هل كان خطاب الأمير تميم «نقطة تحول» في أزمة قطر؟

السبت 29 يوليو 2017 01:07 ص

ألقى أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» خطابه الأول في 21 تموز / يوليو الماضي منذ أن قطعت الكتلة الرباعية المكونة من (البحرين ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة) علاقاتها مع الدوحة الشهر الماضي. وفى خطابه الذي استمر 17 دقيقة، أعلن الأمير أن بلاده مستعدة لإجراء محادثات تهدف إلى حل الخلاف الذي استمر سبعة أسابيع، بيد أنها لن تتخلى أبدا عن حقوقها كدولة مستقلة ذات سيادة.

وأكد العاهل القطري أن كل شيء يجري كالمعتاد في بلاده رغم الحصار. وأعلن أن الأزمة الحالية جعلت القطريين أكثر استقلالية ومرونة. وأوضح الأمير أن دول الحصار شنت حملة تشويه لم يسبق لها مثيل ضد الإمارة. وشمل خطاب الزعيم القطري رسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني، مدينا إغلاق المسجد الأقصى.

وبينما ألقى الأمير خطابه، بدا أن هناك نقطة تحول إيجابية في أزمة قطر. أولا، حولت دول الحصار تركيزها من قائمة تضم 13 مطلبا إلى ستة مبادئ أساسية تتناول مكافحة التطرف والإرهاب. وثانيا، أصدر الأمير مرسوما قبل يوم واحد من خطابه وضع معايير جديدة لتعريف الإرهاب، وقمع تمويل الإرهاب.

ومع ذلك، استجاب عدد كبير من المسؤولين الحكوميين والمعلقين السياسيين في دول الحصار بسرعة وسلبية لخطاب الأمير، ورفضوا ذلك كأساس لحل الأزمة. في الواقع، وفي يوم خطاب الأمير، تحدث ممثل مصر لدى الأمم المتحدة في اجتماع لمجلس الأمن متهما قطر بمواصلة رعاية المتطرفين. في اليوم التالي، أعلنت دولة الإمارات أن قطر سوف تحتاج إلى تغيير سياساتها قبل فتح أي حوار دون تحديد أي من هذه السياسات. وفي 25 يوليو / تموز، أعلنت دول الحصار عن تسمية تسعة كيانات من (وسائل الإعلام الليبية واليمنية والجماعات والمنظمات الخيرية) وتسعة أفراد (جميعهم من الليبيين والقطريين واليمنيين) على أنهم إرهابيون بسبب صلاتهم المزعومة مع المتطرفين في العديد من الدول العربية. ومن المؤكد أن هذا سيكون حجر عثرة آخر لتقريب جانبي هذا الصدع من المفاوضات.

في نهاية المطاف، يتجلى الصراع إلى حقيقة أنه لا تزال هناك خلافات جوهرية حول من هو إرهابي في الشرق الأوسط، ومن هي المجموعات والحركات الإقليمية المتطرفة. والواقع أن علاقات قطر مع جمهورية إيران الإسلامية والإخوان المسلمين وحماس والفصائل الإسلامية السنية الأخرى ليست جديدة، إلا أن هذا الخلاف المستمر قد يستمر ما لم تصل الأطراف المعنية إلى مصالحة يستوعب فيها الجانبان الهوامش المشروعة للآخر ويجدون أرضية مشتركة فيما يتعلق بصعود إيران والإسلام السياسي.

وإذا لم يتبع خطاب الأمير «تميم» بفصل جديد من الحوار الصادق للتوفيق في أزمة قطر، فإن مستقبل مجلس التعاون الخليجي على المدى البعيد سوف يصبح قاتما وسيصبح التفكك نتيجة محتملة على نحو متزايد. وقد أثبت القطريون أنهم قادرون على التغلب على الأثر الاقتصادي لجزاءات دول الحصار مع تأمين الدعم من القوى الغربية والكويت وعمان وإيران وتركيا وعدد من الدول الآسيوية. إن المستوى الحالي للضغط على الدوحة لن يؤدي على الأرجح إلى استسلام دولة قطر. وفي حال عدم قيام الدوحة بتغييرات لاستعادة العلاقات مع الكتلة السعودية الإماراتية، فإن «الانقسام»، كما حذر كبير الدبلوماسيين الإماراتيين الشهر الماضي، قد يصبح التطور الرئيسي التالي في أزمة قطر.

تأسس مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، وهي مبادرة تقودها السعودية وتهدف إلى حماية مشايخ شبه الجزيرة العربية من التهديدات الخارجية، وخاصة من إيران. لكن الزمن تغير كثيرا. فخلال السنوات الأولى للمجلس، لم تكن قطر والإمارات دولتين غنيتين ولم تكونا جغرافيا وسياسيا مؤثرتين في الشرق الأوسط، وكانت السعودية لاعبا مهيمنا في المجلس وفي العالم العربي بشكل عام. ومع ذلك، فإن أعضاء مجلس التعاون الخليجي ينقسمون اليوم فيما يتعلق بروايات مكافحة الإرهاب وردود الفعل على النشاط السياسي الشعبي في المنطقة.

وكما أكد أمير قطر في كلمته، فإن بلاده لا تتصور وجود مجلس خليجي في المستقبل يجب أن يتفق فيه جميع الأعضاء على جميع القضايا. وبافتراض أن الدوحة ترفض قطع علاقاتها مع مجموعة من الجهات الفاعلة التي تصنفها حكومات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى كمنظمات إرهابية، ومع محافظة أبو ظبي على سياستها الخارجية المناهضة للإسلاميين، ستستمر معركة الرواية بين دول مجلس التعاون الخليجي حول الإرهاب، والسؤال هو إلى متى يمكن للدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي أن تعمل ككتلة مع مثل هذه الاختلافات؟

المصدر | جورجيو كافييرو - لوبيلوج

  كلمات مفتاحية

أمير قطر خطاب تميم حصار قطر