ناشطة مصرية: حديث «السيسي» عن حريات المرأة «شعارات سياسية»

الخميس 20 يوليو 2017 11:07 ص

كشفت الناشطة المصرية «عزة سليمان»، مديرة مركز قضايا المرأة، وهي إحدى منظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق النساء في مصر، أن «حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن حقوق المرأة المصرية مجرد شعارات سياسية ليس لها مردود قوي في الواقع»، مؤكدة وقوف الأزهر الشريف والتيارات السلفية ضد حقوق وحرية المرأة، خاصة فيما يتعلق بتعديلات قانون الأحوال الشخصية، مؤكدةً أن «جميع المبررات التي استند إليها الأزهر عند رفض توثيق الطلاق الشفهي غير مقنعة وعليه التفاعل بقوة تجاه أزمات المرأة والأسرة».

وأوضحت الناشطة الحقوقية ، في حوارها مع صحيفة «إيلاف»، أن هناك بعض المناصب السياسية المحظورة على الفتاة المصرية أبرزها توليها مناصب قيادية في وزارة العدل أو المجلس الأعلى للقضاء.

وشددت في حديثها للصحيفة أن وضع المرأة والوضع العام داخل مصر «يمر بفترة صعبة وسيئة جدًا»،  موضحة: «إذا تكلمنا عن الوضع القانوني فهناك إشكالية ما زالت مستمرة ومستمدة منذ عهد نظام مبارك، وثورة يناير هزت وأحدثت حراكًا في بعض الأشياء لكن استمرت معنا بالوتيرة نفسها لكن بشكل عالٍ بعض الشيء، وإذا تحدثنا عن العنف الأسري سنجده أصبح عاديًا جدًا ومستمرًا لكن بشكل أعلى، وكذلك العنف في المجال العام أصبح شديدًا وأصبحت ملامحه واضحة لكل الناس يمكن أهمها فكرة التحرش الجنسي؛ ولذلك تغير قانون العقوبات، لكن الموضوع يقول لنا هذا ليس كافيًا فله أبعاد أخرى غير القانون يجب أن نشتغل عليها».

 

العنف في ازدياد

وأوضحت الناشطة المصرية أن «العنف بشكل عام بدأ في ازدياد ، وكذلك العنف الخاص إلا أن هناك بعض الأشياء التي استطاعت البنت أن تكسرها فمن البنات من بدأن يستقلن بأنفسهن أثناء شهور الدراسة عن بيت أهلها، ومنهن من يطالبن بوظائف أعلى، ومنهن من يتعرض للتحرش ويأخذ حقه ولا يسكت على ذلك، فأصبحت هناك أصوات معارضة منهن ويأخذن حقهن من بعض الأجهزة سواء الوسائل الإعلامية أو غيرها، وعلى الرغم من ذلك إلا أن هناك بعضًا من النساء يعانون من الحرمان من الميراث فتضطر المرأة إلى الصمت وعدم اللجوء إلى القضاء من باب العار أن تواجه أخاها أو عمها».

أما حول قانون الأحوال الشخصية، فقد وصفته بـ«المعضلة الكبرى» سواء بالنسبة للمسلمين أو المسيحيين على حد سواء. مشيرة إلى أن هناك «أناسًا يعتبرون أن المشكلة عند المسلمين فقط في هذا القانون فبالرغم من وجود بعض التعقيدات والقهر والتمييز فيه إلا أنها ليست بنفس الضخامة الموجودة عند إخواننا المسيحيين رجالًا ونساءً فكلاهما يعانيان؛ لأن الحكومة جعلت الكنيسة هي الأعلى في التصرف، ولكنهم من رعايا الدولة ومن واجبها أن تنظم حياتهم وتزيل العقبات التي تقف أمامهم في هذا القانون».

وبسؤالها عن الإحصائيات الرسمية عن معدلات العنف والجريمة ضد المرأة خلال السنوات القليلة الماضية، قالت إنه  للأسف لا توجد إحصائيات ثابتة تقيس معدل التقدم أو التراجع في ملف حقوق المرأة، وتابعت «لذلك لا توجد إحصائيات رسمية عن الجرائم ضد المرأة على سبيل المثال العنف الأسري، وتعتمد منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون المرأة على إحصائيات وزارة العدل وحتى هذا الأمر توقف منذ 2012.

 

تعتيم «الداخلية»

وكشفت أن وزارة الداخلية المصرية قد رفضت إعطاء أي بيانات عن المرأة منذ 2012 على الرغم أن الدستور كفل هذا الكشف، وكان آخر تقرير للأمن العام بخصوص المرأة في عام 1997، ويتم الاعتماد الآن على الإحصائيات من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وتابعت «سليمان» أنه: «في ظل غياب تام لإحصائيات العنف ضد المرأة داخل الأسرة، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال المرأة تتعامل مع دراسات خاصة وليست دراسات رسمية من الدولة، لكن عندما أقول إن العنف الأسري يزيد يكون بناء على مؤشرات مثل معدل القضايا التي أقرأها في الجرائد والمجلات التي تتعلق بالقتل والتحرش وهكذا».

 

شعارات «حقوق المرأة»

«عزة سليمان» قالت في لقائها الصحفي مع «إيلاف» أيضًا، إنه لا يوجد مؤشرات تدل على أن الحكومة تأخذ قضايا المرأة بشكل جدي، بدليل عدم وجود شيء جدي ملموس في الوقت الحالي.

لافتةً إلى أنه لا توجد إستراتيجية واضحة من جانب الحكومة في ملف المرأة، رغم تعهد مصر عام 2010 في الأمم المتحدة، بمتابعة اتفاقية القضاء على كافة التمييز ضد المرأة، وفي عام 2014 تعهدت أيضًا الحكومة المصرية أمام «المجلس الدولي لحقوق الإنسان» على تنفيذ التوصيات الخاصة بتغير قوانين التمييز ضد المرأة، بل وافقت على بعض الأمور المتعلقة بتغيير بعض السياسات وتدريب وتأهيل كل من الأئمة ورجال الدين بشكل عام والسلطة القضائية والمتعاملين مع النساء، ولكن الحكومة تغاضت عن تعهداتها بالنسبة إلى حقوق المرأة ولم تضع خطة واضحة حتي الآن لبحث أزمات ومشاكل المرأة المصرية، على حد قولها.

 

«السيسي» والمرأة المصرية

أما حول حديث «السيسي» المتواصل في الآونة الأخيرة عن حقوق المرأة، فقد وصفتها «سليمان» بأنها «مجرد شعارات سياسية ليست مطبقة على أرض الواقع، والمرأة بالطبع تم استخدامها لخدمة أغراض سياسية، وما زال الأمر مستمرًا، وفكرة التركيز على دورها الإيجابي في الانتخابات والاستفتاءات كان بغرض التأكيد على حرص الدولة على حماية حقوق المرأة».

وعن دور المجلس القومي للمرأة باعتباره الجهة الشرعية لحماية حقوق المرأة المصرية، قالت كذلك إنه ليس له دور ملموس في حماية حقوق المرأة واتهمته بأنه تحول إلى «أداة تابعة للدولة ينفذ ما يطلب منها»، واستنكرت «هو مثل جميع الجهات الحكومية التي لا تلعب أي دور، فلم يقدم المجلس القومي للمرأة استراتيجية واضحة لمعالجة الأزمات المتعددة التي تواجه السيدة المصرية، كما أن تعاونها مع منظمات المجتمع المدني المهتم بشؤون المرأة محدود للغاية».

 

«نائبات المجلس»

وحول عدد النائبات الإناث اللاتي يمثلن المرأة في مجلس النواب المصري، قالت إنه هناك بنسبة 60% هناك تعاون بين النائبات ومجلس قضايا المرأة، واستجاب البعض منهم في طرح العديد من القوانين المتعلقة بالمرأة مثل تعديل قانون الأحوال الشخصية، ورؤية الأطفال بالنسبة للمطلقين، «ولكن للأسف البرلمان على مدار دورتين لم يناقش أيًا من تلك القوانين، والبرلمان بشكل عام عليه اعتراضات كبيرة داخل الشارع فهو غير معبر عنه وينفذ ما يطلب منه فقط من جانب الدولة بعيدًا عن حقوق الشعب ومن بينهم بالطبع النساء».

 

مناصب «محظورة»

وقالت «بالطبع هناك قيود ومناصب سياسية محظورة علي المرأة حتى الآن، وعلى رأسها السلك القضائي ، فمحظور تعيين امرأة رئيسة محكمة أو عضو في المجلس الأعلى للقضاء، وكون تعيينها وزيرة أو محافظة فهذه خطوة تأخرت كثيرًا وليس الأمر منحة من الدولة ، فالدستور ألغى التميز العنصري والتفرقة بين الرجل والمرأة ولكن ما زال الأمر على الورقة فقط».

 

ظاهرة التحرش

ولفتت «سليمان» إلى قضية شائكة في المجتمع المصري نظرًا لتفشيها بشكل تجاوز مساع المنظمات المدنية في الحد منها، وهي التحرش، حيث قالت إن تشديد العقوبات على المتحرش كان له آثار إيجابية ملحوظة مؤخرًا، بجانب أن الفتاة المصرية بدأت في الدفاع عن نفسها دون الانتظار لمساعدة الآخرين، ولكن المشكلة بحسب تعبيرها تكمُن في أن «القانون ليس كافيًا، فعلى سبيل المثال قانون الطفل رفع سن زواج الفتاه 18 عامًا، ورغم ذلك هناك أسر تزوج بناتها في سن أقل من ذلك بكثير عن طريق الزواج العرفي، فالدولة عند سن القوانين المتعلقة بالمرأة لا تخلق حوارًا مجتمعيًا لبيان أهميته، وبالتالي الشعب لا يشعر بتلك القوانين».

 

«الأحوال الشخصية»

وبسؤالها عما إذا كان تعديل قانون الأحوال الشخصية والميراث سيحرر المرأة من القيود المجتمعية و الأسرية المفروضة عليها، قالت إن  قانون الأحوال الشخصية يحتاج للتعديل بحيث يضمن للمرأة حقها في الميراث، ومعاقبة من يرفض إعطاءها ميراثها.

وأوضحت «من النقاط التي نطالب بتعديلات بها في القانون أن يكون الطلاق في يد المحكمة عن طريق توثيقه وعدم الاعتراف بالطلاق الشفهي، كذلك المطلقة التي تريد الزواج تفقد حقها في حضانة أطفالها، على أن تكون حضانة الزوج رقم "4" في الترتيب، كما يتضمن التعديلات المقترحة في حالة الطلاق قيام الزوجين بتقسيم الأموال التي تم جمعها أثناء فترة الزواج مقابل تنازل الزوجة عن حقها في مصاريف المتعة والنفقة.

 

تضارب بين المؤسسة الدينية ومنظمات المرأة

واختتمت بالإشارة إلى أن جميع الوثائق التي أطلقها الأزهر حول حرية المرأة تندرج تحت «الشو الإعلامي» فقط، مستنكرة «على أرض الواقع الأزهر لا يلتفت للتغيرات التي حدثت في المجتمع، والمؤسسة الدينية ليست وصية على المجتمع المصري، فيجب عليهم تطوير الفتاوى بما يتلاءم مع تغيرات العصر، وبالنسبة إلى رفضه توثيق الطلاق الشفهي فمبرراته غير مقنعة على الإطلاق وهناك أعضاء بمجمع البحوث الإسلامية أجازوا توثيق الطلاق، من خلال دراسة لهم صدرت عام 2006، فالأزهر لا يبذل مجهود لمواجهة أزمات المرأة، نحن نحتاج إلى أبو حنيفة وشافعي جديد، فنحن مع مقاصد الشريعة لكن من قال لزامًا علينا أن نمشي على آراء فقهاء من آلاف السنين».

المصدر | الخليج الجديد + صحيفة إيلاف الإلكترونية

  كلمات مفتاحية

المرأة المصرية المرأة مصر تحرش حقوق حريات حرية المرأة الأزهر المجتمع المؤسسات الدينية