتوبر 1973، أرسلت بيونج يانج عشرين طيارا، ثمانية مراقبين جويين، خمسة مترجمين، وثلاثة إداريين، وطبيبا وطباخا دعما للمجهود العسكرى المصرى فى حربه ضد إسرائيل. واشتبك طيارو كوريا الشمالية فى معارك جوية عدة مرات مع الطيران الإسرائيلى.

نعم كان ذلك فى الماضى القريب، إلا أنه وقبل عدة شهور قليلة قال الملحق الكورى الشمالى بمصر إن «العلاقات مع مصر ستشهد تطورا»، وكان ذلك بمناسبة احتفالية بالقاهرة بمناسبة الذكرى السنوية الـ85 لتأسيس الجيش الكورى الشمالى.

وتابع: «أنا على يقين بأن علاقات الصداقة ستشهد مزيدا من التطور فى المستقبل. وقبل ذلك وجه السيسى دعوة إلى الرئيس الكورى الشمالى كيم يونج أون، لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، ولاقت الدعوة، ترحيبا من قبل نظيره الكورى، الذى أوفد رئيس هيئة رئاسة الجمعية الشعبية العليا للبلاد (رئيس الدولة)، كيم يونج نام لحضور الحفل!

هذا وتوجد مصر ضمن عدد قليل من الدول التى مازالت تبقى على سفارات مفتوحة لها داخل بيونج يانج عاصمة كوريا الشمالية، ولم تبق للدول العربية سوى سفارات مصر بجانب فلسطين وسوريا.

* * *

تاريخ موقف واشنطن من علاقات متطورة بين مصر وكوريا الشمالية يشير إلى انزعاج أمريكى كبير ومستمر. خلال عام 1994، نجحت وكالة الاستخبارات الأمريكية الـ«سى آى إيه» فى تجنيد وتهريب السفير الكورى الشمالى فى مصر إلى الولايات المتحدة، ونظرا لمعرفته الوثيقة بحجم التعاون العسكرى بين بلاده ودول الشرق الأوسط. 

وواجه الرئيس الأسبق حسنى مبارك خلال زياراته العديدة لواشنطن أسئلة واستفسارات متكررة من وزارة الدفاع الأمريكية وبعض أعضاء مجلس الشيوخ حول حدود التعاون العسكرى بين مصر وكوريا الشمالية.

وكان من أهم هذه المواجهات تلك التى حدثت خلال زيارته عام 2002 حيث واجهته المخابرات الأمريكية بدلائل وافية ومقنعة على وجود تعاون عسكرى على تطوير صواريخ (نوــ دونج)، وهو الأمر الذى نفاه مبارك ووعد بوقف أى تعاون بين بلاده وكوريا الشمالية.

هاتف ترامب السيسى من داخل الطائرة الرئاسية الأمريكية ولم ينتظر حتى تهبط فى بولندا، فهل هذه يوحى بأهمية ما جاء فى المكالمة، وهل لم يكن من الممكن الانتظار للحديث حول كوريا الشمالية فى مناسبة أخرى؟

ولماذا لم يتحدث ترامب مع السيسى خلال لقاءاتهم السابقة تلك التى جرت فى نيويورك أو واشنطن او الرياض حول كوريا الشمالية؟

وهل تحدث الرئيسان فى السابق حول كوريا الشمالية، وهل واشنطن رأت ضرورة خروج هذه القضية للعلن فى هذا التوقيت؟ أسئلة كثيرة لا نملك إجابات عنها بعد.

* محمد المنشاوي كاتب صحفي في الشئون الأمريكية من واشنطن

  كلمات مفتاحية

كوريا الشمالية مكالمة ترامب -السيسي دونالد ترامب عبدالفتاح السيسى الطائرة الرئاسية الأمريكية التعاون العسكري المصري الكوري