حروب إلكترونية كونية على الأبواب

السبت 27 ديسمبر 2014 07:12 ص

لم يثر عمل سينمائي ضجة سياسية تاريخية، كما فعل فيلم «المقابلة» الهوليوودي، الذي يتناول لقاء ساخرا مع رئيس كوريا الشمالية، يقود الى إغتياله. العمل استدعى اختراق قراصنة، يُعتقد أنهم من كوريا الشمالية، لأنظمة الحاسوب التابعة لشركة «سوني بيكتشرز» في الولايات المتحدة وتدمير ملفاتها وشلها. 

بل ذهب القراصنة الى تهديد دور السينما والجمهور، ما أجبر الشركة على سحب الفيلم مرغمة، ثم إعادة عرضه، على استحياء، بعد أن تدخلت الاستخبارات الأمريكية والرئيس أوباما شخصيا، معتبرا الهجوم عملا إرهابيا وتهديدا للأمن القومي للبلاد. 

عمليات القرصنة هذه، هي رأس جبل الحرب الإلكترونية العائم، الذي قد يطيح ـ دون إراقة دماء ـ بانجازات الدول. فأمريكا الغاضبة ترى أن من يستطيع أن يدخل الى عقر دار تكنولوجيا «سوني» ويعبث بها، قادر على أن يصل الى وسائط الاعلام وأنظمة الاتصالات والطيران والطرق، بل مراكز الارصاد، ومن يستطيع أن يصل الى ذلك، ليس مستبعدا أن يبلغ منظومة إطلاق الصواريخ وشل الدفاعات الاقتصادية والعسكرية.

من هنا يأتي رعب الإختراق الكوري الشمالي، والذي يمثل قصة نجاح معكوسة عن أفلام «جيمس بوند»، التي كانت مفخرة الرأسمالية الغربية في وجه الشيوعية. 

رئيس المخابرات السابق في كوريا الجنوبية قدر أن عدد القراصنة المحترفين في كوريا الشمالية يبلغ ثلاثة آلاف شخص، يتم ارسالهم للدراسة في الصين وروسيا اللتين تملكان جيوشا ألكترونية تعمل في الخفاء. تماما كما تعمل الولايات المتحدة باعتراف هاربها الأكبر إدوارد سنودين، الذي اعترف بتجسس بلاده على حلفائها كلهم، سياسيا واقتصاديا وعسكريا.

وفي عام 2013، شن قراصنة هجوما عطل دخول موقعي صحيفتي «نيويورك تايمز» و«هفنغتون بوست». كما نجح القراصنة في وضع روابط خاصة على مواقع صحيفة «واشنطن بوست»، و«سي أن أن»، ومجلة «التايم».

والخشية الكبرى هي السعي الحثيث لبعض الدول إلى الحصول على الأسرار العسكرية والأمنية لدول أخرى عن طريق التجسُّس الإلكتروني، ما يتيح لها معرفة خططها العسكرية والإستراتيجية وإحباطها أو تدميرها معلوماتيا.

الحرب الإلكترونية لم تعد خيالا علميا إذا، بل واقعًا يهدّد الجيوش. ففيروس «ستاكسنت» الذي ضرب برنامج إيران النووي في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي وأدَّى إلى إيقاف الآلاف من أجهزة الطرد المركزي الخاصة بتخصيب اليورانيوم مثال حي، قد يحتذى. 

كما أن قصة نجاح جوليان آسانج ومؤسسي «ويكيليكس» وهم مزيج من المنشقين الصينيين والصحافيين والرياضيين والتقنيين المبتدئين لشركات في الولايات المتحدة وتايوان وأوروبا وأستراليا وجنوب أفريقيا تنبئ بارهاصات هذا النوع الجديد من الحروب. 

ولعل كيفن ميتنك، المخرب الأمريكي الأعظم، الذي اخترق معظم أنظمة شبكات الاتصالات ووصل الى البنتاغون الأمريكي كان قادرا – حسب المحققين الأمريكيين باتصال هاتفي واحد – على وضع البلاد في حالة استنفار قصوى استعدادًا لحرب عالمية ثالثة، بفضل قدرته على اقتحام أخطر المواقع عبر شبكات الكمبيوتر والهاتف. 

في المقابل بدأت إختراعات تجييش «الإنترنت» تتوالى في دول معظمها ديكتاتورية في ما بات يعرف مثلا بـ»الجيش الإلكتروني السوري»، الذي اخترق مواقع إعلامية غربية، و«الجيش المصري الإلكتروني» الذي إخترق موقع وزارة الاتصالات الإسرائيلية، و«الجيش الإلكتروني الليبي» و»الجيش الإلكتروني للدفاع عن السودان» وغيرها. 

كما لا تفوت قصة النجاح المرعبة في استغلال منظمة «القاعدة» لشبكات «الإنترنت» في تجنيد الأنصار وتنفيذ عملياتها الحربية في العالم، وهو ما ورثته عنها «داعش» بطرق أكثر دهاء وأمضى، قد تقود الى حروب دون صواريخ او دبابات أو قاذفات بعيدة المدى. سيكون تأثيرها ربما أقوى من تأثير الجيوش التقليدية. وستخبرنا الأيام إن كان هذا السيناريو القيامي واردا.

 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الحروب الإلكترونية قراصنة وسائل الإعلام أنظمة الطيران جيوش إلكترونية ويكيليكس

«البنتاغون» تبني قوة مهام سيبرانية بتكلفة 1.9 مليار دولار